ماذا يحتاج طارق ثابت لاستعادة بريق الترجي التونسي

أغلقت الهيئة المديرة لنادي الترجي الرياضي التونسي أحد أهم وأبرز الملفات الساخنة وذلك بتثبيت المدرب طارق ثابت لمواصلة قيادة الفريق في قادم المواعيد المحلية منها والقارية، وبالتالي التراجع رسميا عن التعاقد مع مدرب أجنبي. وتأتي هذه الخطوة أمام التحول والتطور الكبيرين اللذين شهدهما أداء زملاء ياسين مرياح في المقابلات الأخيرة التي تسلم خلالها المدرب الجديد المقاليد الفنية بصفة مؤقتة.
تونس - أسكتت إدارة الترجي الرياضي التونسي العديد من الأصوات التي نادت بالتخلي عن المدرب المؤقت للفريق طارق ثابت والبحث عن مدرب أجنبي يكون قادرا على استعادة بريق العملاق التونسي والذي خفت بشكل لافت في المدة الأخيرة سواء على المستوى المحلي أو القاري، وذلك بحسم ملف القائد لكتيبة الفريق الأحمر والأصفر بتثبيت المدرب طارق ثابت للإشراف على المقاليد الفنية للفريق في قادم المواعيد، وبالتالي نجحت الإدارة في غلق واحدا من أبرز الملفات الشائكة. وبالتالي يبقى السؤال مطروحا ماذا يحتاج ثابت لإعادة هيبة الترجي وتصحيح مساره؟
لا شك أن أي كادر فني يحتاج إلى العديد من عوامل النجاح وكذلك إلى أرضية سانحة للتطوير وتنفيذ مشروعه التدريبي على الوجه الأكمل، وهذا ما أكدته إدارة الترجي في كل المواعيد. وبالتالي فإن ثابت سيجد كل ممهدات العمل وسبل النجاح لتحقيق أحلام الجماهير العريضة للنادي. وإدارة الرئيس حمدي المدب متعودة على توفير ظروف مواتية للتفوق فما بقي بيد ثابت سوى أن يعمل على أن يكون في مستوى هذه الثقة التي منحته إياها الهيئة المديرة للترجي.
المدرب الجديد يطالب الجماهير بالمزيد من المساندة والتشجيع من أجل إنقاذ سمعة فريق باب سويقة وإثبات جدارته بالتموقع على أعلى هرم الكرة العربية والأفريقية. ويرى العديد من الفنيين أن الترجي كان صائبا في إعطاء الفرصة كاملة لابن النادي باعتباره عاش فترات تاريخية داخل جدرانه وحقق معه العديد من التتويجات، وباعتباره سيكون عارفا بخفايا وأجواء الفريق.
◙ لتعويض طارق ثابت في خطة مدير رياضي تعاقد الترجي مع المدرب الفرنسي بيرنارد سيموندي
وكل ذلك بالتأكيد سيكون حافزا إضافيا أمام ثابت لتنفيذ مشروعه الرياضي وإثبات علو كعبه بتسلم القيادة الفنية لعملاق في حجم الترجي. وأُقصي نادي الترجي التونسي من مسابقة الدوري الأفريقي “أفريكان ليغ” لكرة القدم في نسختها الأولى، بعد الخسارة بركلات الترجيح ضد الوداد البيضاوي المغربي في مباراة الإياب التي انتهت في وقتها الأصلي بفوز الفريق التونسي بهدف نظيف.
ورغم مرارة الخروج من المسابقة، فإن إدارة نادي الترجي حسمت رسميا مستقبل مدرب الفريق طارق ثابت وقررت المحافظة عليه في مهامه حتى نهاية الموسم الحالي. وثابت في الأصل هو المدير الرياضي للفريق قبل أن يقوده بشكل مؤقت منذ استقالة المدرب السابق معين الشعباني، لكنه نجح في تغيير وجه الترجي خلال ظرف زمني قصير، وهو ما جعل رئيس النادي يقرر تثبيته كمدرب أول.
أكد طارق ثابت أنه سعيد بثقة الهيئة المديرة للترجي الرياضي التونسي بتثبيته في خطة مدرب أول لفريق أكابر كرة القدم، مبينا أن التعيين يعد لحظة فارقة في مسيرته الرياضية وذلك بعد أن تقمص ألوان شيخ الأندية التونسية لسنوات طويلة كلاعب.
وتوجه ثابت بالشكر لجماهير الترجي لمساندتها فريقها في مباراة الوداد الرياضي المغربي لحساب إياب الدور نصف نهائي للدوري الأفريقي لكرة القدم، متحسرا على عدم بلوغ المباراة النهائية للمسابقة بكيفية مشابهة لسيناريو نهائي رابطة الأبطال الأفريقية لسنة 1999 أمام الرجاء البيضاوي المغربي على حد تقديره. وقال في تصريحات إعلامية إنّ المشاركة في مسابقة الدوري الأفريقي أعلنت عن ميلاد فريق جديد بإمكانه المراهنة على لقب رابطة الأبطال الأفريقية، لافتا النظر إلى أنّ عملا كبيرا ينتظر المجموعة خلال الفترة القادمة من أجل بلوغ الأهداف المرسومة على الصعيدين المحلي والقارّي.
هيكلة جديدة
ووعد ثابت جمهور الترجي الرياضي التونسي بتقديم الإضافة والمزيد من تطوير مستوى الفريق من مباراة إلى أخرى وذلك بعد توفقه في بناء فريق قوي ومتكامل حسبما قال. ولفت إلى أنّ حجم المسؤولية سيتضاعف بعد تشجيع الجماهير لأداء اللاعبين عقب نهاية المباراة ورسالتها لهم في مشاهدة فريقها يخوض المباريات بروح انتصارية من أجل التموقع في أعلى المراتب المحلية والقارّية، على حدّ وصفه.
ولتعويض ثابت في خطة مدير رياضي، كشفت مصادر إعلامية أن إدارة الترجي تعاقدت مع المدرب الفرنسي بيرنارد سيموندي (70 سنة) الذي باشر فعلا مهامه، وسجل حضوره منذ بداية الأسبوع الحالي في مقر النادي، وستتمثل مهمته في الإشراف على التعاقدات وإعداد برنامج العمل للفريق الأول في المرحلة المقبلة.
ومرّ سيموندي بعدد من المحطات في العالم العربي، إذ قاد سابقا أندية عريقة مثل النجم الساحلي التونسي والنصر السعودي وأهلي الدوحة القطري وقسنطينة الجزائري ومنتخب المغرب الأولمبي بالإضافة إلى تجارب أخرى في فرنسا وأفريقيا.
يعيش نادي الترجي الرياضي التونسي مرحلة جديدة بعد تغييرات واسعة على صعيد الموارد البشرية؛ إذ يتطلع مجلس الإدارة، وبالتنسيق مع الإدارة الرياضية للفريق، إلى الاعتماد على وجوه مختلفة، وضخ دماء جديدة تقود الفريق في قادم الرهانات والمنافسات.
وفتحت قرارات النادي التونسي بتثبيت طارق ثابت مدربا أوّلًا للفريق، وتعيين مدير رياضي أجنبي مكانه الباب بشأن إمكانية مواصلة هيكلة الفريق، سواء بإبرام صفقات جديدة خلال فترة الانتقالات الشتوية المقبلة أو الاعتماد على بعض العناصر الحالية لنادي “باب سويقة”، والتخلي عن خدمات آخرين، ما يثير التساؤلات بشأن أبرز اللاعبين الذين سيستفيدون أو يتضررون من استمرار ثابت مع الفريق.
وأول المستفيدين من قرار استمرار ثابت هو لاعب الوسط معتز زدام، إذ كان من شبه المؤكد رحيله عن البطل التاريخي لتونس؛ لخروجه نهائيًّا من حسابات المدرب السابق معين الشعباني وأيضا مع عرضه للبيع خلال فترة الانتقالات الصيفية الماضية.
ومن المنتظر أن يطلب ثابت استمرار زدام مع الفريق، مع منحه فرصة الظهور في التشكيل الأساسي خلال الفترة المقبلة من الموسم الكروي الحالي، مع إمكانية أن يفتح المدرب المجال أيضا لبروز عدة مواهب شابة في التشكيل الأساسي، خاصةً لاعب الوسط غيث الوهابي والنيجيري أوغبيلو وأيضا المهاجم الغامبي كيبا سوي الذي شارك تحت قيادة ثابت خلال عدة مباريات الدوري الأفريقي.
وفي المقابل تحدث محللون عن إمكانية تهميش المهاجم محمد علي بن حمودة مع الترجي، في ظل المستوى المتواضع الذي ظهر به طيلة الموسم الحالي، إذ لم يتمكن من الظهور بنفس المستوى الذي قدّمه في مواسم سابقة، إذ اكتفى بتسجيل 3 أهداف فقط خلال آخر 30 مباراة خاضها في جميع المسابقات.
ويواجه الحارس صدقي الدبشي احتمال الخروج نهائيًّا من حسابات ثابت في الفترة المقبلة، مع رغبة المدرب في الاعتماد على حارس الخبرة معز بن شريفية والحارس الواعد أمان الله مميش. وهناك لاعبون آخرون قد يتضررون أيضا من استمرار ثابت وأبرزهم فاروق الميموني وزياد بالريمة.
وقبل انطلاق منافسات الموسم الجديد، وقّعت الإدارة على مخالصات مالية مع العديد من أبرز عناصر الفريق، في مقدمتهم لاعب الوسط المغربي صابر بوغرين والجناح الإيفواري دافيد كوفي والمدافع الأيسر حسام دقدوق ولاعب الوسط رشاد العرفاوي، إذ سمحت لهم بالرحيل إلى فرق أخرى، كما وافقت إدارة الترجي على بيع المهاجم النيجيري آنايو إيوالا ليكون العربي الكويتي فريقًا جديدًا له.
وعلى صعيد اللاعبين المخضرمين، قررت إدارة النادي عدم تجديد التعاقد مع أنيس البدري ومحمد علي اليعقوبي والإيفواري فوسيني كوليبالي الذي انتقل للعب مع السويحلي الليبي، وحمدو الهوني الذي انتقل لخوض تجربة احترافية جديدة مع الوداد المغربي.
سجل مقبول
كان لبعض عناصر فريق الشباب في النادي العاصمي نصيب من الغربلة الرياضية ورياح التغيير التي هبت في الصيف، حيث أعارت إدارة الترجي الثنائي محمد ريان الحمروني ووسيم القروي إلى مستقبل سليمان، والثلاثي مؤمن الرحماني ووائل الشايب وغسان المحيرصي إلى اتحاد تطاوين، وأشرف الجبري إلى الترجي الجرجيسي، كما سرّحت مالك المهيري إلى فانكوفر الكندي وعزيز الكناني إلى الاتحاد المصراتي.
أشرف طارق ثابت على الترجي إلى حد الآن في 5 مباريات، واحدة أمام الاتحاد المنستيري ضمن الرابطة المحترفة الأولى، وأربع في مسابقة الدوري الأفريقي أمام مازيمبي الكونغولي ذهابا وإيابا في ربع النهائي وأمام الوداد الرياضي المغربي ذهابا وإيابا في نصف النهائي.
◙ أول المستفيدين من قرار استمرار المدرب طارق ثابت هو لاعب الوسط معتز زدام، إذ كان من شبه المؤكد رحيله
ويعد طارق ثابت، صاحب الـ52 عاما، من أبرز رموز الترجي الرياضي ومنتخب تونس حيث ساهم كلاعب في تتويج فريق باب سويقة خلال تسعينات القرن الماضي وبداية الألفية بالعديد من الألقاب المحلية والإقليمية والقارية أهمها البطولة العربية 1993 وكأس أفريقيا للأندية البطلة في صيغتها القديمة 1994 والسوبر الأفريقي 1995 والكأس الأفروآسيوية 1995 والكأس العربية الممتازة 1996 وكأس الكونفدرالية الأفريقية 1997 وكأس الأندية الفائزة بالكأس 1998 إلى جانب خوضه نهائي رابطة الأبطال الأفريقية في مناسبتين متتاليتين أمام الرجاء البيضاوي 1999 وقلوب الصنوبر الغاني 2000. أما على الصعيد الدولي، فقد لعب مع منتخب نسور قرطاج 60 مباراة حيث شارك بالخصوص في نهائيات كأس أفريقيا للأمم في 4 مناسبات (تونس 1994 وجنوب أفريقيا 1996 وبوركينا فاسو 1998 ونيجيريا وغانا 2000 ومالي 2002) وفي نهائيات بطولة كأس العالم 1998 بفرنسا و2002 بكوريا الجنوبية واليابان.
وفي مشواره التدريبي، تولى ثابت الإشراف على أكثر من فريق تونسي على غرار مستقبل قابس والملعب القابسي وجندوبة الرياضية وترجي جرجيس ومستقبل القصرين فضلا عن خوضه عدة تجارب تدريبية في البطولة الليبية مع أهلي بنغازي وأهلي طرابلس وأولمبيك الزاوية إضافة إلى السلام اللبناني. كما كان مدربا مساعدا للمنتخب الوطني التونسي في بطولة كأس العالم 2006 بألمانيا مع الفرنسي الكبير روجيه لومير.
ورهان المدرب الجديد طارق ثابت سيكون صعبا، لكن العديد من الفنيين يرون أن أرضية النجاح موجودة خاصة بعد التعاقدات الجديدة وتقريبا تغيير كل المجموعة، وهو ما ظهر في الفترة الأخيرة لاسيما في مسابقة الدوري الأفريقي إذا بان بالكاشف أن الترجي استعاد بعضا من توهجه وكسب مجموعة موحدة قادرة على تحمل مسؤولية تقمص زي الفريق التونسي.
وكسب الترجي في الفترة الأخيرة التحدي ونجح في بناء فريق للمستقبل القريب والبعيد وهذا ما يضاعف مسؤولية الإطار الفني الجديد للحفاظ هذه المجموعة من أجل العودة إلى منصات التتويج والمراهنة على الألقاب محليا وقاريا وإقليميا، وبالتالي مواصلة كتابة التاريخ لناد في حجم وعراقة الترجي الرياضي التونسي.