نهب المساعدات أُولى علامات انهيار النظام العام في غزة

سكان القطاع يفقدون أمل إنهاء الحصار المشدد.
الاثنين 2023/10/30
ماء البحر لغسل الملابس

غزة - قاد نفاد الغذاء وفقدان الأمل في إنهاء الحصار المشدد الذي تفرضه إسرائيل على غزة سكان القطاع إلى اقتحام مقرات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) ونهب ما فيها من مواد أساسية، وهو ما ينظر إليه على أنه أول مؤشر على انهيار النظام في غزة.

وبعد أكثر من ثلاثة أسابيع على بدء الحرب وتشديد الحصار على غزة يجد سكان القطاع صعوبة في الحصول على أبسط مقومات الحياة من أكل وشرب ومرافق صحية. وبدأ سكان القطاع يستشعرون خطر نقص الغذاء وبطء الإمدادات عبر معبر رفح وهو ما يعزز المخاوف من الموت جوعا.

وتقول الأمم المتحدة إن غزة تحتاج يوميا إلى 100 شاحنة من المساعدات الإنسانية لكن منذ بدء الحرب لم تدخل إلى القطاع إلا 84 شاحنة. وأحكمت إسرائيل حصارها على غزة منذ 9 أكتوبر حيث قطعت المياه والكهرباء والمواد الغذائية عن القطاع الذي كان يخضع أصلا لحصار بري وجوي وبحري منذ تولي حركة حماس السلطة فيه عام 2007.

أيمن عقيل: لن يتم إنقاذ غزة إلا بوقف فوري لإطلاق النار
أيمن عقيل: لن يتم إنقاذ غزة إلا بوقف فوري لإطلاق النار

وقالت الأونروا الأحد إن الآلاف من سكان غزة اقتحموا مستودعات ومراكز توزيع المساعدات التابعة لها واستولوا على الطحين (الدقيق) و”مواد البقاء الأساسية”. وأضافت الوكالة التابعة للأمم المتحدة في بيان “هذه علامة مقلقة على أن النظام المدني بدأ في الانهيار بعد ثلاثة أسابيع من الحرب والحصار المشدد على غزة”.

ويقع أحد المستودعات في منطقة دير البلح التي تخزن فيها الأونروا الإمدادات من القوافل الإنسانية التي تعبر إلى غزة من مصر. وتوقفت إمدادات المساعدات المتجهة إلى غزة منذ أن بدأت إسرائيل قصف القطاع الفلسطيني ردا على هجوم دام شنته حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في السابع من أكتوبر الجاري.

وقالت الأونروا إن “الإمدادات في السوق تنفد، في حين أن المساعدات الإنسانية التي تصل إلى قطاع غزة على متن شاحنات من مصر غير كافية”، مضيفة أن النظام الحالي لإدخال القوافل الإنسانية إلى غزة “مهيأ للفشل”.

وتابعت “احتياجات المجتمعات هائلة، حتى لو كانت فقط من أجل البقاء على قيد الحياة، في حين أن المساعدات التي نتلقاها هزيلة وغير متسقة”. وأكدت الأونروا أن قدرتها على مساعدة الناس في غزة تقلصت تماما بسبب الغارات الجوية التي أدت إلى مقتل أكثر من 50 من موظفيها وتقييد حركة الإمدادات.

ورأى رئيس مؤسسة ماعت للتنمية والسلام وحقوق الإنسان بالقاهرة أيمن عقيل أن المسؤول الأول عن تهاوي الوضع الغذائي والصحي هو المجتمع الدولي، وليس إسرائيل فقط، واستمراره في الصمت على ما يحدث من إبادة جماعية يمثل خطرا.

وأوضح لـ”العرب” أن “النظامين الصحي والغذائي انهارا فعليا في غزة، والمساعدات لا يمكن لها أن تنقذ الوضع الراهن لأنها ستكون مسكنات ليس أكثر، والأهم أن تتحرك الجهات الدولية والمنظمات الحقوقية لفضح إسرائيل ومحاسبتها، ولن يتم إنقاذ غزة من الإبادة بسبب نقص الغذاء وتهاوي الوضع الصحي إلا بوقف فوري لإطلاق النار، والذي من الصعب تحقيقه طالما استمرت ازدواجية المعايير الدولية”.

ولفت إلى أن “ما يحدث للمساعدات التي تصل إلى المنظمات الأممية نتاج طبيعي للكارثة التي يعاني منها سكان القطاع، فالناس يبحثون عن الحد الأدنى من مقومات الحياة، وبالتالي يعد توظيف انهيار قطاعي الصحة والغذاء من جانب المؤسسات الحقوقية أداة ضغط قوية على إسرائيل لوقف الحرب بشكل فوري”.

وأعلنت مستشفيات في غزة أنها لم تعد قادرة على معالجة المرضى سواء من جراء تعرضها للقصف أو بسبب نقص الوقود والمعدات الطبية. وتوقف عن العمل 12 مستشفى من أصل 35، فيما قال الهلال الأحمر الفلسطيني الأحد إنه تلقى تحذيرات من السلطات الإسرائيلية لإخلاء مستشفى القدس في قطاع غزة على الفور، وأضاف في بيان على فيسبوك “منذ ساعات الصباح يشهد محيط مستشفى القدس غارات متواصلة أدت إلى تدمير المباني المحيطة به في محيط 50 مترا”.

بدورها أكّدت منظمة أطباء بلا حدود السبت أن بعض العمليات الجراحية تجرى بلا تخدير عام للمرضى بسبب نقص عقاقير التخدير. وفقد الفلسطينيون الأمل في تدخل دولي أو عربي يفرض على إسرائيل كسر الحصار والسماح بدخول المواد الغذائية والصحية إلى القطاع.

وقال رئيس المنتدى العربي الأوروبي للحوار وحقوق الإنسان في جنيف (حقوقي) أيمن نصري في تصريح لـ”العرب” أن “ندرة المواد الغذائية تجعل المواطنين يبحثون عن قوت يومهم جراء التشدد الإسرائيلي في دخول المساعدات إليهم، ولا يمكن لوم أحد على هذا الفعل سوى الاحتلال في ظل سياسات الموت البطيء التي ينفذها بحق الأبرياء، ومثل هذه الأنباء تسلط الضوء على حجم الأزمة الإنسانية في غزة”.

وشدد على أن الحديث عن اقتحام المستودعات أو سرقتها له مغزى في وقت يشهد فيه القطاع أوضاعا غير مستقرة، وفي هذه الحالة يمكن أن تفتح الأنروا تحقيقًا واسعًا للتعرف على هوية من قاموا بالسرقة وكيف يتم استغلالها وسد الثغرات التي قادت إلى حادث الاقتحام، لكن التطرق إلى الواقعة حاليا ينطوي على تشويه لصورة أهالي قطاع غزة الذين يواجهون حصاراً من جميع الاتجاهات.

وتابع قائلاً “الأمم المتحدة مسؤولة عن حجب المساعدات في المخازن دون توزيعها على المواطنين وسط الأزمة الطاحنة التي يمرون بها، ومن الضروري التعرف على مدى قيامها بالدور الإنساني المنوط بها من عدمه، وإذا كان هناك قصور فيجب أن تتدخل منظمات أخرى تضمن إيصال المساعدات إلى المحتاجين”.

اقرأ أيضا:

1