مؤلّف "إشكالية الخطاب الإعلامي" يرصد أسس الخطاب الطائفي ومخاطره

حامد شهاب
"إشكالية الخطاب الإعلامي.. الإعلام الطائفي أنموذجا" هو كتاب جديد صادر عن دار العرب للنشر، ألفه الكاتب والإعلامي والدبلوماسي المخضرم بدر فهد العنزي. وهو أطروحة دكتوراه، وقد راجعه الكاتب والأديب طلال سالم الحديثي.
تعد النزعة الطائفية سمة أساسية تفشت في مضامين الخطاب الطائفي في منطقتنا العربية، ومنها العراق الذي يعتبر أكبر نموذج لهذا الخطاب. وقد اتسع نطاقه في العراق بعد الاحتلال الأميركي عام 2003 ومازالت نيرانه تستعر في الصدور ويكاد يكون مخفيا أحيانا وفي أحيان أخرى يكون ظاهرا للعيان وبصورة تدعو إلى الرثاء والسخرية.
وقد وجد بدر فهد العنزي أن من المهم أن يصدر هذا الكتاب في هذا التوقيت ليلقي نظرة موسعة على أسس الخطاب الطائفي ومضامينه ومخاطره على المتلقي العراقي بصفة خاصة والعربي بصفة عامة، وهو يدرك كما يدرك الكثيرون أن هذا اللون المقرف من الخطاب الطائفي هو الذي أدى إلى الكثير من الكوارث والنكبات التي أصابت العراق والأمة العربية وعرضت مستقبل أجيالها لمخاطر التشرذم والانقسام.
والكتاب يفضح محاولات قوى إقليمية ودولية وصهيونية شجعت على التمادي في الخطاب الطائفي وأججت الانقسامات الطائفية، وكان من نتيجة تلك الرياح الصفراء أن تعرّض الآلاف من العراقيين للقتل والاختطاف والتغييب القسري والاعتقالات بمختلف أشكالها، ورافقتها عمليات تغيير ديمغرافي خطيرة مزقت الكيان العراقي وقسمته إلى كانتونات طائفية.
وقد شهدت العاصمة بغداد منذ عام 2003 محاولات غاية في الخطورة لتحويل أحياء كثيرة إلى تجمعات طائفية، وبخاصة الفترة من 2005 حتى 2020 حيث أصبحت سمة أساسية من سمات المجتمع العراقي رغم رفض الملايين من العراقيين لتوجهاتها، وقد عدوها آخر مرحلة عصفت ببلدهم وأدت إلى كل الانهيارات الكثيرة في بنيته وكيانه ذي التوجه العراقي العروبي الإسلامي المعتدل وليس المتطرف المقرف الذي حصد العراقيون ويلاته على مدى عقدين من الزمن، وكانت تعد بمثابة الفترة المظلمة في تاريخ العراق.
وبدر فهد العنزي واحد من الزملاء الذين وجدوا في العمل الإعلامي ومن ثم العمل الدبلوماسي أحد الروافد التي أجادوا فيها؛ فقد شكلت كيان شخصيته منذ سني شبابه الأولى وقد طور عمله الإعلامي وارتقى به من خلال مجلات عربية منذ الثمانينات والتسعينات وبخاصة مجلة "كل العرب" التي كانت تصدر من باريس، واشترك في إدارة مؤسسات إعلامية كثيرة، وعمل مراسلا لها ومن ثم تولى إحدى مهام إدارتها مع زملاء آخرين من خريجي الإعلام في نهاية السبعينات وبداية الثمانينات.
وعمل عام 1978 دبلوماسيا في البحرين ومن ثم في السعودية لغاية 1985. وعين من قبل السفير كمعاون للمستشار الإعلامي في السعودية وطلب منه تولي مسؤولية الدائرة الثقافية. وأقام علاقات واسعة مع الصحف والصحافيين والإعلاميين البارزين في كل من البحرين والسعودية، إضافة إلى الأساتذة والطلبة العراقيين في تَيْنك الدولتين.
وتوسعت علاقاته أكثر في مرحلة الثمانينات بحكم عمله دبلوماسيا ومعاونا للمستشار الإعلامي لغاية 1985 وكذلك دراسته البكالوريوس في قسم الإعلام بالكلية لاحقا في نفس العام، وأصبحت علاقته بالوسط الصحفي والإعلامي واسعة جدا. كما أسهم أثناء وجوده بقسم الإعلام في الكتابة في جريدة الإعلام الخاصة بالقسم وكتب عدة موضوعات فيها خلال فترة إصدارها.
وبعد عام 1992 تفرغ للعمل في مركز البحوث والدراسات، وشارك عضوا في العديد من اللجان الإعلامية إلى غاية 2003، وخلال هذه الفترة كتب العديد من البحوث والدراسات وشارك في المؤتمرات الإعلامية والثقافية وعمل على إكمال الدراسات العليا فأكمل شهادتي الماجستير والدكتوراه. ومازال يرفد العمل الإعلامي بالكثير من الملاحظات التي تهدف إلى كشف مضامين الإعلام والغوص في أعماق توجهاته وأهدافه الدعائية.
وعمل قبل سنوات في سوريا كمدير للإعلام والعلاقات في عدد من الجامعات الخاصة، منها الجامعة السورية الخاصة وجامعة الرشيد الخاصة في دمشق، كما عمل مؤسسا وعضوا وبعد ذلك رئيسا لمجلس المديرين للجامعة العربية الخاصة للعلوم والتكنولوجيا في محافظة حماه، وعمل في جامعات سورية أخرى وأسهم في إدارة بعض مهامها، ومن مهامه بعد الدكتوراه أنه أشرف على عدد من رسائل الماجستير وأطروحات الدكتوراه وترأس لجان مناقشاتها وشارك في مناقشة الرسائل والأطروحات.
كل تلك المؤهلات أسهمت في بلورة شخصية الرجل وفي أن يغوص بعيدا في مسيرة الإبداع الإعلامي ويترك فيها بصماته، وهو مازال أحد المهتمين بمضامين الخطاب الإعلامي وتوجهاته وله إسهام كبير فيه. لذلك يمكن اعتبار الكتاب إضافة نوعية للمكتبة العراقية والعربية.