خبراء ينادون من أبوظبي بدور التاريخ الشفوي في تقارب الحضارات

المؤتمر يركز على أهمية استدامة الموروث والتعامل معه بحيوية وفاعلية لتنمية الكنوز البشرية في واقع تكنولوجي متغير.
الجمعة 2023/10/27
المؤتمر فرصة حقيقية من أجل تبادل الخبرات

أبوظبي – أشاد المشاركون والحضور باهتمام الأرشيف والمكتبة الوطنية الإماراتي بالتاريخ الشفاهي وإضفاء الطابع العلمي والمنهج التاريخي عليه، وبأهمية جلسات مؤتمر الإمارات الدولي الثاني للتاريخ الشفاهي الذي نظمه الأرشيف والمكتبة الوطنية تحت شعار “ذاكرتهم تاريخنا: استدامة المفاهيم والممارسات المتوارثة والمتناقلة شفهيا”.

وشهد المؤتمر حضورا مميزا من الخبراء والمختصين، ورواة التاريخ الشفاهي والمساهمين في جمعه وحفظه، من داخل الإمارات وخارجها، وامتازت جلسات المؤتمر بالأفكار الجديدة والمبتكرة التي حرصت على تأكيد أهمية جمع التاريخ الشفاهي وحفظه وإتاحته بالطرق التكنولوجيا الحديثة لكي يكون قريبا من أجيال الطلبة والشباب، وعلى أهمية إدخال بعض مخرجات التاريخ الشفاهي إلى مناهج الطلبة، وتدريبهم على جمعه وحفظه، وضرورة الاستفادة من الذكاء الاصطناعي ومخرجاته في هذا المجال الهام الذي يستكمل التاريخ المكتوب.

وأكد عبدالله ماجد آل علي، مدير عام الأرشيف والمكتبة الوطنية، في كلمته الافتتاحية، أن مؤتمر الإمارات الدولي الثاني للتاريخ الشفاهي جاء تعزيزا لنجاح المؤتمر الأول الذي أسهم في إثراء ذاكرة الوطن، موضحا أن الأرشيف والمكتبة الوطنية لم يقتصر على جمع المقابلات التي يجريها مع الرواة من كبار المواطنين والمقيمين وحفظها وإتاحتها، وإنما عمد إلى نقلها إلى الطلبة والشباب، وإلى المعنيين بهذا النوع من التوثيق، وقد أثرى المكتبة المحلية والعربية بسلسلة مجلدات (ذاكرتهم تاريخنا)، حتى غدت مقابلات التاريخ الشفاهي مصدرا نعتمد عليه في البحث عن المعلومة التاريخية الموثقة.

المؤتمر يبحث أوجه التقارب بين الحضارات، وتأكيد مساعي الإمارات لتقارب البشرية وتوثيق التاريخ المحلي والمشترك

ولفت إلى أن التاريخ الشفاهي ليس وليد اليوم والأمس، موضحا أنه مصدر مهم في عملية توثيق تاريخ الأمم والشعوب، كما أن شاهد العيان أوثق دليلا من شاهد السماع، مشددا على أهمية استدامة الموروث والتعامل معه بحيوية وفاعلية ليسهم في تنمية كنوزنا البشرية.

وأشارت الأكاديمية عائشة بالخير رئيس فريق التاريخ الشفاهي، مستشار البحوث في الأرشيف والمكتبة الوطنية، إلى أن مؤتمر الإمارات الدولي الثاني للتاريخ الشفاهي يبحث أوجه التقارب بين الحضارات، وتأكيد مساعي الإمارات لتقارب البشرية وتوثيق التاريخ المحلي والمشترك.

وكانت الجلسة الأولى من جلسات المؤتمر بعنوان “الموروث الشفاهي واستدامته… واستشراف المستقبل”، أدارتها الأكاديمية عائشة بالخير، وتحدثت فيها الأكاديميات نجيمة طاي طاي، وزيرة التعليم الوطني والشبيبة سابقا في المملكة المغربية، وضياء عبدالله خميس محمد الكعبي، رئيسة قسم اللغة العربية والدراسات الإسلامية في كلية الآداب بجامعة البحرين، وشيخة الجابري، مستشار إعلامي بمؤسسة التنمية الأسرية.

وتناولت طاي طاي دور المهرجان الدولي “مغرب الحكايات” في تثمين الكنوز البشرية والمساهمة في التنمية، مشيرة إلى أهمية الحكاية الشعبية في المغرب، ووجوب دخولها إلى المدارس، وأهمية التراث كوسيلة لتنمية المجتمع، وأهمية الإنصات إلى صوت التراث ودور الكلمة المروية وما تحمله من قيم ومحبة وسلام.

وتناولت ضياء عبدالله الكعبي تجربتها مع طلبة الجامعة في جمع الحكايات البحرينية باللهجة المنطوقة، مشيرة إلى ضرورة حفظ مرويات الأدب الشعبي، ورقمنة التراث، وترويجه واستثمار التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي في الأدب الشعبي والصناعات الثقافية، ووصول الحكاية العربية إلى الأرشيفات العالمية، ودخولها طيات التخصصات الأكاديمية.

أما شيخة الجابري فقد استعرضت جوانب من دور الإمارات في حفظ الموروث، وإستراتيجيات وصول صوت الماضي إلى الحاضر ونحو المستقبل، وعددت أهم المؤسسات التي تولي التاريخ الشفاهي والحكاية المروية الاهتمام، مشيرة إلى أن هذه المؤسسات تترجم على أرض الواقع جمع التاريخ الشفاهي وحفظه وإتاحته.

وفي ختام الجلسة الأولى كرم الأرشيف والمكتبة الوطنية فريق العمل في برنامج الشارة الذي تبثه قناة الإمارات، وفريق برنامج السنيار الذي تبثه قناة سما دبي لمساهمتهما الفاعلة في حفظ الموروث واستدامته.

وجاءت الجلسة الثانية بعنوان “عناصر وآليات وإجراءات أرشفة القصص الشخصية والحكايات” والتي أدارتها ميثا الزعابي، وشارك فيها الأكاديمي ديفيد بيرلخوي رئيس الجمعية الدولية للتاريخ الشفاهي في المملكة الإسبانية، وقد جاءت مشاركته افتراضيا وتحدث عن أحد المشاريع التي قام بها، وشرح أساليب جمع المادة العلمية من مصادر التاريخ الشفاهي.

وسرد الأكاديمي محمد شحاتة، العمدة مدير تحرير سلسلة الثقافة الشعبية – الهيئة المصرية العامة للكتاب بجمهورية مصر العربية، قصة الأميرة ذات الهمة، وعرض مادة متنوعة جمعت الغناء بالسرد التعبيري والسرد التصويري.

وجاءت الجلسة الثالثة بعنوان “مرويات تحكيها فنون الأداء” وأدارها ياسر النيادي في هيئة أبوظبي للسياحة، وشارك فيها كل من خالد البدور، شاعر وباحث من دولة الإمارات، والأكاديمي كارلوس جويدس ملحن وفنان وباحث في الموسيقى، من البرتغال، ورحاب الظنحاني الباحثة في التاريخ الشفاهي، من الإمارات.

فيما جاءت الجلسة الرابعة بعنوان “التأثير والتأثر بوسائل التواصل الاجتماعي”، وأدارتها شيخة الجابري، مستشار إعلامي بمؤسسة التنمية الأسرية، وشارك فيها خلفان مصبح الكعبي، إعلامي وباحث في التاريخ والتراث، من الإمارات، و كيم كاهو “جنة” المترجمة الكورية التي تجيد اللهجة الإماراتية، وخالد سليمان عبيد الهنداسي، الباحث وصانع المحتوى في التراث والهوية الوطنية، من الإمارات.

واختتم مؤتمر الإمارات الدولي الثاني للتاريخ الشفاهي الذي نظمه الأرشيف والمكتبة الوطنية بكلمة للأكاديمية عائشة بالخير، شكرت فيها جميع المشاركين والمتابعين، مؤكدة أن مخرجات هذا المؤتمر ستثري حقل التاريخ الشفاهي، وستجعل منه همزة وصل بين الأرشيف والمكتبة الوطنية والمؤسسات والجهات الأخرى التي تهتم بهذا المجال، مشيرة إلى أن هذا المؤتمر فرصة حقيقية من أجل تبادل الخبرات والتجارب المميزة.

13