تجدد الجدل السعودي - المصري حول المنافسة الفنية من بوابة حرب غزة

تحول اعتذار الممثل المصري محمد سلام عن عرض مسرحيته في موسم الرياض إلى مادة للتراشق بين مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي حول الهدف من وراء الضجة التي تثار كل مرة بشأن الفعاليات الفنية في السعودية، وخاصة بين السعوديين ونظرائهم المصريين.
القاهرة - أثار قرار الفنان المصري محمد سلام الاعتذار عن المشاركة في بطولة مسرحية “قرار اصطناعي” قبل انطلاقها بخمسة أيام فقط، ضمن فعاليات النسخة الرابعة من موسم الرياض بالسعودية، معللًا السبب باستمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، حالة من الجدل وردود الأفعال المتباينة.
وتحول اعتذار سلام إلى معركة كلامية على مواقع التواصل الاجتماعي بشأن التنافس الفني بين الرياض والقاهرة على خلفية تحول السعودية إلى قبلة للفن العربي واستضافة كبار النجوم العرب والعالميين في نشاطاتها وفعالياتها الفنية والترفيهية، على حساب مصر التي عرفت منذ عقود بأنها عاصمة الفن العربي.
وعبر ناشطون سعوديون عن رفضهم للذريعة التي جاء بها سلام حيث قال إنه كان يتمنى أن يتم تأجيل أو إلغاء الموسم تضامنا مع غزة، متسائلين لماذا لم يطالب بإلغاء الحفلات والسهرات في مصر؟
واعتبر الكثير من الناشطين في تعليقاتهم على موقع إكس أن الهدف من وراء الضجة التي تثار كل مرة حول الفعاليات الفنية في السعودية هو تشويهها والإساءة إلى المملكة بسبب الغيرة الفنية من بعض الأصوات الحاقدة على النجاح المدوي للفعاليات على المستوى العربي والعالمي. وجاء في تعليق:
وكتب ناشط:
وقال آخر ساخرا:
ورأت مدونة:
وذهب البعض من المتابعين إلى اعتبار أن الاعتذار عن عروض ونشاطات فنية بعد إدراجها في البرنامج إساءة ومحاولة لإفشال الفعاليات، مطالبين هيئة الترفيه السعودية والمسؤولين عن النشاطات الفنية بعدم دعوة المعتذرين مجددا إلى المملكة التي تستقطب كبار النجوم في العالم، وقال أحدهم:
وفي الضفة المقابلة تباينت التعليقات وردود الفعل في مصر بشأن اعتذار سلام، فيما الانتقادات كانت أشبه بالعتب حيث نشر السيناريست سيد فؤاد تدوينة عبر حسابه الشخصي على فيسبوك جاء فيها “مع كامل احترامي لموقفك، لكن مهنيًا كان يمكن أن تعتذر عن العمل كما تفعل في أفلام ومسرحيات ومسلسلات كثيرة وتعيد لهم العربون، ولا تصنع حرجا للزملاء في نفس المسرحية أو مسرحيات أخرى. هذا رأيي”.
بدوره، أكد الناقد طارق الشناوي أنه ضد قرار اعتذار محمد سلام عن بطولة المسرحية، مشددًا على أنه نهج لا يجب تعميمه، وأنه كان من الأفضل أن يتصدى لبطولة المسرحية ويتبرع بأجره لفلسطين، وربما زملاؤه المشاركون له في العرض سيفكرون نفس التفكير. بينما غلب على التعليقات الأخرى التأييد لموقف سلام خاصة من حسابات محسوبة على الإخوان، معتبرة أن موقفه “مشرف”. ووجدت في الأمر فرصة لتوجيه سهام انتقاداتها للسعودية.
ويشير ناشطون إلى التراشق الإعلامي الذي سبق أن أثير بين كتاب وإعلاميي البلدين، والذي يعود بشكل أساسي إلى تباين في وجهات النظر بين مصر والسعودية حول أسلوب معالجة بعض القضايا الاقتصادية والسياسية التي تهم البلدين وخصوصا الاقتصادية. ورغم تهدئة الأمور لاحقا، إلا أن جذوة المشكلة بقيت مشتعلة تحت الرماد وتتحين الفرصة للاشتعال مجددا في أي منافسة بين البلدين.
ويعتبر الفن والإعلام من عناصر القوة الناعمة لمصر، وعبر الكثيرون عن مخاوفهم من أن تتحول السعودية إلى هوليوود العالم العربي من خلال مهرجانات الدراما والإعلام والسينما والحفلات الفنية وتسحب البساط من مصر التي لطالما اعتبرت نفسها قبلة الفن العربي.
وظهر التأثير الأكبر للانفتاح السعودي على الفن المصري في عدة مجالات وليس فقط في استقطاب النجوم المصريين للمشاركة في الحفلات والترويج للفعاليات، بل أيضا في استقطاب شركات الإنتاج المصرية وشركات الخدمات الفنية وجذب الأعمال المصرية للتصوير في السعودية، وهو ما اعتبره البعض تهديدًا كبيرًا للبنية الأساسية لصناعة الدراما والسينما في مصر. وذكرت مصادر مطلعة أن السعودية باتت تشترط على شركات الإنتاج التي تريد العمل فيها إنشاء مكاتب وفروع لها في المملكة حتى تستمر في نشاطها.
وظهر الاستياء المصري واضحا بعد الحفلات المتتالية للفنانين المصريين في السعودية، وطريقة تعبيرهم عن شكرهم وامتنانهم للسعودية ودورها في دعم الفن والفنانين؛ حيث ثارت مجددا ضجة على مواقع التواصل الاجتماعي وحدث هجوم شرس على الفنانين الذين شكروا الرياض، ومن أبرزهم الفنانة السورية أصالة نصري التي وصل الهجوم عليها إلى حد إلغاء حفلاتها في مصر بسبب ما اعتبره رواد مواقع التواصل الاجتماعي “تنكرا لفضل مصر عليها”.
ومع اشتداد الحروب الكلامية بين الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي حول المنافسة الإعلامية والفنية بين البلدين، تخرج العديد من الأصوات في مصر داعية إلى التهدئة ورفض ما يقال من أن السعودية تسحب البساط من تحت مصر، وتقول إن الفن العريق موجود في البلدين وليست هناك منافسة بين القاهرة والرياض، بل ثمة تكامل بين بلدين عربيين كبيرين لهما ثقلهما في المنطقة، وكان من بين هذه الأصوات الإعلامي عمرو أديب. لذلك اعتبر البعض أنه يميل إلى السعودية أكثر مما يميل إلى بلاده مصر.