"في مهب السرد" قراءة في روايات عربية يجمعها هاجس واحد

الجزائر - تحاول الباحثة الجزائرية فتيحة كحلوش في دراستها النقدية التي تحمل عنوان “في مهب السرد”، والصادرة عن دار خيال للنشر والترجمة بالجزائر، الإجابة عن جملة من الأسئلة، أبرزها متى تكون قراءة السرد شبيهة بالتواجد في مهب الريح، أو مهب العاصفة، مهب السرد؟ وهل هناك سرد غير حازم لا يحرك ولو نسيما قرائيا؟

وقد اشتغلت الأكاديمية كحلوش في الكتاب على نماذج روائية تحرك عواصف من القلق، والأسئلة الثقافية، والإنسانية، المتجلية في سرد راق ومحترف يمكن الاستلهام منه، كما طرحت نخبة من الأسئلة العلمية الحساسة في منجز قد تفضي قراءته إلى طرح المزيد من الأسئلة السردية والثقافية حول مدونة عربية ما تزال بحاجة إلى المقاربة بكل أوجهها.

وتؤكد صاحبة الكتاب في تصريح لها أنها اعتمدت لإنجاز الدراسة النقدية على مجموعة من الأعمال الروائية، وهي “الموت عمل شاق” للروائي السوري خالد خليفة، و”اليهودي الحالي” لليمني علي المقري، و”في ديسمبر تنتهي كل الأحلام” لأثير عبدالله من المملكة العربية السعودية، و”ذاكرة الجسد” لأحلام مستغانمي من الجزائر ورواية مواطنها الأزهر عطية بعنوان “يسار بن الأعسر”.

وتضيف المؤلفة أن “الكتاب عبارة عن قراءات وتأويلات في بعض الروايات العربية المعاصرة التي وضعها هاجس الحكي في مهب حياة اجتماعية وثقافية شائكة يطبعها ماض ثقيل، ومستقبل غامض، فراحت تبحث عن بعض التصالح مع الذات والآخر عبر الكتابة، بوصف هذه الأخيرة إمكانا وجوديا آخر يسمح في كثير من الأحيان بما لا تسمح به الحياة اليومية العربية المثقلة بالخيبة والانتكاسات”.

وتتابع “لكن هذه الروايات، إذ تفعل ذلك محققة لكتابها حرية الإقامة في الفضاء المشتهى، ترمي بدورها بالقارئ في مهب السرد، فتنقله بين عوالم قلقة ذات بنيات سردية متجاوزة للأنموذج المألوف، وهو ما ينقل عدوى القلق إلى القارئ الذي يجدد عبر تلك النصوص، عنفوان أسئلته عن الحياة والموت، والحب والعنف، والذات والآخر، والمركز والهامش، وما يرافق ذلك من أسئلة عن النوع الروائي وميتا سرديته في عالم يعاني من فرط الأشكال وضياع المعنى”.

وتقول المؤلفة “قد يتساءل القارئ عن المنطقة/ المنطق المشترك بين الأعمال موضوع المقاربة، وما الحيز الفكري أو الجمالي الجامع بينها؟ في الواقع كل متن من المتون السردية المقروءة يواجه على الأقل من الناحية الموضوعاتية ‘منطقة’ مختلفة، لكن ما يؤلف بين المختلف هو منطق قراءة الراهن العربي، وهو منطقٌ مستفز للقارئ حد التخلص من الاستفزاز ‘بالانكتاب’ عبر العمل؛ وفعل الانكتاب لا ينبني بالضرورة في حقل الانفعال ذي الطابع الاحتفائي لكنه أيضا لا ينفلت تماما من أسر المؤلف الذي يرمي بمتلقيه بعنف في مهب السرد”.

يشار إلى أن الأكاديمية فتيحة كحلوش، مؤلفة الكتاب، تشتغل أستاذة للأدب العربي بكلية الآداب واللغات بجامعة سطيف (شرق الجزائر)، وسبق لها أن أصدرت العديد من الكتب النقدية، أهمها “بلاغة المكان” عن دار الانتشار العربي بيروت، (لبنان 2008)، و”عزالدين المناصرة.. هوميروس فلسطين والأردن”، مؤلف جماعي (الأردن 2012)، و”الشعرية الفلسطينية.. نسقية العلامة وتحولات المعنى” (الأردن 2013)، و”محاضرات في تحليل الخطاب الشعري” (الجزائر 2015)، و”محاضرات في مناهج التحليل” (الجزائر 2015)، وغيرها.