الفلبين تتجه لإنهاء خلافها مع الكويت بشأن حظر سفر العمال

الكويت- أعلن الرئيس الفلبيني فرديناند ماركوس جونيور عن نية حكومته رفع الحظر الذي سبق لها أن فرضته على إرسال العمال الفلبينيين إلى الكويت، ردّا على مقتل العاملة المنزلية الفلبينية جوليبي رانارا بمنطقة السالمية مطلع العام الجاري.
ويثير القرار حالة من الارتياح في الكويت التي ما تزال رغم محاولة سلطاتها التخفيض في عدد العمال الوافدين إلى البلاد في إطار مشروعها لتعديل التركيبة السكانية، تعيش حالة من الارتهان الشديد للبلدان المصدّرة لهؤلاء العمال وخصوصا منهم المشتغلون في أعمال بسيطة ومرهقة ومنخفضة الأجر يرفض الكويتيون الاشتغال بها تحت أي ظرف.
وتأتي الفلبين ضمن أكثر بلدان العالم تصديرا للعمال إلى الكويت بما يقارب 268 ألف عامل غالبيتهم العظمى من عاملات وعمال المنازل.
وخلال السنوات الأخيرة تحوّل ملف عمال المنازل إلى مشغل رئيسي للحكومات الكويتية، وذلك بعد الأزمة الأولى التي نشبت سنة 2018 بين الكويت والفلبين بسبب العثور على جثة مشوّهة لعاملة فلبينية داخل براد في شقة مهجورة.
◙ التحول في مزاج وسلوكيات بعض فئات المجتمع الكويتي تجاه الوافدين ناتج عن طروحات متطرفة لسياسيين وقادة رأي
ومسّ تواتر حوادث الاعتداء على عمّال في الكويت بمن فيهم عمّال عرب، وكذلك التقارير عن حالات اضطهاد واستغلال لعاملات المنازل، بسمعة البلد ما جعل العديد من البلدان تفرض قيودا على سفر مواطنيها للعمل بالكويت.
وتقول جماعات حقوقية إن الكثير من العمال الوافدين يشتكون بشكل روتيني من تعرضهم لاعتداءات جنسية وحوادث اغتصاب واتجار بالبشر فضلا عن انتهاكات عقود العمل والإنهاء غير القانوني لتلك العقود.
ويعتبر مطلّعون على الشأن الكويتي أنّ التحول في مزاج وسلوكيات بعض فئات المجتمع تجاه الوافدين يأتي نتيجة ظهور طروحات متطرّفة من بعض السياسيين وقادة الرأي الكويتيين الذين يبالغون في التحذير من خطر اختلال التركيبة السكانية ويصبّون جام غضبهم على الوافدين ويحمّلونهم مسؤولية مختلف المشاكل التي ظهرت في البلد، متغافلين عن مساهمة هؤلاء في تطويره وبناء اقتصاده على مدى عقود من الزمن.
فطيلة تلك العقود لم تقتصر استعانة الكويت بالأيدي العاملة الأجنبية على الأعمال الهامشية التي لا تتطلب مهارات عالية، بل عوّلت عليهم أيضا في قطاعات حيوية مثل الصحة والتعليم وحتى القضاء.
وقبل سنوات تطورت الخلافات بين الفلبين والكويت بشأن اضطهاد العاملات الفلبينيات إلى طرد السفير الفلبيني بسبب ضلوع موظفي السفارة في مساعدة عمال على الهرب من أرباب عمل كويتيين كانوا يتهمونهم بسوء معاملتهم.
وسببت الخلافات مع مانيلا اضطرابا في سوق عمال المنازل بالكويت وأطلقت عمليات مضاربة واتجار غير مشروع ضاعفت من الكلفة المالية لهذا النوع من العمالة المطلوب بكثرة من قبل العائلات الكويتية.
وعبّر ماركوس جونيور عن تفاؤله بأن مشكلة العمالة مع الكويت سيتم حلها قريبا بالتعاون والتنسيق بين البلدين، معلنا أن الحظر على إرسال العمالة الفلبينية إلى الكويت سيتم رفعه.
ونقلت عنه وكالة الأنباء الفلبينية الرسمية تفاؤله بنتائج اللقاء القصير الذي جمعه مع ولي العهد الكويتي الشيخ مشعل الأحمد الصباح على هامش القمة التي عقدت قبل أيام في الرياض بين قادة دول مجلس التعاون الخليجي ودول رابطة جنوب شرق آسيا (آسيان).
وكانت الكويت قد علقت إصدار تأشيرات الدخول والعمل للفلبينيين في شهر مايو الماضي بسبب عدم امتثال الفلبين لاتفاقية العمل بين البلدين، وذلك بعد إجراء مماثل من مانيلا قبل ذلك بأشهر.
واعتبر الرئيس الفلبيني خلال لقاء مع وسائل الإعلام الفلبينية أن البوادر الإيجابية لحل الخلاف مع الكويت هي أحد نجاحات رحلته إلى المملكة العربية السعودية لحضور القمة.
وأضاف “أقول لزملائنا إن هذه الرحلة تستحق العناء لأننا أصلحنا المشكلة مع الكويت، وهذا أحد النجاحات التي يمكننا تسجيلها من هذه الرحلة”.
وبيّن ماركوس أنه تم الاتفاق خلال اللقاء على ضرورة العمل على عودة العلاقات بين الجانبين كما كانت، وحل الإشكاليات القائمة، واصفا اللقاء مع الشيخ مشعل بأنه “تطور مهم للغاية لأنه منذ بضعة أشهر اضطررنا إلى حظر إرسال العمالة إلى الكويت. وسينتهي ذلك وسنعود الآن إلى الوضع الطبيعي مع الحكومة الكويتية”.
وتنطوي عودة العمال الفلبينيين على مصلحة للكويت التي تظل في حاجة إلى العمال الوافدين رغم برنامجها لـ”تكويت” سوق العمل. كما تنطوي على مصلحة أكبر للفلبين التي يعتبر تصدير الأيدي العاملة إلى الخارج أحد قطاعاتها الاقتصادية المدرّة لحوالي 10 في المئة من ناتجها المحلي الإجمالي.