منعطف مصيري أمام البنوك المركزية لإثبات جدوى العملات الرقمية

العملات الرقمية للبنوك المركزية ستعمل على تحديث المدفوعات بوظائف جديدة وتوفير بديل عن النقود المادية والتي يبدو أنها في تراجع نهائي.
الاثنين 2023/10/23
لننتظر ونرى المفاجآت!

لندن - ينظر محللون إلى تحرك البنك المركزي الأوروبي الأربعاء المقبل لإنشاء برنامج تجريبي لعملة رقمية موحدة على أنه بداية لمخطط عالمي قد يمتد إلى تكتلات اقتصادية أخرى مثل مجموعة العشرين.

وسيكون المركزي الأوروبي أول مؤسسة نقدية غربية ذات وزن ثقيل تمضي قدما بهذا الاتجاه، في تحول جذري عن مواقف صناع القرار سابقا بعدم تبني خطوة كهذه كون انتشارها يضر بالنظام المالي العالمي.

وطرح عدد قليل من البلدان العملات الرقمية للبنوك المركزية، وتقوم الصين بتجربة نموذج أولي لليوان مع 200 مليون مستخدم، وتستعد الهند لتجربة، ونحو 130 دولة تمثل 98 في المئة من الاقتصاد العالمي تستكشف النقد الرقمي.

ويقول المؤيدون إن العملات الرقمية للبنوك المركزية ستعمل على تحديث المدفوعات بوظائف جديدة وتوفير بديل عن النقود المادية، والتي يبدو أنها في تراجع نهائي.

لكن تظل هناك تساؤلات قائمة حول السبب وراء كون العملات الرقمية للبنوك المركزية تمثل تقدما، مع انخفاض الإقبال عليها في دول مثل نيجيريا التي تبنتها، فضلا عن الاحتجاجات ضد خطط البنك المركزي الأوروبي، مما يظهر القلق العام بشأن التطفل.

جوش ليبسكي: السؤال الشامل كيف تحسّن التعاملات الرقمية النظام المالي
جوش ليبسكي: السؤال الشامل كيف تحسّن التعاملات الرقمية النظام المالي

ويتخوف مصرفيون من التكاليف ونزيف الودائع المحتمل، إذ يمكن للمتعاملين تحويل الأموال إلى حسابات البنوك المركزية.

في المقابل يتسلل القلق إلى الدول النامية من أن الدولار الرقمي أو اليورو أو اليوان، التي يمكن الوصول إليها بسهولة، يمكن أن تسبب فوضى في أنظمة هذه الدول.

وقال جوش ليبسكي، الذي يدير أداة تعقب عالمية للعملات الرقمية للبنوك المركزية في المجلس الأطلسي، لرويترز إن خطة المركزي الأوروبي “هي صفقة كبيرة للغاية، والكثيرون من بقية العالم يراقبون ذلك عن كثب”.

وأضاف أنه “واحد من أكبر البنوك المركزية، لذلك إذا توصل إلى إجابات لقضايا الخصوصية والأمن السيبراني والقدرة على استخدامها خارج الإنترنت، فسيكون لها تأثير كبير”.

وشعرت البنوك المركزية بالفزع قبل خمس سنوات عندما طرحت شركة فيسبوك خططا لعملة افتراضية تحت اسم “ليبرا” قبل أن تتخل عن المشروع في مطلع العام الماضي.

ومع ذلك لا يزال يتعين على صناع السياسات إقناع الكثيرين إقناعا تاما بفكرة أن هناك حاجة إلى العملات الرقمية للبنوك المركزية.

وقال فابيو بانيتا، عضو المجلس التنفيذي للمركزي الأوروبي الذي يشرف على عمل البنك الرقمي باليورو، إن ذلك سيساعد على “حماية العملة في المستقبل” ويقلل “الاعتماد المفرط على أنظمة الدفع لبطاقات الائتمان الموجودة في الأسواق الأميركية”.

لكن الخبراء لديهم بعض التحفظ ويدلون بآراء تعطي لمحة عن التحديات التي يمكن أن تواجه البنوك المركزية في التحول إلى التعامل بالعملات الافتراضية.

وقال لي برين، المدير الإداري للتقنيات المتقدمة في بنك باركليز والذي شارك في بعض العمليات، “ليس من الواضح بعد ما هو الشيء الذي يمكن القيام به من خلال عملات رقمية للبنوك المركزية بالتجزئة والتي لا يمكن تكرارها أيضا بأموال البنوك التجارية”.

ومع وجود خطط لبنك إنجلترا المركزي للجنيه الرقمي أكد برين أن “من المحتمل أن تكسر العملات المشفرة بعضا من وحدة المال”.

ويشير موقفه إلى خطر وجود نظام من مستويين إذا سمح للعملات الرقمية للبنوك المركزية بوظائف مختلفة أو قواعد الكشف عن بيانات الحسابات المصرفية.

◙ مجرد ركن صغير لمخزن تعدين العملة
◙ مجرد ركن صغير لمخزن تعدين العملة

والأمر الرئيسي غير المعروف حتى الآن هو ما إذا كان الاحتياطي الفيدرالي الأميركي (البنك المركزي) أو بنك اليابان المركزي سيطلقان عملتين رقميتين للبنوك المركزية بالتجزئة.

وربما تشكل الهند بيئة اختبار أكثر فاعلية من الصين، وذلك لأنه رغم أن كل عملاق آسيوي يضم أكثر من مليار نسمة، إلا أن الهند تتمتع باقتصاد أكثر انفتاحاً.

وعلى النقيض من ذلك يبدو أن كندا وبعض الدول الأخرى تضغط على المكابح، في حين أن معظم أولئك الذين يستخدمون العملات الرقمية للبنوك المركزية بالفعل لا يرون سوى القليل من الاهتمام.

وأظهرت بيانات هذا الشهر من جزر البهاما، التي أطلقت أول عملة رقمية في العالم خلال 2020، أن المعاملات الشخصية لساند دولار انخفضت بنسبة 11 في المئة خلال أول سبعة أشهر من 2023 بينما انخفضت عمليات تعبئة المحفظة أربعة أضعاف.

ووصفت ورقة بحثية لصندوق النقد الدولي في مايو الماضي التبني العام لعملة إي – نيرا النيجيرية بأنه “منخفض بشكل مخيب للآمال”، حيث لم يتم استخدام 98.5 في المئة من المحافظ مطلقًا.

واعتبر البنك المركزي النيجيري في إفادة لرويترز أن “مستوى اعتماد إي – نيرا الحالي يعكس المرحلة المبكرة من الوعي بالعملات الرقمية للبنوك المركزية”، مضيفًا أنه كان “متوافقًا” مع التوقعات.

لي برين: من المحتمل أن تكسر العملات المشفرة بعضا من وحدة المال
لي برين: من المحتمل أن تكسر العملات المشفرة بعضا من وحدة المال

وقال ليبسكي إن “هذا، إلى جانب الخيارات التكنولوجية التي يتخذها البنك المركزي الأوروبي والهند، يمكن أن يبدأ في تحديد معيار عالمي، كما فعلت الشركات في وقت مبكر من عصر نظام شريط الفيديو المنزلي”.

وأكد أن “السؤال الشامل” حول تطوير العملات الرقمية للبنوك المركزية هو “كيف يؤدي هذا إلى تحسين النظام المالي؟ وهذا هو جوهر الأمر حقًا”.

وتستخدم حوالي 90 في المئة من البنوك المركزية في العالم الآن أو تبحث أو تجرب عملات البنوك المركزية الرقمية.

وأغلبيتها لا تريد أن تتخلف عن عملات البيتكوين والعملات المشفرة الأخرى، لكنها تتصارع مع التعقيدات التكنولوجية.

وفي أكتوبر الماضي كشفت جمعية الاتصالات المالية العالمية بين البنوك (سويفت) أنها تبني شبكة دولية لتداول العملات المشفرة بين البنوك، في خطوة تهدف إلى تخفيف المخاوف من تداولها وتأثيرها على النظام المالي العالمي.

ووضع نظام سويفت مخططه لشبكة عملة رقمية للبنوك المركزية حول العالم بعد تجربة استمرت ثمانية أشهر على تقنيات وعملات مختلفة.

ونظرت التجربة، التي شاركت فيها البنوك المركزية لفرنسا وألمانيا بالإضافة إلى مقرضين مثل بنوك أتش.أس.بي.سي ويو.بي.أس وستاندارد شارترد، في كيفية استخدام العملات الرقمية للمؤسسات النقدية دوليا وحتى تحويلها إلى نقود ورقية إذا لزم الأمر.

وقال بو لي، نائب المدير العام لصندوق النقد الشهر الحالي، إن المقرض متعدد الأطراف “يساعد عشرات الدول في خطط العملات الرقمية للبنوك المركزية وقريبا سينشر دليلا إرشاديا”.

وأكد أن البنوك المركزية تبني ما تسميه منصة إكس.سي الخاصة بها، والتي تهدف إلى معالجة أو “تسوية” معاملات العملات الرقمية للبنوك المركزية.

10