"أجزاء من متاهة" البحريني راشد آل خليفة في صحراء الأهرامات

القاهرة - يشارك الفنان البحريني راشد بن خليفة آل خليفة في المعرض الدولي للفن المعاصر “الأبد هو الآن”، بنسخته الثالثة التي تقام تحت سفح أهرامات مصر في الجيزة، بتنظيم من “آرت دي إيجبت” بمشاركة 14 فنانا دوليا، وبرعاية اليونسكو، ووزارة السياحة والآثار، ووزارة الخارجية المصرية.
“أجزاء من متاهة” هو العمل الذي يشارك فيه الفنان راشد آل خليفة، وهو مجسم يبرز من الأرض بزوايا مختلفة ويتكون من 12 قطعة ويشغل مساحة 9 × 19 مترا، بارتفاعات متفاوتة تتراوح ما بين 2 و5 أمتار.
المجسم منقوشة عليه زخارف مستوحاة من كتاب “برج بابل”، للكاهن والباحث الألماني أثناسيوس كريشر، الذي كان مهتما بالحضارات القديمة الزائلة من خلال الجمع بين قراءته للإنجيل وملاحظات الرحالة.
مجسم يبرز من الأرض منقوشة عليه زخارف مستوحاة من كتاب "برج بابل"، للكاهن والباحث الألماني أثناسيوس كريشر
ويشير الكتاب إلى متاهة مفقودة تحت الأرض في جنوب مصر، ذكرت في الأساطير الإغريقية القديمة، ونشر فيه الباحث مجموعة من الرسومات والخرائط الافتراضية لهذه المتاهة، والتي استوحى منها الفنان راشد آل خليفة فكرته في تنفيذ العمل الضخم، المعبر عن تاريخ وحضارة مصر.
وفيما يزال الباحثون والمؤرخون وعلماء الآثار يبحثون عن المتاهة المفقودة التي لم يعثروا عليها حتى الآن، يأتي عمل الفنان راشد آل خليفة ليقول، في رسالة ضمنية، إن هذا المجسم الخارج من الأرض هو أكبر شاهد على وجود هذه المتاهة في بر مصر ومدينة الفيوم.
ويضم كتاب “برج بابل” توليفة واسعة لأفكار أثناسيوس كريشر حول الهندسة المعمارية واللغة والدين، وتم تخصيصه للإمبراطور الروماني ليوبولد الأول في القرن السابع عشر.
فيما يعد معرض “الأبد هو الآن” الحدث السنوي الأبرز لـ”آرت دي إيجبت”، والذي يقام في كل نسخة في موقع مصري تاريخي، لتسليط الضوء على التراث الثقافي، وربط فن ماضي مصر بفن القرن الحادي والعشرين.
ويهدف المعرض هذا العام إلى الترويج لمصر كوجهة سياحية وثقافية متميزة، وجذب أنظار العديد من محبي الفنون والتاريخ حول العالم، فيما يحظى بمشاركة فنانين معاصرين محليين ودوليين من مختلف أنحاء العالم، وسوف يقدمون أعمالا فنية مختلفة ومركّبة وصديقة للبيئة أيضا، تمزج ما بين الماضي والحاضر، وذلك في أشهر المعالم الأثرية في العالم وهي منطقة سفح الأهرامات الممتد تاريخها عبر 4500 عام، والموقع الآخر المصنف ضمن قائمة اليونسكو.
ووفق تصريحات لنادين عبدالغفار، مؤسسة “آرت دي إيجبت”، “هذا العام 2023، يسلط المعرض الضوء على مجموعة من الأعمال الفنية التي تعكس الأرض والتاريخ والبيئة والإنسانية، بطريقة معاصرة، لعدد من الفنانين المحليين والعالميين، ومن خلال الجمع بين هذه المجموعة الواسعة من الأعمال الفنية المبتكرة والمبدعة، ندعو إلى إشراك الجمهور العاشق لهذا النوع من الفن، لتجربة الفنون المعاصرة بطريقة جديدة، والتي تخلق لديه حالة من الفضول وتثري حسه الفني”.
وأوضحت عبدالغفار “بالرغم من نجاح المعرض بنسختيه الأولى والثانية، والذي شهد إقبالا غير مسبوق من الجمهور بمختلف الجنسيات، إلا أن هذا العام 2023 يشكل تحديا وحافزا لبذل المزيد من الجهد لإخراج المعرض بالشكل الذي يليق بنا وبسمعة ومكانة مصر أمام العالم، وتنفيذا لخطتنا الطموحة الخاصة بالترويج للفن المصري على الساحة العالمية وإبراز المواقع الأثرية المتميزة”.
الباحثون والمؤرخون وعلماء الآثار لايزالون يبحثون عن المتاهة المفقودة التي لم يعثروا عليها حتى الآن
يذكر أن الفنان راشد بن خليفة آل خليفة من رواد الحركة التشكيلية في البحرين حيث تمتد مسيرته الفنية لنحو خمسين عاما، تنوعت فيها أعماله بين الواقعية ثم الانطباعية وصولا إلى الفردية. وقد رسم أول لوحة له في سن الرابعة عشرة، وأقام معرضه الشخصي الأول في سن الثامنة عشرة، كما درس الفنون في جامعة برايتون في المملكة المتحدة.
راشد هو أول رئيس لجمعية البحرين للفنون التشكيلية والرئيس الفخري الحالي للجمعية. قام بالرسم على مدى 40 عاما مختلف اللوحات الفنية مثل الواقعية والانطباعية والتي تطورت تدريجيا إلى الفردانية تمهيدا إلى التجريدية. في لوحات الألفية الجديدة تحول من المناظر الطبيعية والرمزية إلى التجريدية واللون. ركز على جماليات ما بعد الحداثة باعتبارها نوعا من أنواع الفن، ولكن أعماله أبدا لا تعد ضمن ما بعد الحداثة.
مسيرته الفنية شملت أيضا استخدام الألوان الزيتية والمائية بأسلوب استشراقي تمثيلي بالإضافة إلى ألوان جريئة وتصميم مميز. لقد أنتج أعمالا فنية للمناظر الطبيعية والتصويرية والتجريدية على مر السنين بأسلوب غنائي ساحر. ما جعله يصل إلى هذا الحد هو جوهر عمله، والذي ينبع من حقيقة أن موهبته الطبيعية تمتزج مع التفاني في الممارسة وصقل المهارات الفنية الأساسية.
اليوم، يعتبر راشد بن خليفة آل خليفة أحد الفنانين الأكثر شهرة في المملكة. صدر كتاب حول تجربته الفنية بعنوان “راشد بن خليفة آل خليفة، 40 عاما من الرسم، من نفسه، بنفسه، لنفسه”. يركز الكتاب المكون من 160 صفحة على سيرة راشد الفنية من خلال وجهة نظر الرسام السويدي من أصل عراقي مضير أحمد.