"وفا" ترفع الحرج عن عباس بحذف الإشارة إلى حماس من تصريحاته

رام الله - نشرت وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية الرسمية “وفا”، الأحد، تصريحات للرئيس محمود عباس انتقد فيها سياسات حركة حماس، قبل أن تعود وتحذف الإشارة إلى الحركة من الخبر دون ذكر تفسير، ما أثار انتقادات واسعة للوكالة.
وجاءت تصريحات عباس التي نشرتها الوكالة الرسمية على موقعها الإلكتروني، خلال اتصال هاتفي بين الرئيس الفلسطيني ونظيره الفنزويلي نيكولاس مادورو، بحثا خلاله آخر تطورات الأوضاع في فلسطين. وتناقلتها وسائل الإعلام العربية والدولية.
وناقش الرئيسان مسألة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، في أعقاب عملية “طوفان الأقصى” التي أطلقتها كتائب القسام الجناح العسكري لحركة “حماس” على مستوطنات ومواقع إسرائيلية.
وكان يشمل تقرير الوكالة الأساسي حول الاتصال الهاتفي، فقرة ورد فيها “شدد الرئيس أيضا على أن سياسات وأفعال حماس لا تمثل الشعب الفلسطيني”، مضيفا أن منظمة التحرير الفلسطينية هي “الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني”.
وسائل الإعلام الفلسطيني في الضفة الغربية تدعم السلطة الفلسطينية، بحكم أن بعضها يتقاضى دعما مباشرا من السلطة
لكن بعد ساعات على نشر التقرير، والجدل والانتقادات الكبيرة على مواقع التواصل الاجتماعي، قامت الوكالة بتعديل التصريحات لتصبح “أكد الرئيس أن سياسات وبرامج وقرارات منظمة التحرير الفلسطينية هي التي تمثل الشعب الفلسطيني بصفتها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وليس سياسات أي تنظيم آخر”.
لكن حذف التصريحات التي أدلى بها عباس من قبل الوكالة قوبلت باستهجان وانتقاد واسعين.
ورأى متابعون أن الواقعة تمثل أحد أوجه التنافس الإعلامي بين حماس وفتح، إذ لم ترد الوكالة التي تعتبر إحدى أذرع الإعلام الموحد لمنظمة التحرير الفلسطينية، أن تثير الغضب الشعبي على رئيس السلطة في هذا الوقت الحرج الذي يعاني فيه الفلسطينيون من أسوأ الحروب التي مرت عليهم.
واعتبر هؤلاء أنه لا يفترض بالوكالة التي انطلقت عام 1972 واحتضنت كبار الكتاب والصحافيين، أن تتخلى عن مهنيتها في إطار المنافسة مع وسائل الإعلام التابعة لحماس على الرأي العام، خصوصا بالنظر إلى تاريخها العريق.
وشكلت الوكالة رافدا ومعينا للكثير من الإعلامين الذين تتلمذوا وتدربوا في وكالة الأنباء الفلسطينية وانطلقوا وعملوا في وكالات ومؤسسات إعلامية عالمية ومحلية.
التقلبات في الحالة التحريرية لوسائل الإعلام تؤكد تبعيتها للأحزاب التي تدعمها وتعمل على توجيهها وفق التطورات المحلية والإقليمية
وتتعرض “وفا” بين الحين والآخر لهجوم بشكل مباشر أو مبطن من باب المنافسة أو الاستهداف لقيادة ومؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية والتي ما زالت تجتهد بالدفاع عن استقلالية القرار الفلسطيني.
وشكل الإعلام الفلسطيني جزءا هاما من الانقسام الداخلي، منذ بدء الاقتتال ثم سيطرت حماس على قطاع غزة منتصف عام 2007. وعلى مدار السنوات اللاحقة، تحول الإعلام إلى جزء مهم في معركة الصراع الداخلي بين حركتي فتح وحماس، بحكم السياسات العليا التي ترسم وتحكم توجهات وسائل الإعلام على مختلف أنواعها المرئية والمسموعة والمكتوبة، وحتى من خلال شبكات التواصل الاجتماعي.
وتدعم وسائل الإعلام الفلسطيني في الضفة الغربية السلطة الفلسطينية، بحكم أن بعضها يتقاضى دعما مباشرا من السلطة، أو تميل إلى تأييدها في وجه حماس، أما في قطاع غزة، فتتبع معظم وسائل الإعلام الفصائل الفلسطينية، وخاصة حماس.
ولا يمكن الإشارة إلى إعلام مستقل في غزة، فيما يمكن الإشارة إلى ذلك في الضفة الغربية، ولكن مع “رقابة ذاتية” لصالح إرضاء السلطة وتجنب المواجهة معها.
الإعلام الفلسطيني يشكل جزءا مهما في معركة الصراع الداخلي بين حركتي فتح وحماس، بحكم السياسات العليا
ويعتبر محللون أن للصحافيين الفلسطينيين دورا بارزا في تشجيع ممارسات أفراد طرفي الانقسام وتبرير أفعالهم، إما بحكم أنهم جزء من الحزب السياسي، أو أنهم جزء من مؤسسة تابعة له أو قريبة منه.
وتملك وسائل الإعلام السابقة صفحات على شبكات التواصل الاجتماعي يتابعها الملايين وتحتوي جميعها على مواد تؤيد جهة على حساب أخرى.
ولا يمكن حصر المواقع الإخبارية التي تمثل وكالات أنباء، وأبرزها وكالة معا ومقرها الرئيسي في الضفة الغربية، ولها مكتب كبير في غزة، وهي وكالة مستقلة، لكنها تميل أكثر إلى تأييد السلطة الفلسطينية.
ويرى ناشطون أن وسائل الإعلام الفلسطيني موزعة ومملوكة لأطراف الانقسام، وهي جزء مهم من هذه الحالة، لقد غرقت في وحل الانقسام وهي تتحمل أيضا المسؤولية عما جرى في الكثير من الحالات عندما راحت تستقطب وتحرض، وتعمدت تبرير أفعال كل طرف وفقا لتوجهاتها السياسية.
ومع الزيادة الكبيرة في انتشار الإذاعات المحلية والمواقع وصفحات التواصل الاجتماعي ووجود انخراط واضح للصحافيين حتى أصبحوا من أدوات تبرير الانقسام، توزعت خارطة وسائل الإعلام وفقا لسياسات الأحزاب الفلسطينية.
وتؤكد التقلبات في الحالة التحريرية لوسائل الإعلام تبعيتها للأحزاب التي تدعمها وتعمل على توجيهها وفق التطورات المحلية والإقليمية.