الموت يغيب الإعلامية اللبنانية جيزال خوري بعد مسيرة مهنية ونضالية حافلة

بيروت - توفيت الإعلامية اللبنانية جيزال خوري فجر الأحد عن 62 عاما في بيروت إثر صراع طويل مع مرض السرطان، بعد مسيرة مهنية طويلة استمرت حوالي أربعة عقود وكانت خلالها من أبرز الأسماء في مجال الحوار السياسي التلفزيوني.
وقالت الممثلة رندة الأسمر مديرة مهرجان “ربيع بيروت” التابع لـ”مؤسسة سمير قصير” التي أسستها جيزال خوري، إن الإعلامية المخضرمة “توفيت فجر اليوم (الأحد) في منزلها محاطة بولديها”.
وأشارت إلى أن خوري، وهي صاحبة مسيرة إعلامية طويلة جعلتها من أبرز الصحافيات العربيات “كانت تُعالج في المستشفى خلال الأسبوعين الأخيرين بعدما تدهور وضعها الصحي فجأة إذ كانت تعاني السرطان منذ نحو عامين ونصف العام. ونُقلت إلى منزلها الجمعة بناء على طلبها”.
وأضافت الأسمر “كانت جيزال تحرص على ألا يشعر أحد بأنها مريضة. واصلت عملها وكانت مؤسسة سمير قصير الأعزّ على قلبها”.
خوري أسست سنة 2006 مؤسسة سمير قصير، وهي مؤسسة غير ربحية تسعى إلى نشر الديمقراطية في العالم العربي
وكان لخوري في الآونة الأخيرة برنامج بعنوان “مع جيزال” على محطة “سكاي نيوز عربية”، بعدما حاورت خلال مسيرتها أبرز الشخصيات اللبنانية والعربية من خلال برامجها على قنوات عربية مختلفة.
وُلدت جيزال خوري في الأشرفية بالعاصمة اللبنانية بيروت سنة 1961، وهي متحدرة من بلدة العقيبة الساحلية في قضاء كسروان شمال بيروت.
بعد دراسات في الإعلام والتاريخ، انطلقت مسيرة جيزال خوري الإعلامية على الشاشة الصغيرة عبر المؤسسة اللبنانية للإرسال (أل بي سي) بعيد افتتاح هذه القناة، وهي أول محطة تلفزيونية خاصة في لبنان، في منتصف ثمانينات القرن الماضي.
وقدمت على هذه الشاشة مجموعة برامج ثقافية ووثائقية وسياسية، من أبرزها برنامج “حوار العمر” في أواسط التسعينات، الذي حققت فيه نجاحاً كبيراً من خلال حواراتها مع بعض من ألمع الأسماء الفنية والثقافية والسياسية في لبنان والعالم العربي.
وقال رئيس مجلس إدارة المؤسسة اللبنانية للإرسال بيار الضاهر لوكالة فرانس برس إن خوري انضمت إلى “أل بي سي” عام 1981 خلال المرحلة التحضيرية التي سبقت افتتاحها، “لكنّ بدايتها الفعلية كانت في سبتمبر 1985، أي بعد نحو شهرين” من انطلاق بث المحطة.
وأضاف “كانت جيزال أساساً جريئة جداً وشفافة، تقول ما تفكر فيه، ولديها قضية هي حرية المجتمعات والشعوب”.
وتابع قائلاً “عندما بدأت في ‘أل بي سي’ حملت القضية الفلسطينية على كتفيها، وفي مطلع العقد الأول من القرن الحادي والعشرين أصبحت القضية اللبنانية هي الأساس بالنسبة إليها (…) وفي السنوات الأخيرة ركّزت على القضية السورية”.
ووصف الضاهر الراحلة بأنها كانت “امرأة مهنية لا تعني لها الشهرة شيئاً، بل كان المهم بالنسبة إليها أن يصل الصوت”.
وبعد حوالي عقدين على بدايتها في الشاشة اللبنانية، انتقلت خوري إلى قناة “العربية” الإخبارية بعيد افتتاحها عام 2003، وعملت فيها لسنوات عدة قدّمت خلالها برنامجي “بالعربي” و”ستوديو بيروت”.
وتابعت خوري مسيرتها التلفزيونية على قناة “بي بي سي عربي” اعتباراً من نهاية 2013، حيث قدمت برنامج “المشهد” الذي يسلط الضوء على بعض روايات شهود العيان الأكثر إقناعاً في التاريخ الحديث في الشرق الأوسط.
وحطت رحالها أخيراً في قناة “سكاي نيوز عربية” عام 2020، حيث قدّمت برنامجها الحواري “مع جيزال”.
نبأ وفاة خوري أثار سلسلة من رسائل التعزية أشاد أصحابها بميزات الصحافية الراحلة وكفاحها الطويل من أجل الحريات الإعلامية
وجيزال خوري أرملة الصحافي اللبناني سمير قصير، الذي اغتيل في الثاني من يونيو 2005.
وقد أسست سنة 2006 “مؤسسة سمير قصير”، وهي مؤسسة غير ربحية تسعى بحسب القائمين عليها إلى نشر الثقافة الديمقراطية في لبنان والعالم العربي وتشجيع الحريات.
وأشرفت خوري من خلال هذه المؤسسة على “جائزة سمير قصير لحرية الصحافة”، وهي مكافأة سنوية أُطلقت بدعم من المفوضية الأوروبية “تكريساً لحرية الفكر وتشجيعاً لحرية الصحافة”، ومُنحت للمرة الأولى في 2006 لمناسبة الذكرى السنوية الأولى لاغتيال قصير.
ونعت “مؤسسة سمير قصير” في رسالة على منصة إكس “بقلوب دامعة وعيون خاشعة”، إلى “الأصدقاء والأوفياء وعشّاق الحرّية، مؤسِّستها الحالمة ورئيستها الدائمة”، بعد “حياة من النضال والالتزام والإنجازات”.
وأثار نبأ وفاة خوري سلسلة من رسائل التعزية عبر الشبكات الاجتماعية، من إعلاميين ومشاهير ومستخدمين آخرين، أشاد أصحابها بميزات الصحافية الراحلة وكفاحها الطويل من أجل الحريات الإعلامية.
ونالت خوري، التي تحمل أيضاً الجنسية الفرنسية، خلال مسيرتها وسام جوقة الشرف الفرنسية من رتبة فارس.