الحرب في غزة تضيف مخاطر جديدة إلى الأسواق العالمية

أن اندلاع الصراع في الشرق الأوسط سيدفع محافظي البنوك المركزية إلى مواجهة اتجاهات تضخمية جديدة.
الثلاثاء 2023/10/10
دفاعات الأسواق تتزعزع

اعتبر خبراء أن عودة الحرب في غزة إلى الواجهة ستثقل كاهل الاقتصاد العالمي بأعباء جديدة هو في غنى عنها وستجعل الأسواق تحصي الثمن الباهظ الذي ستتكبّده، بينما يكابد صناع القرار النقدي لوضع حد للأزمات التي خلفها الوباء ثم النزاع في أوكرانيا.

لندن - أضافت الحرب بين حركة حماس وإسرائيل التي اندلعت نهاية الأسبوع الماضي محنة أخرى يشهدها الاقتصاد العالمي على الأصعدة المالية والنقدية وتفاقم الديون، وهو ما سيترك آثارا أكثر قسوة على اقتصادات الدول التي تعاني منذ أكثر من ثلاث سنوات.

ويرى محللون أن اندلاع الصراع في الشرق الأوسط سيدفع محافظي البنوك المركزية إلى مواجهة اتجاهات تضخمية جديدة فضلا عن توجيه ضربة للثقة الاقتصادية في وقت أعربوا فيه عن أمل متزايد في احتواء ارتفاع التضخم.

وأكدوا أن تطور الأحداث في المنطقة يزيد من احتمال نشوب صراع أوسع في الشرق الأوسط ويعزز الشعور بعدم الاستقرار العالمي، الذي أثارته الأعمال العسكرية الروسية قبل ما يقرب من 20 شهرا.

وثمة إجماع بين الخبراء على أن تأثير الحرب في غزة سيستغرق بعض الوقت حتى يصبح واضحا، وسيعتمد على مدة استمرار الصراع، ومدى حدته، وما إذا كان سينتشر إلى أجزاء أخرى من المنطقة.

أغوستين كارستينز: من السابق لأوانه تحديد ما التداعيات، لكن ثمة تأثير واضح
أغوستين كارستينز: من السابق لأوانه تحديد ما التداعيات، لكن ثمة تأثير واضح

ونسبت رويترز إلى أغوستين كارستينز المدير العام لبنك التسويات الدولية قوله في عرض تقديمي أمام الرابطة الوطنية لاقتصاديات الأعمال الاثنين “من السابق لأوانه تحديد” ما هي التداعيات، على الرغم من أن أسواق النفط والأسهم قد تشهد تداعيات فورية.

لكن الحرب لديها القدرة، على الأقل، على إضافة مجموعة من القوى لا يمكن التنبؤ بها إلى الاقتصاد العالمي الذي كان يتباطأ بالفعل.

ويبرز ذلك بوضوح في السوق الأميركية التي لا تزال تتكيف مع احتمال أن يحافظ الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي) على أسعار الفائدة المرتفعة لفترة أطول مما توقعه العديد من المستثمرين.

وتراجعت المؤشرات الرئيسية في بورصة وول ستريت عند الفتح الاثنين مع تفاقم الصراع بين حماس وإسرائيل، مما أدى إلى اضطراب الأسواق العالمية ودفع المستثمرين نحو أصول الملاذ الآمن، في حين قفزت أسعار النفط الخام أكثر من ثلاثة في المئة.

في المقابل، ارتفعت أسعار النفط أكثر من ثلاثة في المئة الاثنين، فقد زاد سعر خام برنت 2.7 دولار أو 2.2 في المئة إلى 87.28 دولار للبرميل، في حين سجل خام غرب تكساس الوسيط الأميركي 85.57 دولار للبرميل مرتفعا 2.78 دولار أو 3.4 في المئة.

وقال كارل تانينباوم كبير الاقتصاديين في نورثرن ترست إن “أي مصدر لعدم اليقين الاقتصادي يؤخر اتخاذ القرار، ويزيد من علاوات المخاطر، وخاصة بالنظر إلى تلك المنطقة وهناك تخوف بشأن المكان الذي سيفتح فيه النفط”.

مع احتدام الصراع في منطقة رئيسية منتجة للنفط، ستتم مراقبة رد فعل التجار واللاعبين الرئيسيين عن كثب لمعرفة ما إذا كان هناك ارتفاع آخر في الأسعار

وأضاف “ستتابع الأسواق أيضا ما تبدو عليه السيناريوهات”، وما إذا كان اندلاع أعمال العنف يتطور بشكل مختلف بعد عقود من عدم الاستقرار في الشرق الأوسط.

وتابع تانينباوم “سيكون السؤال هو هل هذا التكرار سيخرج التوازن على المدى الطويل من التوازن؟”.

ومن المرجح أن تتصدر المشاكل والقضايا ذات الصلة جدول أعمال القادة الماليين العالميين، الذين سيجتمعون هذا الأسبوع خلال اجتماعات الخريف لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي في مدينة مراكش المغربية.

وسيعمل القادة بكل جهد لتقييم الاقتصاد العالمي الذي لا يزال في حالة من التقلب العميق بسبب الوباء والنمو والتوترات التجارية.

وبالنسبة إلى البنوك المركزية، فإن ذلك يشكل معضلة حول ما إذا كان من المحتمل أن يؤدي إلى ضغوط تضخمية جديدة، فالمنطقة ليست موطنا لكبار منتجي النفط مثل السعودية والعراق فقط، بل لممرات الشحن الرئيسية عبر خليج السويس، وهي ضربة للثقة بأن الاقتصاد يتعثر.

وأشار مسؤولو المركزي الأميركي إلى ارتفاع أسعار الطاقة مؤخرا باعتباره خطرا محتملا على توقعاتهم لتخفيف التضخم تدريجيا، وقالوا أيضا إنهم يشعرون أن الاقتصاد الأميركي من المرجح أن يتجنب الركود في غياب نوع من الصدمات الخارجية غير المتوقعة.

كريم بسطة: الصراع يشكل خطرا على أسعار النفط والتضخم وتوقعات النمو
كريم بسطة: الصراع يشكل خطرا على أسعار النفط والتضخم وتوقعات النمو

ومع احتدام الصراع في منطقة رئيسية منتجة للنفط، ستتم مراقبة رد فعل التجار واللاعبين الرئيسيين عن كثب لمعرفة ما إذا كان هناك ارتفاع آخر في الأسعار، بينما سيظهر التداول في أسواق السندات والأسهم الأيام المقبلة كيف تتوقع الأسواق التداعيات المحتملة.

وفي دليل على ذلك شهدت السندات الحكومية المقومة بالدولار للأردن ومصر ولبنان تراجعا الاثنين في موجة بيع واسعة النطاق في المنطقة.

وفي حين سجلت سندات الأردن التي يحل موعد استحقاقها عام 2047 أكبر تراجع بمقدار سنتين وفقا لبيانات تريدويب، هبطت سندات مصر سنتا واحدا بينما هبطت سندات لبنان، الذي يتعثر عن سداد ديونه، بمقدار 0.7 سنت لما يزيد قليلا عن سبعة سنتات.

وقال كريم بسطة كبير الاقتصاديين في شركة كابيتال مانجمنت، إن “الصراع يشكل خطرا على أسعار النفط، ومخاطر على كل من التضخم وتوقعات النمو”، تاركاً للاحتياطي الفيدرالي مسألة تحديد ما إذا كان ارتفاع الأسعار أو تباطؤ النمو هو مصدر القلق الأكبر.

وكان مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي يراقبون بالفعل الارتفاع الأخير في عوائد سندات الخزانة الأميركية بحثا عن علامات ربما يكون المستثمرون قد دفعوا الظروف المالية إلى ما هو أبعد مما هو مطلوب لتهدئة التضخم، وزيادة خطر التباطؤ الاقتصادي الشديد.

وبقدر ما تزيد حرب إسرائيل وحماس المخاوف بشأن الاقتصاد العالمي، فمن الممكن أن تعكس هذا الاتجاه إذا اندفع رأس المال نحو الأمان النسبي لسندات الخزانة الأميركية، كما يحدث غالبًا في أوقات الأزمات المحتملة.

وينظر إلى انخفاض الفائدة في السوق في ظروف أخرى على أنه مصدر محتمل لتجدد التضخم، مما يشجع المستهلكين والشركات على الاقتراض والإنفاق، فإن السياق قد يؤدي إلى استنتاج مختلف مع التركيز على المخاطر على الاقتصاد من جراء حرب إقليمية جديدة.

11