سندات مصر الدولية تقترب من منطقة الخطر

القاهرة - حذر خبراء من أن سندات مصر الدولية، التي يجري بالفعل تداولها عند بعض أدنى مستويات السندات السيادية في العالم قد تتكبد المزيد من النزول إذا استمر الوضع دون استكمال تنفيذ إصلاحات.
وتعافت السندات السيادية للبلاد بالدولار الجمعة بعد أن تراجعت قليلا في أعقاب خفض وكالة موديز التصنيف الائتماني للبلاد إلى منطقة عالية المخاطر، مما يزيد الضغط على البلد الذي يعاني من ضائقة مالية مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية في ديسمبر المقبل.
وتظل مصر إحدى الدول النامية في المنطقة العربية مثل تونس ولبنان التي يُنظر إليها على أنها معرضة لخطر الوقوع في براثن مآزق اقتصادية. وخفضت وكالة موديز تصنيف مصر درجة واحدة من بي 3 إلى سي.أي.أي 1، وعزت قرارها إلى تدهور قدرتها على سداد ديون.
ويتم تداول بعض سندات الحكومة بنصف قيمتها الاسمية منذ مايو الماضي، ويعتقد محللون أن العامل الرئيسي الذي قد يحدد إمكانية عودة القاهرة إلى المسار الصحيح هو مقدار الدعم الذي تقدمه دول الخليج الغنية مثل السعودية.
وتعاني البلاد من أزمة اقتصادية طاحنة مع تضخم قياسي وديون حكومية ثقيلة وانخفاض في قيمة الجنيه، مما دفع المزيد من مواطنيها إلى البحث عن طرق محفوفة بالمخاطر للخروج من البلاد.
وأظهرت بيانات تريدويب أن جميع السندات السيادية الدولارية للبلاد تراجعت، لكن السندات المستحقة في عام 2027 كانت الأكثر انخفاضا، إذ هبطت ثلاثة سنتات أميركية تقريبا قبل أن تقلص الخسارة إلى 1.5 سنت.
ولدى أكبر اقتصاد في شمال أفريقيا نحو 100 مليار دولار من الديون بالعملة الصعبة، معظمها مقوم بالدولار، والتي يتعين على مصر سدادها على مدى السنوات الخمس المقبلة، منها سندات ضخمة بقيمة 3.3 مليار دولار العام المقبل.
وخفضت السلطات قيمة عملتها إلى النصف خلال العام المالي المنتهي في يونيو الماضي. لكن مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا جورجيفا قالت لبلومبرغ الخميس الماضي إن مصر ستواصل “استنزاف” احتياطاتها النقدية ما لم تخفض قيمة الجنيه مرة أخرى.
وأوضحت أنه كانت هناك مناقشات بناءة مع مصر، مؤكدة أنها تتوقع المزيد من العمل بين فريق صندوق النقد والحكومة المصرية في غضون الأسابيع المقبلة.
وصرح خبراء اقتصاد بأن خفض التصنيف الائتماني لمصر وتعليقات جورجيفا سيجعلان من الصعب جذب الأموال إلى البلاد في الأمد القصير.
وقالت مونيكا مالك، كبيرة الاقتصاديين في بنك أبوظبي التجاري، لرويترز "تأخير مراجعات صندوق النقد وخفض التصنيف يثيران المزيد من المخاوف بشأن فجوة التمويل الخارجي الكبيرة لمصر". وأضافت "ستكون هناك حاجة إلى إصلاحات كبيرة وواسعة النطاق لزيادة ثقة المستثمرين وتدفق رؤوس الأموال".
كما حذر البعض من أن خفض التصنيف الائتماني لمصر قد يدفع المستثمرين الأجانب إلى النزوح من أدوات الدين المحلية، مما سيؤدي إلى ارتفاع عوائد سندات الخزانة المحلية ومفاقمة عجز الموازنة.
وقال محللون في بنك جي.بي. مورغان إن “توقيت خفض تصنيف موديز جاء مفاجأة بعض الشيء لأنه داخل حدود فترة مراجعة مدتها 90 يوما أعطتها الوكالة لنفسها لاتخاذ القرار”.
وقد يحدث المزيد من الخفض أيضا. ويقل تصنيف موديز الآن درجتين عن تصنيف ستاندرد أند بورز وفيتش.
والمراجعة التالية لوكالة ستاندرد أند بورز ستجرى في غضون أسبوعين، وتليها وكالة فيتش في الثالث من نوفمبر. ولكليهما “نظرة مستقبلية سلبية”، أي أنهما تحذران فعليا من خفض التصنيف.
وقد تؤدي مثل هذه الخطوة أيضا إلى الإضرار بنسب كفاية رأس المال في البنوك المحلية. وتنفق الحكومة أكثر من 40 في المئة من إيراداتها على مدفوعات فوائد الديون فقط.
وفرضت مصر قيودا على الواردات في ظل نقص العملات الأجنبية، وعلق بنكان على الأقل استخدام بطاقات الخصم بالجنيه خارج البلاد لوقف نزيف العملات. ومن المتوقع أن تحذو بنوك أخرى حذوهما.
وأدت القيود المفروضة على السفر بسبب الأزمة الصحية إلى خفض الأموال الواردة للدولة المعتمدة على السياحة. كما أدى رفع أسعار الفائدة العالمية إلى جعل إدارة القروض الخارجية أكثر صعوبة بعد أن تضاعفت أربع مرات إلى أكثر من 160 مليار دولار في السنوات السبع حتى عام 2022.
ولدى القاهرة برنامج مع صندوق النقد الدولي بقيمة ثلاثة مليارات دولار، وخفضت قيمة الجنيه بنحو 50 في المئة منذ فبراير 2022. لكن خطة للخصخصة لا تزال تسير ببطء، وحادت الحكومة الشهر الماضي عن خطة الصندوق بقولها إنها ستبقي أسعار الكهرباء المدعومة دون تغيير حتى يناير المقبل.