حكومة نتنياهو تهادن غزة لتجنب مطبات قد تؤثر على مسار التطبيع مع الرياض

تل أبيب - تحاول الحكومة الإسرائيلية تجنب التصعيد مع قطاع غزة لحماية التقدم الجاري على خط المحادثات الثلاثية بين الرياض وواشنطن وتل أبيب في شأن تلبية بعض المطالب الأمنية السعودية مقابل التطبيع مع إسرائيل.
وتقول صحيفة “هآرتس” إن من بين الإجراءات المتخذة في غزة زيادة حصة العمال الفلسطينيين المسموح لهم بدخول أراضيها وتخفيف شروط إدخال البضائع إلى القطاع. كما أن هناك محادثات مع قطر حول تحويل مساعداتها المالية إلى حكومة حماس في قطاع غزة.
ويقول مراقبون إنه من المرجح أن تكون الحكومة الإسرائيلية أجرت اتصالات، مباشرة أو غير مباشرة، مع قطر لكي تمارس نفوذها على حماس من أجل وقف التظاهرات على طول خط السياج الحدودي مع إسرائيل، لكي لا تنقلب الصدامات إلى أعمال عنف متبادلة تحرج الرياض وتترك أثرا سلبيا على تقدم محادثات التطبيع.
ووجه وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، الخميس الماضي، رسالة علنية إلى حركة حماس قال فيها إن حكومته “لا تريد التصعيد ولا تطمح للقتال مع قطاع غزة”، مضيفاً أن ما تقوم به قواته من قصف هو في إطار الدفاع.
وحذر حماس من أنه “إذا تعرض مواطنون إسرائيليون أو جنود الجيش الإسرائيلي للأذى، سنرد بقوة ولا ينتظر أحد منا أن نقف مكتوفي الأيدي”.
مراقبون يقولون إنه من المرجح أن تكون الحكومة الإسرائيلية أجرت اتصالات، مباشرة أو غير مباشرة، مع قطر لكي تمارس نفوذها على حماس من أجل وقف التظاهرات
ووفق صحيفة “هآرتس” فإن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية ترى أن حماس بادرت بالمسيرات وشجعتها للضغط على إسرائيل لاتخاذ إجراءات فورية لتحسين الوضع الاقتصادي، سواء كان على شكل قرارات بزيادة حصة العمال أو على شكل تدفق الدفعات المالية من قطر.
وأعلن منظمو المظاهرات عند السياج الحدودي، الأحد، عن نيتهم تجديد المواجهات، إلا أنهم تراجعوا عنها بعد ساعات، وهو ما يشير إلى أن خطوط الاتصالات الساخنة ظلت تعمل طوال هذا اليوم.
ونقلت الصحيفة الإسرائيلية عن دبلوماسي غربي زار القطاع في الأسابيع الأخيرة قوله “إن وراء هذه الضغوط تفاقم الضائقة الاقتصادية في غزة، لأسباب عديدة منها قطع المساعدات الدولية التي يتم تحويلها إلى السكان والصعوبات المتزايدة التي تواجه مختلف وكالات الأمم المتحدة العاملة في غزة لجمع التبرعات من المجتمع الدولي”.
وأقرت الحكومة الإسرائيلية زيادة عدد الذين يُسمح لهم بالعمل في إسرائيل إلى 15 ألف عامل. وهي تدرس زيادة هذا العدد ليصل إلى 20 ألف عامل في حال تم الحفاظ على الهدوء.
وتراهن الحكومة الإسرائيلية على أن العامل الاقتصادي هو الذي يدفع حماس والمنظمات الإسلامية الأخرى إلى التصعيد، بدليل أن الحركة امتنعت عن إطلاق الصواريخ على إسرائيل منذ عملية “حارس الأسوار” في مايو 2021، كما امتنعت عن المشاركة في أي من جولات القتال بين الجهاد الإسلامي وإسرائيل.
ولعب السفير القطري محمد العمادي دورا لضمان بقاء الأوضاع هادئة، قائلا إن “قطر تحركت وتمكنت من منع تدهور الوضع في قطاع غزة من خلال الوساطة والتوصل إلى تفاهم يسمح بإعادة فتح معبر إيرز أمام العمال الفلسطينيين”.
المؤسسة الأمنية الإسرائيلية ترى أن حماس بادرت بالمسيرات وشجعتها للضغط على إسرائيل لاتخاذ إجراءات فورية لتحسين الوضع الاقتصادي
وحظيت الإجراءات الاقتصادية بدعم من الجناح اليميني المتطرف بقيادة بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير.
وكان هذان الوزيران وضعا شرطا على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو للقبول بعقد صفقة تؤدي إلى التطبيع مع السعودية، هو ألا تتضمن هذه الصفقة تنازلات سياسية للفلسطينيين. وهو ما يجعل الإجراءات الاقتصادية طريقا مفتوحا لاستمرار التهدئة مع غزة.
وقال الرئيس الأميركي جو بايدن لنتنياهو في لقائهما الأسبوع الماضي على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، إن منع التصعيد العنيف ضد الفلسطينيين سيساعد إدارته على تعزيز الاتصالات مع الرياض.
وكان الاجتماع التشاوري الذي عقده نتنياهو الأسبوع الماضي بمشاركة غالانت ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسيه ليفي، ورئيس جهاز المخابرات العامة (الشاباك) رونين بار، ورئيس مجلس الأمن القومي تساحي هنغبي ومجموعة ضباط آخرين حول السيناريوهات المتوقعة لتطور الاحتجاجات في غزة، قد توصل إلى نتيجة تقول إن الرسائل الآتية من غزة تفيد بأن “حركة حماس غير معنية بالتصعيد”، وأن “المظاهرات التي سمحت بها حماس على الحدود مع إسرائيل موجهة لعناوين أخرى في العالم”، وذلك في إشارة ضمنية إلى المحادثات المتعلقة بالتطبيع بين السعودية وإسرائيل.
ويدعم مبعوث الأمم المتحدة إلى الشرق الأوسط تور وينسلاند الرهان الإسرائيلي على أن تحسين الأوضاع الاقتصادية هو مفتاح التهدئة.
وقال وينسلاند في تغريدة على إكس إن “الأمم المتحدة تتحدث مع جميع المعنيين وتعمل معهم لتحسين حياة الناس في غزة، لاسيما الفئات المستضعفة”. وأضاف أن “الوضع صعب داخل القطاع ويتعين علينا أن نتجنب صراعا مسلحا آخر ستكون له عواقب وخيمة على الجميع. سكان غزة عانوا بما يكفي ويستحقون أكثر من عودة الهدوء”.