الاقتصاد الأردني أمام حتمية تسريع إيقاع التحول المستدام

الشراكة بين القطاعين العام والخاص محرك رئيسي لتحقيق الأهداف ومواكبة الركب العالمي.
الاثنين 2023/10/02
فرصتكم لتعديل مزاج الطقس الذي عكرتموه!

يتفق خبراء على أن الأردن لا يزال يحتاج إلى بذل المزيد من الجهود على كافة المستويات لزيادة إيقاع استثماراته ومبادراته، لترسيخ أسس الاستدامة في الاقتصاد ومجاراة الركب العالمي عبر تطوير كافة القطاعات وجعلها أكثر مقاومة لتغييرات المناخ.

عمان - يحث الأردن الخطى بغية تحقيق جملة مستهدفات إستراتيجية تحقق مفاهيم الاستدامة الاقتصادية لمجاراة الركب العالمي الرامي إلى مواجهة التغير المناخي ومسبباته.

وباتت مشاكل الاحتباس الحراري تنتج تحديات متسارعة في الأمن الغذائي والتلوث البيئي والتنوع الحيوي والطاقة والتمكين المالي، والفقر والجوع وغيرها، ما يجعل بلدان الشرق الأوسط، بما فيها الأردن، في حاجة ماسة إلى تغيير إستراتيجياتها وتسريعها.

ويرى خبراء أن تطبيق أي من الحاجات الملحة لتحقيق الاستدامة في مختلف المجالات، يتطلب توعية الأفراد بأهمية الحفاظ على الموارد المتاحة حاليا، لتلبية الاحتياجات، مع ضمان أن تلبي الموارد الحاجات المستقبلية للأجيال القادمة.

وأكدوا أن تحقيق الاستدامة يتطلب جهدا مشتركا من الحكومة والمجتمع والقطاع الخاص للتعامل مع التحديات والعمل نحو مستقبل أفضل وأكثر استدامة.

ويهدف محرّك البيئة المستدامة في رؤية التحديث الاقتصادي للحكومة التي تم إطلاقها صيف 2022، إلى تعزيز الممارسات المستدامة بوصفها جزءا مهما من النمو الاقتصادي المستقبلي للبلاد.

وتتسلح عمّان لتنفيذ أجندتها المتعلقة بالتحول النظيف بعشرين مبادرة في مجالات الاقتصاد الأخضر ونمو القطاعات الخضراء والتنمية الحضرية الخضراء.

فاضل الزعبي: النظام المستدام يجب أن يكون متوازنا، والمناخ تحد كبير
فاضل الزعبي: النظام المستدام يجب أن يكون متوازنا، والمناخ تحد كبير

وتعد الاستدامة عنصرا أساسيا في بناء اقتصاد الأردن، إذ تؤكد رؤية التحديث على ضرورية تبني رؤية شمولية لتطوير أنظمة النقل المستدامة وإنشاء محطات للشحن الكهربائي وتحفيز السياحة البيئية والأنشطة الصديقة للبيئة والقائمة على تجربة الاندماج مع الطبيعة.

وعلاوة على ذلك استخدام أنماط زراعية تتواءم مع البيئة المناخيّة وتشجيع الاستخدام الكفؤ للمياه وتحسين جودتها وتوفير موارد مائية جديدة مثل مشروع الناقل الوطني وخفض مستوى الفاقد وصولا إلى المعايير الفضلى دوليا.

وإضافة إلى كل ما سبق، العمل على تقليل مصادر النفايات وتطوير إدارتها وإعادة تدويرها ونمذجة البيانات المناخية.

ويُعد الأردن أحد المهتمين بإنتاج الطاقة النظيفة، فهو يُولّد حاليا قرابة 29 في المئة من إجمالي إنتاج الكهرباء عبر الطاقة المتجددة، ويسعى لتصل النسبة إلى 50 في المئة بحلول نهاية العقد الحالي.

وتشير التقديرات إلى أن البلد الذي يحتضن أكثر من 1.3 مليون لاجئ من سوريا، يستهلك ما بين 10 و11 ألف ميغاواط من الطاقة الكهربائية، تساهم فيها مصادر الطاقة المتجددة بنسبة 20 في المئة.

ويقول خبراء إن الموقع الإستراتيجي للبلاد على البحر الأحمر يعد جذابا لدعم الهيدروجين الأخضر، بالنظر إلى مصدر المياه القريب التي يمكن توفيرها لتركيز هذه الصناعة دون مشاكل.

وأجريت العديد من البحوث بشأن إمكانيات إنتاج الهيدروجين في العقبة، فقد قدرت دراسة "إمكانية إنتاج الهيدروجين الأخضر في الأردن" التي نشرتها مجلة "إنيرجايز" مؤخرا أن يبلغ الإنتاج السنوي 70.9 ألف طن.

وأكد الخبير في الأمن الغذائي والطوارئ فاضل الزعبي أن النظام المستدام يجب أن يكون متوازنا في الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، مع المحافظة على الموارد الطبيعية، وحماية البيئة وتعزيز العدالة الاجتماعية للأجيال المقبلة.

ويرى سفير بعثة منظمة الأغذية والزراعة سابقا (فاو) أن مفهوم الاستدامة يشير إلى ما "سنتركه للأجيال القادمة" بما سيلبي احتياجات الجيل الحالي ولا يمس بقدرة الأجيال المستقبلية على تلبية احتياجاتها.

ونقلت وكالة الأنباء الأردنية الرسمية عن الزعبي قوله إن “الهدف الرئيسي للاستدامة هو تحسين جودة الحياة على المدى الطويل للأفراد والمجتمعات، حاليا ومستقبلا، عبر استخدام الموارد بفعالية، وتشجيع التنمية الاقتصادية، وتقليل النفايات والحد من التلوث".

◙ الهدف الرئيسي للاستدامة هو تحسين جودة الحياة على المدى الطويل عبر استخدام الموارد بفعالية وتشجيع التنمية الاقتصادية وتقليل النفايات والحد من التلوث

وأشار إلى أن الحد من انبعاثات الغازات، تحد كبير، يؤثر على الموارد الحالية والمستقبلية، إذ إن ارتفاع درجات الحرارة بمقدار درجة واحدة الآن، مثلا، يقلص الإنتاج الزراعي بنحو 10 في المئة، وفي حال ارتفاعها إلى درجتين خلال 25 سنة، ستكون العواقب "قاتلة".

ويواجه الأردن، وهو إحدى الدول العربية الأكثر اعتمادا على المساعدات الخارجية، فعليا تحدي قلة الأراضي المستخدمة للزراعة.

وتظهر الأرقام أن الأردنيين يزرعون نحو 25 في المئة فقط من الأراضي الصالحة لذلك، وشُح المياه، الذي يفرض استخدام تقنيات بيئية وهندسة وراثية تزيد إنتاجية كل متر مكعب من المياه.

ووفقا لتقرير نشرته مؤسسة كارنيغي في أبريل من العام 2021، فإن نحو 53 في المئة من الأردنيين عرضة لنقص الأمن الغذائي.

وقال عضو مجلس إدارة شركة إدارة الاستثمارات الحكومية حمزة العلياني إن إدارة الاستدامة ستساهم بنحو كبير في إيجاد عالم أفضل للعمل في المستقبل وستحقق أهداف التنمية المستدامة خاصة القضاء على الفقر والجوع.

وأوضح العلياني أن الاستدامة تعني الحفاظ على استغلال الموارد الطبيعية والإنسانية بنحو متوازن، لضمان استخدامها مستقبلا، بما يوفر حياة أفضل للجيل الحالي دون أن يؤثر على حياة الأجيال القادمة، عبر النظر بحكمة عند اتخاذ قرارات في الوقت الحاضر.

ويعتبر قطاع الزراعة من بين أقل القطاعات الأخرى مثل الصناعة والسياحة دورا في تنمية الاقتصاد الأردني، ويرجع محللون ذلك إلى عدم قدرة السلطات على تحفيزه.

وتظهر أرقام حكومية رسمية أن القطاع يساهم فقط بنحو 2.9 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي سنويا، في حين تسهم الصناعة بنحو 15.3 في المئة والسياحة بنحو 10 في المئة.

حمزة العلياني: إدارة الاستدامة تسهم كثيرا في القضاء على الفقر والجوع
حمزة العلياني: إدارة الاستدامة تسهم كثيرا في القضاء على الفقر والجوع

ويبدو الانتقال إلى الاقتصاد الدائري ضروريا، إذ لا توجد موارد طبيعية كافية للحفاظ على نمو الاقتصاد العالمي على أساس النموذج الخطي، وهو يتيح الفرصة، ليس فقط لمعالجة قيود الموارد الأساسية، ولكن أيضا منظومة اقتصادية أكثر عدلا وشمولية.

ويؤكد العلياني أن بلاده تتجه بخطوات واثقة نحو مواجهة تحديات الطاقة وتغيرات المناخ، لتصبح دولة منخفضة الانبعاثات الكربونية، وفعّالة في استغلال الموارد، ومركزا إقليميا لريادة الأعمال الصديقة للبيئة والابتكار.

ويفترض تحقيق ذلك المضي قدما في التوسع في مجالات الطاقة المتجددة، بما في ذلك استخدام أنواع جديدة من الطاقة كالهيدروجين وتشجيع الاستخدام الكفؤ للطاقة، حيث تطمح المملكة إلى أن تمثل الطاقة المتجددة 50 في المئة من استخداماتها بحلول عام 2030.

ويعتقد رئيس اتحاد الجمعيات البيئية عمر الشوشان أن الاستدامة يمكن أن تكون عنصرا أساسيا في مستقبل الاقتصاد، من خلال تعزيز الابتكار في مجالات كثيرة مثل الطاقة النظيفة وتكنولوجيا المحافظة على الموارد الطبيعية والحلول المبنية على الطبيعة.

وكذلك توفير فرص عمل من الأنشطة الاقتصادية العاملة في مجالات مثل الطاقة المتجددة وإدارة النفايات الصلبة والسائلة والسياحة البيئية وإدارة الأنظمة البيئية والبناء الأخضر والمدن الذكية والنقل الأخضر ومشاريع تحلية المياه والري الحديثة.

وقال إن "الاستدامة تساعد في تقليل تأثير التغير المناخي والاعتماد على مصادر متجددة للموارد وتعزز الإنتاج الزراعي وإدارة المياه بفعالية، ما يحسن السلامة المائية والغذائية".

10