بافل طالباني يؤسس لمرحلة ترميم الاتحاد الوطني الكردستاني واستعادة مكانته

توحيد الحزب ومركزة القرار لوقف سلسلة التراجعات.
الجمعة 2023/09/29
إشارة الانطلاق في مسار جديد

حزب الاتحاد الوطني الكردستاني الذي مثّل على مدار العشريات الأخيرة حجر زاوية في العمل السياسي بكردستان العراق، يجد نفسه أمام فرصة سانحة لتجديد دوره واستعادة مكانته مستفيدا من شخصية رئيسه بافل طالباني المتّجه بقوة صوب توحيد القرار داخل الحزب وتحقيق التجانس التام لسياساته وأهدافه.

السليمانية (العراق)- مَثّل “توحيد الصفوف” و”مركزية القرار” عنوانين بارزين للمؤتمر الخامس للاتحاد الوطني الكردستاني المنعقد بمدينة السليمانية المعقل التاريخي للحزب، والذي تمخضّت أشغاله عن تجاوز مبدأ الشراكة في رئاسة الحزب التي كانت قد أقرّت في المؤتمر السابق، وبالتالي تكريس بافل طالباني رئيسا وحيدا بلا شريك أو منازع في الصلاحيات.

واعتبر مراقبون أنّ ما قام به المؤتمر هو استكمال القضاء على انقسام غير معلن هدّد الحزب خلال السنوات الماضية مع تعاظم طموحات لاهور شيخ جنكي الذي عمل بالتوازي مع شراكته في رئاسة الحزب على كسب ولاءات له داخل باقي الأجهزة والإدارات المحلّية.

ورأى هؤلاء أنّ الحزب العريق الذي أسسه الزعيم التاريخي جلال طالباني منتصف سبعينات القرن الماضي، يمتلك فرصة متاحة لوقف سلسلة تراجعاته ولاستعادة قوّته وإشعاعه والتخلّص من الصبغة العائلية والمصلحية مستفيدا من كاريزما رئيسه وحيويته التي مكنته من ربط شبكة علاقات واسعة محلّيا وإقليميا ودوليا، ومن كسب نفوذ في مناطق كان بعضها خارج دائرة تأثير الحزب، مثلما هي الحال بالنسبة إلى مناطق أكراد سوريا.

فبالإضافة إلى شعبية بافل طالباني ونفوذه الكبير والمؤثر في مناطق السليمانية والأقضية الكردية بمحافظة ديالى شمال العاصمة العراقية بغداد تمكّن رئيس الاتحاد الوطني من تحقيق اختراقات مهمة على صعيد العلاقات الكردية خارج الإطار الثنائي مع الحزب الديمقراطي الكردستاني بقيادة آل بارزاني وعلاقتهم مع الشق السوري – التركي من الأحزاب الكردية، وذلك بتأسيس نفوذ كبير ومؤثر ومحرج للبارزانيين في الجزء الغربي من كردستان الممتد في سوريا وجنوب تركيا.

بينديكتا لاسي: نحن كأعضاء الاشتراكية الدولية نتضامن معكم ونساند تطلعاتكم لبناء مجتمع أكثر شمولا وديمقراطية ومساواة
بينديكتا لاسي: نحن كأعضاء الاشتراكية الدولية نتضامن معكم ونساند تطلعاتكم لبناء مجتمع أكثر شمولا وديمقراطية ومساواة

وتقول مصادر عراقية إنّ مناطق السليمانية وأقضية ديالى أصبحت ملجأ لقادة الأكراد الأتراك المعارضين للنظام التركي بعد أن أصبحت مناطق أخرى في إقليم كردستان العراق مفتوحة أمام النشاط العسكري متعدّد الأشكال للقوات التركية بضوء أخضر من قادة الحزب الديمقراطي الكردستاني.

ويرى متابعون للشؤون السياسية لإقليم كردستان العراق أن بافل طالباني بات يحمل على عاتقه مهمّة وقف التراجعات التي سجلّها حزب الاتحاد الوطني خلال السنوات الأخيرة كنتيجة مباشرة لعدم وحدة قراره الداخلي التي عانى منها بسبب تقاسم منصبه القيادي الأهم، الأمر الذي كانت لها تأثيرات على هياكل الحزب الأقل مستوى.

ويرى هؤلاء أنّ تلك التراجعات لم  تكن لتضرّ بمكانة الحزب في قيادة الإقليم فحسب، بل امتدت إلى مساهمته في هياكل الدولة الاتحادية العراقية، وذلك عندما أصبح موقع رئاسة الجمهورية موضع تنازع مع الحزب الديمقراطي الكردستاني بعد أن استقرّ العرف بأن يكون المنصب من نصيب الاتحاد الوطني.

وعكس مؤتمر الاتحاد شبكة العلاقات الواسعة التي يربطها بافل طالباني داخل العراق وخارجه وذلك من خلال عدد ومستوى الشخصيات التي حضرت المناسبة يتقدّمها الرئيس العراقي عبداللطيف رشيد ونيجيرفان بارزاني رئيس إقليم كردستان العراق إضافة إلى زعامات حزبية عراقية وسفراء وقناصل وممثلي عدد من الدول.

ووجهت بينديكتا لاسي الأمينة العامة للاشتراكية الدولية رسالة تهنئة إلى رئيس الاتحاد الوطني بمناسبة انعقاد المؤتمر الخامس للحزب قالت فيها “نحن كأعضاء الاشتراكية الدولية نتضامن معكم ونساند تطلعاتكم لبناء مجتمع أكثر شمولا وديمقراطية ومساواة، ونعتقد أن بإمكاننا معا، المشاركة في تحقيق مستقبل أفضل للجميع عبر الحوار والتعاون والالتزام بالقيم المشتركة”.

واعتبر مراقبون أن مؤتمر الاتحاد الوطني وفّر فرصة لتقريب المواقف بين الأحزاب والأطراف السياسية العراقية وصولا إلى بناء مرحلة جديدة.

وقدم الرؤساء وزعماء الأحزاب العراقية المشاركون في المؤتمر كلمات أشادوا خلالها بالأدوار التي أداها الرئيس العراقي الراحل جلال طالباني وما قام به من جهود حثيثة على مستوى العراق والمنطقة ودوره في تقريب وجهات النظر بين الفرقاء والأطراف السياسية المتصارعة.

شبكة العلاقات التي أقامها بافل طالباني مكنته من تأسيس نفوذ له شمل مناطق الأكراد خارج الإقليم وصولا إلى سوريا

ولم يخل عقد مؤتمر الحزب في هذه المرحلة والتجديد لرئيسه من أهداف مباشرة تتمثل في الاستعداد للانتخابات البرلمانية والمحلّية لإقليم كردستان العراق والتي يأمل أنصار الاتحاد الوطني في خوضها موحدّين بعد أن تمّ الحسم النهائي لمسألة قيادة الحزب وذلك لتكون منطلقا لرفع نسبة حضور حزبهم ضمن مؤسسات الإقليم وهياكله المنتخبة.

وقال طالباني في كلمته للمؤتمر إنّ “الاتحاد الوطني الكردستاني حزب قوي وحيوي لذا يعقد مؤتمره خلال المرحلة الراهنة وقبل إجراء عمليتين انتخابيتين، يجب علينا الدفاع عن شعبنا ونجعل من كردستان جنة يعيش فيها الجميع بحرية وليطرحوا آراءهم بلا خوف، وأن ندافع عن حقوق النساء والمكونات، ونضع برامج جيدة لمشاركة الشباب لأنهم ثروتنا”.

كما أكّد على توحيد الحزب واستعادة قوّته قائلا “نجتمع هنا بروحية واحدة لنعمل من أجل تقوية الاتحاد الوطني الكردستاني لخدمة أبناء شعب كردستان. سنسير على نهج وسياسة فقيد الأمة الرئيس مام جلال”، معلنا عن بدء “مرحلة جديدة معا”، ومشدّدا على وجوب “التصالح مع الشعب وتقوية وحدة صف حزبنا”.

واعتبر في كلمته أن “مهام الاتحاد الوطني الكردستاني تبدأ من الآن وعلينا أن نكون معا وموحدين من أجل خدمة شعبنا”.

3