تركمان العراق يحذرون من فتنة قومية في كركوك بسبب تعريب الوظائف الأمنية

رئيس الكتلة النيابية التركمانية في البرلمان العراقي يدعو بغداد إلى التعامل مع ملف كركوك بحكمة وروية.
الأربعاء 2023/09/27
معركة شاملة.. من منصب المحافظ إلى وظيفة الشرطي

تظل محافظة كركوك العراقية، التي استعادت هدوءها بعد الاضطرابات التي شهدتها مؤخرا، بمثابة برميل بارود قابل للانفجار في أي لحظة؛ وذلك بسبب الفشل في إيجاد وصفة مستقرة ودائمة للتعايش السلمي بين مكوناتها العرقية، وشدّة التنافس على موقعها وثرواتها، وهو تنافس يتجاوز حدود العراق إلى جواره الإقليمي.

كركوك (العراق) - حذّر أرشد الصالحي، أحد أبرز زعماء المكون التركماني العراقي، من اندلاع فتنة قومية في محافظة كركوك متعدّدة الأعراق، بسبب تهميش التركمان واستبعادهم من إدارة المحافظة وعملية تعريب الوظائف الأمنية هناك ومنح إقامات مستعجلة لوافدين من خارجها.

وجاء هذا التحذير بعد أسابيع قليلة من استعادة المحافظة لهدوئها إثر اندلاع قلاقل بسبب قرار السلطات العراقية تسليم مقر قيادة العمليات المشتركة هناك للحزب الديمقراطي الكردستاني، الأمر الذي تسبب في حدوث صدامات بين مؤيدين للقرار ومعارضين له على أسس قومية.

وقال الصالحي الذي يرأس الكتلة النيابية التركمانية في البرلمان العراقي إنّ أكثرية التعيينات في وظائف شرطة كركوك هي من القومية العربية، وإن متقدمين إلى تلك الوظائف من محافظات أخرى حصلوا على بطاقة سكن خلال أسبوع واحد.

ويشكّل التركمان من حيث العدد ثالثة المجموعات العرقية الكبرى في العراق بعد العرب والأكراد، بحسب إحصائيات رسمية تعود إلى تسعينات القرن الماضي، ويتركز وجودهم في عدد من محافظات شمال البلاد وعلى رأسها محافظة كركوك.

تركيا تؤجج الصراع القومي في كركوك عبر ممارستها الوصاية على تركمان العراق والمجاهرة بنصرتهم على باقي المكونات

وكثيرا ما يشتكون التهميش معتبرين أن مساهمتهم في إدارة الدولة العراقية، وحتى في إدارة الشأن المحلي لكركوك، لا تتناسب مع ثقلهم الديمغرافي قياسا بالعرب والأكراد.

وحذّر الصالحي في مقابلة مع تلفزيون رووداو من أنّ “كركوك محافظة حساسة وفيها خليط قومي من التركمان والأكراد والعرب وحتى الكلدوآشوريين”، داعيا بغداد إلى التعامل مع ملف كركوك بحكمة وروية.

وأشار إلى ما حصل في كركوك بسبب مبنى مقر الحزب الديمقراطي الكردستاني، والذي كاد يتحول إلى مشكلة كبيرة وسالت دماء بسببه، معتبرا أن الجيد هو وجود أناس حكماء تمكنوا من وأد الفتنة و”تقريب وجهات النظر وعدم تحويل الصراع في كركوك إلى صراع قومي”.

ويتحدّر تركمان العراق من أصول تركية ما يفسّر صلاتهم القوية بتركيا التي تُتّهم قيادتها الحالية بمحاولة ممارسة الوصاية عليهم واتّخاذهم ذريعة للتدخل في الشؤون الداخلية للعراق.

وعلّق الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على أحداث كركوك الأخيرة بالقول إنّ بلاده لن تسمح بزعزعة السلام في المحافظة، داعيا إلى الابتعاد عن أي ممارسات من شأنها تغيير تركيبتها الديمغرافية.

ويقول مطّلعون على الشأنين التركي والعراقي إنّ الهدف الرئيسي لأنقرة من التدخل في الصراع على كركوك هو منع سيطرة الأكراد عليها لأنها يمكن أن تشكّل بثرواتها النفطية مجالا حيويا لدولة مستقلة لا يتردّدون في المجاهرة بالسعي لتأسيسها وقد قطعوا خطوة عملية في اتجاه ذلك عندما قاموا سنة 2017 بتنظيم استفتاء على استقلال إقليمهم عن العراق، وقد شاركت تركيا إلى جانب إيران والسلطات الاتحادية العراقية في إحباط تلك الخطوة ومنع تنفيذ نتيجة الاستفتاء.

التركمان يشكّلون من حيث العدد ثالثة المجموعات العرقية الكبرى في العراق بعد العرب والأكراد

وكثيرا ما أظهر زعماء التركمان العراقيين تناغما مع التوجهات التركية. وقال الصالحي في وقت سابق “إن تركيا لم تترك الشعب العراقي وتركمان العراق وحدهم أبدا”.

ويمثّل التنافس على المناصب والوظائف الإدارية في كركوك أحد أبرز محفّزات الصراع العرقي في المحافظة. واعتبر القيادي التركماني أنّه لا يمكن إطلاق التعيينات في تلك الوظائف بـ”قرعة إلكترونية لا أحد يعلم كيف جرت”.

وأشار إلى أنّ الأكراد “فقدوا بعض المناصب السيادية بعد 2017، منها منصب المحافظ، لكن التركمان غير موجودين أساسا في هذه المناصب سواء في إدارة المحافظة أو في إدارة الملف الأمني”، ملفتا إلى وجود قائد شرطة كردي على الأقل.

وإذ يلتقي الأكراد والتركمان في التنديد بما يعتبرونه عملية تعريب للمحافظة، فإن المكونين يخوضان صراعا بينهما.

وأيد التركمان طرد قوات البيشمركة الكردية من المدينة في خريف سنة 2017 على يد القوات العراقية، ومنذ ذلك الحين وهم يعارضون بشدّة أي مسعى لإعادة تلك القوات ويعلنون ذلك على لسان الصالحي نفسه الذي يجزم بعدم إمكانية عودة “كركوك إلى ما قبل 16 أكتوبر مرة أخرى”، متوعّدا بعدم السماح “بعودة عقارب الساعة إلى الوراء”.

3