السوداني يعلن استقرار العراق وعدم الحاجة إلى التحالف الدولي

تنظيم "داعش" يشن ضرباته بعد تراخي القوات الأمنية في بعض المناطق التي تشهد استقراراً نسبياً، ولهذا يجب استمرار أخذ الحيطة والحذر، ومتابعة خلايا التنظيم.
الثلاثاء 2023/09/26
الوضع الأمني في قمة اهتمامات الحكومة العراقية

بغداد - أكد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، أنه لم تعد هناك ضرورة لوجود التحالف الدولي، الذي تشكل لمواجهة تنظيم "داعش"، باعتباره لم يعد يمثل تهديدا للدولة، في موقف يتماشى مع المطالب الإيرانية المتكررة بمغادرة القوات الأجنبية للعراق.

وقال السوداني خلال مقابلة صحفية أجراها مع صحيفة "ذا ناشيونال"، إنه "عندما ارتبك الوضع الأمني في العراق مع سيطرة داعش، تأثرت المنطقة بأكملها، واتجهت الملايين للهجرة لذا يجب الحفاظ على استقرار العراق"، لافتا إلى أن "الخلافات السياسية في العراق ضمن سياقها الطبيعي، واللجوء إلى المحكمة الاتحادية علامة صحية للنظام السياسي".

وتشهد المحافظات العراقية هدوءاً أمنياً نسبياً مع تراجع هجمات "داعش"، التي كانت تستهدف القوات الأمنية والمدنيين.

ويرى متابعون للوضع الأمني أن حالة الاستقرار الأمني التي يشهدها العراق غير ثابتة، بسبب وجود خلايا إرهابية ما زالت تعمل على إرباك الوضع الأمني، خصوصاً في مناطق صلاح الدين وكركوك، وبعض مناطق ديالى، وكذلك في العاصمة بغداد ومنها منطقة الطارمية، فهذه المناطق ما زالت تشهد عمليات إرهابية بين حين وآخر، رغم كل العمليات الأمنية والعسكرية.

وتقود الولايات المتحدة تحالفا دوليا في مواجهة تنظيم "داعش" في العراق وسوريا تحت اسم "عملية العزم الصلب" بقيادة الجنرال ماثيو ماكفارلين.
وتطالب إيران القوات الأميركية بمغادرة العراق، معتبرة أن "حضور القوات الأجنبية يهدّد أمن المنطقة".

وتُبقي الأجهزة الأمنية العراقية على تأهبها مركزة على الجهود الاستخبارية لمحاولة إحباط أي مخطط اعتداء للتنظيم، بالتزامن مع دعوات لإبقاء الضغط الأمني والعسكري على اعتبار أن الاستقرار الأمني "غير ثابت".

وأشار السوداني أنه "خلال هذا الشهر ستجتمع اللجنة المشتركة مع الجانب الأميركي، ونؤكد على العلاقة الثنائية مع الولايات المتحدة للتعاون الأمني، ومنفتحون في كل المجالات".

كما بحث الاثنين مع الجنرال جويل فاول قائد قوات التحالف، علاقات التعاون الأمني بين العراق والتحالف الدولي في نطاق تقديم المشورة والتسليح وتبادل المعلومات الاستخبارية، وفي مجال تدريب القوات الأمنية العراقية لتطويرها ورفع قدراتها القتالية.

وأكد الجانبان خلال اللقاء على مواصلة عمل اللجنة المشتركة بين العراق والتحالف الدولي، والتي تهدف إلى تحديد شكل العلاقة المستقبلية مع التحالف بعد الانتصار على داعش، وتنامي قدرات القوات العراقية، وتمكنها من القيام بمهامّها في توفير الأمن بجميع المناطق وقواطع المسؤولية.

يذكر أن الرئيس الأميركي جو بايدن، وقع ورئيس وزراء العراقي الأسبق مصطفى الكاظمي، اتفاقا ينهي رسميا المهام القتالية للقوات الأميركية في العراق بنهاية 2021، بعد أكثر من 18 عاما على إرسال القوات الأمريكية للبلاد.

وأكد بايدن أن الدور الأميركي في العراق سيركز على المساعدة في مجال التدريب، إضافة إلى مكافحة تنظيم داعش الإرهابي، والدعم الاستخباري.

ونوه السوداني في مقابلة أجرتها معه محطة "سي.إن.إن" الأميركية على هامش مشاركته في الدورة الـ 78 لأعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، أن "وزارتي الخارجية العراقية والأميركية ترتبان موعداً في هذا العام، لتلبية دعوة الرئيس الأميركي لنا لزيارة واشنطن"، مبيناً أن "أحد أهم المواضيع التي يجب مناقشتها في الزيارة هو اتفاقية الإطار الاستراتيجي".

وأضاف أن "الاتفاقية بحاجة إلى تفعيل بين البلدين، خصوصاً أن هناك رغبة جادة بتطوير هذه العلاقة، التي يجب ألا تقتصر على الجانب الأمني، رغم أهميته"، مستدركاً "لكن هناك حاجة إلى تفعيل الملفات والمجالات الأخرى، وهي مهمة اليوم. العراق بلد يمتلك موارد اقتصادية كبيرة، وهو بلد مؤثر في سوق الطاقة، وهناك فرص كثيرة ممكن أن تكون مجالات لعمل الشركات الأميركية في مختلف القطاعات الاقتصادية والخدمية، والعمرانية في العراق".

ورغم تراجع نشاط داعش، إلا أن محللين لنشاط التنظيم يقولون أنه يعمل على سياسة الكر والفر واستغلال الفرص والثغرات، فهو لا يركز مثل السابق على احتلال المناطق، ولهذا يشن ضرباته بعد تراخي القوات الأمنية في بعض المناطق التي تشهد استقراراً نسبياً، ولهذا يجب استمرار أخذ الحيطة والحذر، ومتابعة خلايا هذا التنظيم خصوصاً في المناطق الصحراوية والجبلية والزراعية، التي تعد منطلقاً لكل عملياته.

وشدد السوداني أيضا على أن "ما يهمنا هو الوضع الأمني، وعلاقتنا مع التحالف الدولي في العراق"، مؤكداً أن "العراق لا يحتاج إلى قوات قتالية، سواء كانت من الولايات المتحدة أو من باقي دول التحالف الدولي"، مشيراً إلى أن القوات الأمنية العراقية وصلت اليوم إلى مرحلة متقدمة من الجاهزية، والإمكانية، والمقدرة على المحافظة على استقرار الأمن، وتعقب خلايا "داعش" التي تمثل مجاميع تطارد في الصحاري، والجبال، والكهوف، وليس لها أي مكان، ولا تهدد كيان الدولة".

ويوجد في الوقت الراهن نحو 2500 جندي أميركي في العراق، تتركز مهامهم على التصدي لفلول تنظيم "داعش" وسيتغير الدور الأمريكي في العراق بالكامل ليقتصر على التدريب وتقديم المشورة للجيش العراقي.

وانخفضت وتيرة هجمات التنظيم وفق التحالف الدولي، الذي أفاد في وقت سابق، بتراجع في هجمات داعش في العراق وسوريا خلال الأشهر الأولى من عام 2023، بنسبة 68 في المائة، مقارنةً بالفترة نفسها من العام السابق.

وكان السوداني قد أصدر توجيهات للقيادات الأمنية، قبل عدة أشهر، بالتأهب وإجراء مراجعات شاملة للخطط العسكرية، مشدداً على تغيير التكتيكات العسكرية المتبعة في المناطق التي تشهد نشاطاً لـ"داعش"، واتباع أساليب غير تقليدية للمواجهة، بهدف إضعاف قدرات عناصر التنظيم والحد من حركاتهم.