سوريون هربوا من الحرب لينتهوا ضحايا في درنة

تحديد 112 قتيلا من سوريا وأكثر من مئة مفقود حتى الآن.
الأربعاء 2023/09/20
المآسي تلاحق السوريين

درنة (ليبيا)- غادر سوريون من مختلف الفئات المجتمعية بلادهم التي مزقتها الحرب إلى مدينة درنة الليبية على مدى السنوات الماضية. ومكثوا فيها بحثا عن فرص عمل أفضل تمكنهم من تحسين أوضاعهم.

وأصبح العشرات منهم الآن في عداد المفقودين ويخشى ذووهم من أن يكونوا في عداد الموتى بعد أن تسببت عاصفة دانيال في فيضانات كارثية اجتاحت المدينة الساحلية ليلة الأحد، وأحدثت دمارا وجرفت أحياء سكنية بأكملها إلى البحر.

وتجاوزت حصيلة القتلى 11 ألفا، وسُجّل أكثر من 10 آلاف مفقود. ولا يزال البحث جار عنهم.

وأفاد مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان الاثنين أنه تم تحديد 112 قتيلاً من سوريا وأكثر من مئة مفقود حتى الآن.

ومن بين الضحايا من كانوا يعيشون ويعملون في ليبيا لفترة طويلة، ومهاجرون سوريون كانوا يتخذون من ليبيا نقطة عبور في جهودهم للوصول إلى أوروبا التي يصلونها في أغلب الأحيان بعد رحلات خطرة عبر البحر المتوسط في قوارب غير آمنة ينظمها المهربون.

وقبل عامين، غادر عمار كنعان، ويبلغ من العمر 19 عاما، منزله في محافظة درعا جنوب سوريا. وكانت المنطقة إحدى بؤر انتفاضة 2011 التي اندلعت ضد حكومة الرئيس بشار الأسد.

وتوجه كنعان إلى ليبيا حيث خطط للعمل وتوفير المال لدفع رسم للسلطات السورية يبلغ حوالي 8 ألف دولار يعفيه من الخدمة العسكرية الإجبارية.

وقالت والدته نسمة جباوي في حديث مع وكالة “أسوشيتد برس” إن ابنها تحدث معها آخر مرة بعد ظهر يوم الأحد. وأخبرها أنه سيغلق محل الحلويات الذي يعمل فيه ويعود إلى منزله حيث سمع عن توقعات بحدوث عاصفة قوية.

وحاولت جباوي الاتصال به يوم الاثنين أكثر من مرة دون جدوى. ويُظهر حسابه على واتساب أن هاتفه كان متصلا بالإنترنت آخر مرة عند الساعة 1:30 صباحا يوم الاثنين. وقالت والدموع تخنقها “لا نزال نتشبث بالأمل”.

◙ العشرات من السوريين أصبحوا في عداد المفقودين ويخشى ذووهم من أن يكونوا في عداد الموتى بعد أن تسببت عاصفة دانيال في فيضانات كارثية اجتاحت المدينة الساحلية

وبينما ضربت العاصفة درنة في وقت متأخر من يوم الأحد، قال السكان إنهم سمعوا انفجارات مدوية عندما انهارت السدود خارج المدينة. وجرفت مياه الفيضانات وادي درنة المار من الجبال عبر المدينة إلى البحر.

وتوجه عم كنعان يوم الثلاثاء بالسيارة إلى درنة من بنغازي بشرق ليبيا حيث يعمل، ووجد أن المياه جرفت المبنى الذي كان يعيش فيه ابن أخيه.

وقال الجباوي “يعتبر كل من كان بالداخل ميتا”.

وشهدت ليبيا سنوات من الصراع مثلما حدث في سوريا، حيث أودت الحرب الأهلية بحياة نصف مليون شخص وأجبرت أكثر من خمسة ملايين آخرين على اللجوء إلى بلدان في مختلف أنحاء العالم.

وانقسمت الدولة الغنية بالنفط الواقعة في شمال أفريقيا بين حكومتين متنافستين في الشرق والغرب منذ 2014، بدعم من ميليشيات مختلفة ورعاة دوليين. وتخضع درنة للإدارة الشرقية في ليبيا، حيث يتمتع القائد العسكري خليفة حفتر بسلطة كبيرة.

لكن ليبيا قدمت بالنسبة إلى البعض من السوريين آفاقا لحياة أفضل. ويمكن للسوريين الدخول بسهولة إلى ليبيا بتأشيرة سياحية والعثور على عمل، حيث كانت الأجور أعلى مما يكسبه الكثيرون في وطنهم.

وجاء زيد مرابح، البالغ من العمر 19 عاما، إلى ليبيا قبل عامين من مدينة حمص وعمل نجارا. وبحسب التقرير الذي أعده باسم مروه لوكالة أسوشيتد برس روى مرابح عبر الهاتف من درنة كيف شاهد المياه تتدفق نحو مبناه ليلة الأحد. وقال “سمعت دويا عاليا. وكانت تلك لحظة انهيار السدود”.

◙ حصيلة القتلى تجاوزت 11 ألفا، وسُجّل أكثر من 10 آلاف مفقود. ولا يزال البحث جار عنهم

وعندما بدأ ارتفاع منسوب المياه في حيه، أسرع إلى أراضي تل شيحا الشرقي المرتفعة. ورأى المياه من هناك تدمر كل شيء في طريقها.

وعاد صباح يوم الاثنين بعد أن انحسرت المياه للاطمئنان على عمه وأقاربه. واختفى المبنى الذي كان يعيش فيه. وقال إن عمه عبدالله مرابح وخالته زينب وابنتهما شهد البالغة من العمر سنة واحدة كانوا من بين الموتى.

وأضاف مرابح أنه بحث في الجثث الموجودة في الشارع، لكنه لم يتمكن من العثور على عائلة عمه.

وفي العاصمة السورية دمشق، تلقى أفراد عائلة قلعجي يوم الخميس التعازي بعد موت أفراد أسرتهم الثمانية في درنة.

وقالت الأسرة في بيان إن فراس قلعجي (45 عاما) وزوجته رنا الخطيب وأطفالهما الستة سيدفنون في ليبيا.

2