تونس تمنع زيارة استعراضية من قِبَل وفد برلماني أوروبي

الزيارة هي نتاج لأجندة الجمعيات الإسلامية التي تحركت للضغط على برلمانيين لزيارة تونس وهم يعرفون مقدما أن السلطات ستمنعهم.
الجمعة 2023/09/15
هيئة استشارية بلا صلاحيات

تونس- اعتبرت أوساط سياسية منع تونس وفدا من البرلمان الأوروبي من دخول أراضيها بأنه أمر متوقع، خاصة أنها ليست المرة الأولى التي يأتي فيها وفد أوروبي إلى البلاد، وهو يعرف حساسية السلطات التونسية تجاه أي تدخل خارجي في شأنها الداخلي.

يأتي هذا فيما تبدو زيارة الوفد البرلماني الأوروبي حركة استعراضية ليس إلا، خاصة أن البرلمان الأوروبي هيئة استشارية بلا صلاحيات، وأن الهدف من وراء ذلك هو القول بأن أعضاء الوفد زاروا البلاد والتقوا بمن جاءوا للقائهم.

قيس سعيد: تونس لا تقبل بالتدخل في شؤونها الداخلية
قيس سعيد: تونس لا تقبل بالتدخل في شؤونها الداخلية

وتعتقد الأوساط السياسية التونسية أن الزيارة هي نتاجُ أجندة الجمعيات الإسلامية التابعة للإخوان المسلمين التي تحركت مؤخرا للضغط على برلمانيين بهدف زيارة تونس، وهم يعرفون مسبقا أن السلطات ستمنعهم. وتشير هذه الأوساط إلى أن هدف الزيارة يتحقق بالاستعراض سواء سمحت تونس للوفد البرلماني الأوروبي بالدخول أم لم تسمح.

ويرى الرئيس التونسي قيس سعيد التدخل الخارجي في مسألة حقوق الإنسان تدخلا يمس بالسيادة الوطنية، وهو يرفضه بشكل قاطع، سواء أكان من الوفود السياسية والبرلمانية أم من الجمعيات الحقوقية.

وما يثير التساؤل هو أن الوفد أوحى، في تصريح أدلى به أحد أعضائه، بأن الزيارة التي تتيح الاتصال بالجمعيات والسياسيين والنقابيين هي جزء من اتفاق الشراكة الذي تم توقيعه مؤخرا بين تونس والاتحاد الأوروبي.

ويفترض أن تؤدي هذه الشراكة، التي تم التوقيع عليها في يوليو الماضي بتونس، إلى الحد من عدد المهاجرين الذين يغادرون السواحل التونسية، ولم يأت أي ذكر خلال الإعلان عن الاتفاق لموضوع الرقابة على حقوق الإنسان، أو زيارة وفود للتقصي ولقاء المعارضين.

وقال الكاتب والمحلل السياسي مراد علالة إن رفض تونس لزيارة الوفد “موقف سيادي يستند إلى جملة من المعطيات، ويبدو أن داخل الوفد شخصا عُرف بمواقف معادية لتونس تتجاوز مهمة مسؤول أوروبي يتفاعل مع الحقوق والحريات”.

وأضاف علالة في تصريح لـ”العرب” أن الحقوق والحريات ليست لها حدود ولكن عندما تتجاوز المسألة الحدود “تصبح كل دولة مطالبة بحماية سيادتها”، وقال “زارنا من قبل وفد من الحلف الأطلسي ووفود برلمانية أوروبية في إطار قضايا إقليمية معينة دون التدخل أو المساس بالسيادة الوطنية”.

وتابع علالة “وزارة الخارجية التونسية استشعرت أن هناك أشخاصا غير مرغوب فيهم وجرت مفاوضات لتغيير تركيبة الوفد لكن تونس رفضت استقبالهم، وبالتالي انتقاد الديمقراطية في تونس أمر مقبول، لكن التطاول على سيادة البلاد أمر مرفوض”.

◙ زيارة الوفد البرلماني حركة استعراضية ليس إلّا، خاصة أن البرلمان الأوروبي هيئة استشارية بلا صلاحيات

وسبق أن أكد قيس سعيد أن “تونس لا تقبل بالتدخل في شؤونها الداخلية”، متسائلا “هل توجد دولة في العالم تقبل بأن يكون على أرضها أشخاص خارج الأطر القانونية؟”.

وتابع “لا مجال أيضا لأن يتدخل في شؤوننا أحد، لا بأمواله ولا بضغوطه، نحن شعب له سيادته وكرامته”.

وطالب الرئيس التونسي بقانون يمنع تمويل الجمعيات غير الحكومية من الخارج، معتبرا أن تلك الجمعيات “امتداد لقوى خارجية”.

وأضاف “هي في الظاهر جمعيات ولكنها امتداد للخارج”، وقال “لن نسمح بأن تأتي هذه الأموال إلى الجمعيات للعبث بالدولة التونسية أو القيام بحملات انتخابية”.

وكان من المقرر أن يتوجّه الوفد الأوروبي الذي يضمّ خمسة نواب، من بينهم ثلاثة فرنسيين، إلى تونس العاصمة الخميس “لفهم الوضع السياسي الحالي بشكل أفضل” وتقييمه بعد توقيع الاتفاق. وخطط الوفد برئاسة النائب الألماني مايكل غاهلر للقاء أفراد من المجتمع المدني ونقابيين وممثلين للمعارضة التونسية.

وفي رسالة موجهة إلى الوفد اكتفت السلطات التونسية بإبلاغ هؤلاء النواب في لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الأوروبي بأنه “لن يسمح لهم بدخول الأراضي الوطنية”.

مراد علالة: رفض تونس لزيارة الوفد موقف سيادي يستند إلى جملة من المعطيات
مراد علالة: رفض تونس لزيارة الوفد موقف سيادي يستند إلى جملة من المعطيات

واعتبر النواب أن “هذا الموقف غير مسبوق منذ الثورة الديمقراطية عام 2011″، مطالبين تونس بـ”تبرير مفصل”.

ودعت كتلة الاشتراكيين والديمقراطيين في البرلمان الأوروبي إلى التعليق “الفوري” لهذه “الشراكة حول الهجرة”.

وأعربت متحدثة باسم المفوضية الأوروبية، ردا على سؤال حول تأثير القرار التونسي، الخميس عن “دهشتها” لكنها رأت أن مواصلة الحوار “أكثر أهمية في ظل التحديات غير المسبوقة التي نواجهها”.

وفي خطابها عن حالة الاتحاد الأربعاء استشهدت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين بهذه الشراكة كمثال، والتي انتقدها بعض أعضاء البرلمان الأوروبي.

ودافعت المفوضية عن اتفاق الشراكة هذا الأسبوع قائلة إنه سمح بزيادة عمليات اعتراض القوارب وعمليات الإنقاذ.

وتعتبر تونس كما ليبيا نقطة الانطلاق الرئيسية لآلاف المهاجرين الذين يعبرون وسط البحر المتوسط باتجاه أوروبا ويصلون إلى إيطاليا.

وتوجهت فون دير لاين إلى تونس بمناسبة التوقيع على هذا الاتفاق برفقة رئيسيْ الحكومة الإيطالية جورجيا ميلوني والهولندي مارك روته.

 

اقرأ أيضا:

         • مواقع وصفحات إلكترونية "مشبوهة" قيد التتبّعات القضائية في تونس

         • اتحاد الشغل يستشعر تراجع نفوذه في تونس

1