صندوق النقد يحذر من عودة الديون العالمية إلى الارتفاع

تفاصيل الدين العالمي أظهرت تضاعف الدين العام الحكومي على مستوى العالم ثلاث مرات منذ منتصف سبعينات القرن الماضي.
الجمعة 2023/09/15
تعددت الأسباب والمشكلة واحدة

واشنطن - حذر صندوق النقد الدولي من احتمال عودة الديون العالمية إلى الارتفاع مجددا بعد تراجعها في العام الماضي، بسبب ارتفاع معدلات النمو الاقتصادي واستقرار معدل التضخم بالإضافة إلى استمرار إصدار السندات في الصين.

وتراجعت نسبة الديون العالمية إلى الناتج الإجمالي بنحو 8 نقاط مئوية في آخر عامين لتصل إلى 238 في المئة، ولكن تظل النسبة أعلى من مستويات ما قبل الوباء بنحو 9 نقاط.

وبحسب تقرير حديث لصندوق النقد، بلغ الدين العالمي 235 تريليون دولار بنهاية عام 2022، وهو يزيد بنحو 200 مليار دولار عن مستواه في عام 2021.

وأظهرت تفاصيل الدين العالمي تضاعف الدين العام الحكومي على مستوى العالم ثلاث مرات منذ منتصف سبعينات القرن الماضي ليصل إلى 92 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي متجاوزاً 91 تريليون دولار نهاية عام 2022.

وكذلك تضاعف الدين الخاص ثلاث مرات ليصل إلى 146 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي مقترباً من 144 تريليون دولار، ولكن على مدى فترة زمنية أطول بين عامي 1960 و2022.

235

تريليون دولار حجم الديون بنهاية 2022 بزيادة قدرها 200 مليار دولار عن 2021

ورغم انتعاش النمو الاقتصادي منذ عام 2020 والتضخم الأعلى من المتوقع كثيراً، ظل الدين العام مرتفعاً بشكل عنيد.

وأدى العجز المالي إلى إبقاء مستويات الدين العام مرتفعة، حيث أنفقت العديد من الحكومات المزيد لتعزيز النمو والاستجابة لارتفاع أسعار الغذاء والطاقة حتى مع إنهاء الدعم المالي المرتبط بالجائحة، وفقاً لصندوق النقد.

وقال الصندوق “يبدو أن الدين العالمي يعود نحو اتجاه الارتفاع التاريخي وسيكون من الضروري إدارة نقاط الضعف الناجمة عن الديون”.

وأوضح أن استمرار ارتفاع الديون العالمية على المدى المتوسط يأتي مع تلاشي ازدهار الاقتصاد العالمي بعد رفع قيود الإغلاق، واتجاه معدل التضخم نحو الاستقرار.

وكانت الصين أكبر استثناء لتراجع الديون في العالم خلال العام الماضي حيث أصدرت المزيد من أدوات الدين العام لدعم اقتصادها خلال فترة الإغلاق لمنع انتشار فايروس كورونا المستجد وانخفاض معدل التضخم نسبيا.

وارتفع إجمالي الدين في الصين بمقدار 7.3 نقطة مئوية إلى 272 في المئة من إجمالي الناتج المحلي في العام الماضي بحسب تقديرات صندوق النقد.

وقال الصندوق في تقريره إن “الصين تعتبر قوة دفع مهمة للدين العالمي خلال العقود الأخيرة”. وكان الارتفاع في معدل الدين العام للصين أعلى كثيرا من الاقتصادات الكبيرة الأخرى.

استمرار ارتفاع الديون العالمية على المدى المتوسط يأتي مع تلاشي ازدهار الاقتصاد العالمي بعد رفع قيود الإغلاق

وزاد معدل الدين العام للصين من 70 في المئة في ثمانينات القرن الماضي عندما كان قريبا من متوسط معدل الدين في الاقتصادات الصاعدة.

وتغيرت تركيبة دائني البلدان النامية بشكل كبير، فقد كانت الديون حتى فترة قصيرة وبشكل كبير بأيدي الدول الأعضاء في نادي باريس، والتي تضم عشرين دولة منها مجموعة السبع وروسيا.

أما الآن فباتت الديون بشكل أساسي بأيدي القطاع الخاص، وتشمل بنوكا وصناديق استثمار وغيرها، بما يصل إلى نحو 61 في المئة.

وشهدت الكثير من الدول غير الأعضاء في النادي وعلى رأسها الصين والهند والكثير من دول الخليج، زيادة في حصتها بحيث تمثل الصين وحدها في بعض الأحيان نصف القروض من دولة أخرى.

ويؤدي تعدد الجهات إلى زيادة تكاليف الاقتراض للدول المعنية ويزيد من صعوبات إعادة هيكلة ديونها قبل أن تخرج عن السيطرة، كما كان الحال قبل أشهر في سريلانكا مع عواقب وخيمة في كثير من الأحيان على الدول المعنية.

وأظهرت دراسة أجراها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في فبراير الماضي أن 52 بلدا من بينها إثيوبيا وغانا وباكستان وسريلانكا وتونس وزامبيا مثقلة بالديون وتواجه خطر التخلف عن السداد. وينفق نصفها 20 في المئة من الميزانية لسداد الفائدة على الديون.

52

بلدا من بينها إثيوبيا وغانا وباكستان وسريلانكا وتونس وزامبيا مثقلة بالديون وتواجه خطر التخلف عن السداد

ومن بين البلدان النامية أو الناشئة التي كان لديها أعلى ديون في 2021 بالنسبة إلى ناتجها المحلي الإجمالي، فنزويلا بواقع 240.5 في المئة والسودان بنحو 181.9 في المئة وإريتريا بنحو 176.2 في المئة ولبنان بنحو 150.6 في المئة.

وضمت القائمة أيضا الرأس الأخضر بحوالي 142.3 في المئة وسورينام بنحو 125.7 في المئة وجزر المالديف بواقع 124.8 في المئة، وفقا لأرقام صندوق النقد الدولي المذكورة في هذا التقرير.

وخلال العقد الماضي، ازدادت مديونية البلدان النامية بأكثر من الضعف، لتصل إلى تسعة آلاف مليار دولار في العام 2021، وهي ازدادت بلا شك في 2022، وفقا للتقرير السنوي للبنك الدولي عن الديون الدولية الذي نُشر في ديسمبر الماضي.

والأسباب متعددة، ومن بينها انخفاض قيمة عملاتها مقابل الدولار في حين أن ديونها غالبا ما تكون مسعّرة بالدولار، وارتفاع معدلات وأسعار الطاقة والأغذية والأسمدة، وكل ذلك يؤدي إلى تجفيف احتياطاتها من العملات الأجنبية.

وقالت الأمينة العامة لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد) ربيكيا غرينسبان نهاية العام الماضي إن “ما بين 70 و85 في المئة من الديون التي تتحملها البلدان الناشئة وذات الدخل المنخفض هي بعملة أجنبية”.

وأكدت أن ذلك جعل البلدان عرضة بشكل كبير للهزات في العملات الكبيرة التي ضربت الإنفاق العام على وجه التحديد في وقت يحتاج فيه السكان إلى الدعم المالي من حكوماتهم.

ومن حيث القيمة المطلقة، فإن البلدان النامية أو الناشئة التي كانت لديها أعلى ديون في العام 2021 هي الأرجنتين بنحو 114.8 مليار دولار المئة وباكستان بنحو 94.7 مليار دولار.

وتضم القائمة التي ساقها البنك الدولي أنغولا بنحو 46.7 مليار دولار وأوكرانيا بنحو 44.6 مليار دولار والإكوادور بنحو 38.7 مليار دولار.

وقالت كليمانس لاندرز من مركز سنتر فور غلوبل ديفلوبمنت لوكالة فرانس برس إن هذه البلدان “تواجه صعوبة في تحمل كلفة ديونها وإيجاد الموارد اللازمة لمشاريع البنى التحتية أو المشاريع المتعلقة بتغير المناخ، في آن واحد”.

10