بجهود عمانية.. سوريا تسترد قطعا أثرية مهربة إلى الخارج

وزيرة الثقافة السورية توجه الشكر لسلطنة عمان وللجهات التي شاركت في عملية استعادة ونقل الآثار المسروقة من بريطانيا.
الخميس 2023/09/14
استرجاع الهوية والتاريخ

مسقط - استردت سوريا بالتعاون مع المتحف الوطني في سلطنة عمان قطعا أثرية تم تهريبها إلى الخارج، حيث عثر عليها في المتحف البريطاني بالمملكة المتحدة.

وعمل المتحف الوطني العماني على تسيلم القطع الأثرية من خلال التنسيق مع عدد من الجهات المعنية بالشؤون الأثرية المحلية والدولية، وفي إطار جهود الوساطة التي يتبناها المتحف، ودعمه لجهود حفظ وصون التراث الثقافي السوري المتضرر خلال سنوات الحرب، حيث أجريت مؤخرا مراسم تسليم القطع الأثرية بين المتحف الوطني العماني والسفارة السورية في سلطنة عمان.

ووجهت وزيرة الثقافة السورية الأكاديمية لبانة مشوح في كلمة لها عبر الفيديو الشكر لسلطنة عمان وللجهات التي شاركت في عملية استعادة ونقل الآثار المسروقة من بريطانيا، مشيدة بالمتحف الوطني العماني الذي ساهم في إعادة قطع من آلاف القطع التي امتدت إليها أيادي العابثين ولصوص الآثار في المناطق التي عاث فيها الإرهابيون وشذاذ الآفاق تخريبا وتدميرا.

وأكدت مشوح أن لهذا الاسترداد رمزيته الخاصة، كونه انتصارا للحضارة على التخلف، كما أنه تكلل بالنجاح بعد جهود بذلتها عدة أطراف لسنوات، كان دافعها إدراكها للقيمة الإنسانية الحضارية لهذه الآثار.

إعادة القطع الأثرية إلى موطنها الأصلي سوريا تعكس حرص سلطنة عمان الشديد على التراث الإنساني والسوري

وقال الأمين العام للمتحف الوطني العماني جمال بن حسن الموسوي “إن مبادرة استرجاع القطع الأثرية السورية إلى موطنها، هي نتاج التعاون الثلاثي بين المتحف الوطني والمديرية العامة للآثار والمتاحف السورية، ومتحف الأرميتاج في روسيا الاتحادية، واستكمال لمسيرة التعاون في شأن حفظ وصون التراث السوري الذي تضرر خلال سنوات الأزمة”.

وأكد أن الإسهام في إحياء التراث الثقافي السوري خلال الظروف الاستثنائية التي تمر بها هو واجب إنساني ومسؤولية مشتركة، وله دور كبير في تعزيز الشعور بالهوية الوطنية، وتحقيق مفهوم التصالح والتسامح، وبناء الثقة، ويسهم في عودة الاستقرار السياسي والاجتماعي، لإكمال الطريق في بناء سوريا وإعادة إعمارها.

وأعرب السفير السوري لدى سلطنة عمان الأكاديمي إدريس ميا عن شكره وامتنانه لسلطنة عمان على هذه المبادرة الكريمة التي تعكس حرصهم الشديد على التراث الإنساني بشكل عام والسوري بشكل خاص، وجهودهم في إعادة هذه القطع الأثرية إلى موطنها الأصلي سوريا.

مضيفا “القواسم والمشتركات الحضارية والثقافية بين الجمهورية العربية السورية وسلطنة عمان ضاربة في القدم، فسلطنة عمان وسوريا تشتركان بتاريخهما المتجذر العميق وبالمستويات الحضارية، حيث تحتوي أراضيها آثارا تعود إلى العصور الحجرية والبرونزية كما هو الحال في سوريا”.

كما ألقى أيضا “عبر الفيديو” ميخائيل بيرتروفسكي، مدير متحف الأرميتاج بموسكو، كلمة أشاد فيها بالجهود التي بذلت للوصول إلى الآثار المسروقة واستعادتها إلى سوريا.

وفي تصريح له قال مدير عام مديرية الآثار والمتاحف محمد نظير عوض “إنه في إطار التعاون بين المتحفين الوطنيين في دمشق ومسقط قام المتحف الوطني العماني بتسليم قطع أثرية سورية في غاية الأهمية كانت قد هربت إلى الخارج منذ سنوات وعثر عليها في بريطانيا، وتكفل المتحف الوطني العماني بنقلها من بريطانيا إلى سوريا على نفقته، حيث جرت مراسم تسليم هذه القطع في السفارة السورية بسلطنة عمان ليتم فيما بعد تسليمها إلى المتحف الوطني بدمشق”.

القطع الأثرية المعادة هي "ساكف" حجري، وأجزاء من مبنى أثري مصنوعة من الحجر الصابوني تعود لمنتصف القرن الرابع الميلادي

وبين عوض أن هذه البادرة من قبل المتحف الوطني العماني ومساهمته في استرداد القطع الأثرية ليست الوحيدة ولن تكون الأخيرة في تقديم العون والمساعدة للمتحف الوطني في دمشق، وإنما هناك جملة من المبادرات منها مساهمته في ترميم قطع أثرية سورية تضررت خلال الحرب.

لم تغيّر سنوات من الحرب وجه سوريا عبر تدمير حاضرها وتهديد مستقبل شعبها فحسب، بل أتت على معالم أثرية عريقة وقضت على تراث رمزي ثمين من دون رجعة. ففي سوريا تركت حضارات عدة، من الكنعانيين إلى الأمويين مرورا باليونانيين والرومان والبيزنطيين، تراثا شاهدا عليها. وكانت البلاد تفخر بمواقعها الأثرية في تدمر وحلب وإدلب ودرعا ودمشق والرقة وغيرها من المدن الأخرى.

وقد يكون النزاع الذي اندلع في سوريا في مارس 2011 أنتج الكارثة الإنسانية الأسوأ خلال القرن الماضي، لكن الهمجية التي ضربت التراث الثقافي أسوأ ما مرّ أيضا على أجيال كثيرة.

وخلال سنوات قليلة تحوّلت مدن قديمة إلى ساحات قتال واستحالت الأسواق الأثرية دمارا، ونُهبت قطع من مواقع أثرية أو متاحف كانت تحفظ بين جدرانها روايات من التاريخ وشواهد حضارية، وتبذل سوريا جهودا لاسترجاع ما يمكن استرداده من الآثار المنهوبة.

والجدير بالذكر أن القطع الأثرية المعادة هي “ساكف” حجري، وأجزاء من مبنى أثري مصنوعة من الحجر الصابوني تعود لمنتصف القرن الرابع الميلادي ويعود أصل القطع الأثرية إلى موقع نوى الأثري، في جنوب سوريا.

وحضر مراسم تسليم القطع الأثرية الأكاديمية منى بنت فهد آل سعيد نائب رئيس جامعة السلطان قابوس لشؤون التعاون الدولي رئيس مجلس أمناء المتحف الوطني العماني، والأكاديمي خالد بن هاشل المصلحي وكيل وزارة الخارجية العمانية للشؤون الإدارية والمالية، والأكاديمي حمد بن علي المعني مدير دائرة الشؤون العالمية بوزارة الخارجية العمانية، وعدد من سفراء وممثلي البعثات العربية والأجنبية في السلطنة وبعض أعضاء السفارة السورية بمسقط.

13