أبرز الانهيارات في أسواق المال على مر التاريخ

باريس - تحلّ هذا الأسبوع الذكرى السنوية الخامسة عشرة لانهيار مصرف ليمان براذرز الاستثماري الأميركي على خلفية أزمة الرهون العقارية.
ولم تكن هذه الكارثة معزولة في القطاع المصرفي العالمي إذ شهدت أسواق الأسهم العالمية على مدى القرون الماضية العديد من الأزمات التي تركت ندوبا لا يمكن أن تنسى.
وتعدّ أزمة توليبمانيا التي عرفت بـ”جنون التوليب” أو “الهوس الخزامي” في هولندا، أول فقاعة مضاربة اقتصادية ومالية في التاريخ الحديث.
وقامت هذه الأزمة على تجارة بصيلات هذه الأزهار التي بلغت أسعارها ذروتها قبل انهيارها عام 1637. وبعد خمس سنوات، كان سعر زهرة الخزامى (التوليب) فقد تسعين في المئة من قيمته.
وفي مطلع القرن الثامن عشر وتحديدا في العام 1720، ظهرت أزمة أخرى حيث أقبل الناس في بريطانيا على الاستثمار في شركة بحر الجنوب التي تم إنشاؤها بغرض الاتجار بالعبيد في أميركا الجنوبية وإعادة هيكلة الدين العام. وتسبب انهيار الشركة ومصرف لاو بكارثة للعديد من المستثمرين.
2020
انهارت البورصات العالمية بعد إعلان منظمة الصحة العالمية أن كوفيد – 19 بات جائحة ستتطلب وضع جزء كبير من العالم تحت قيود صحية صارمة
وفي العام 1882 أدى تعثّر مصرف أونيون جنرال الكاثوليكي الفرنسي إلى إفلاس العديد من الصرافين، وانهيار أسواق الأسهم في مدينتي باريس وليون، ما أدخل فرنسا في أزمة اقتصادية حادة.
وبعد قرابة خمسة عقود وتحديدا في أكتوبر 1929، فقد مؤشر داو جونز أكثر من 22 في المئة من قيمته مع بدء التداولات، قبل أن يقلّص الخسائر إلى 2.1 في المئة عند الإغلاق.
وتكررت الخسائر في الأيام اللاحقة، مع 13 في المئة في الثامن والعشرين من الشهر ذاته، و12 في المئة في اليوم التالي. وشكّلت هذه الأزمة بداية حقبة “الكساد الكبير” في الولايات المتحدة وإحدى أسوأ الأزمات الاقتصادية تاريخيا على مستوى العالم.
ويعتبر الاثنين الأسود في 1987 سيناريو مكررا لما حدث في أواخر ثلاثينات القرن الماضي، فقد انهارت بورصة وول ستريت مجددا في التاسع عشر من أكتوبر من ذلك العام.
وكان ذلك على خلفية عجز كبير للولايات المتحدة في الموازنة والتجارة ورفع معدلات الفائدة، وتسببت في فقدان مؤشر داو جونز 22.6 في المئة من قيمته، ما أثار هلعا في الأسواق العالمية.
وبعد عشر سنوات من تلك الأزمة وتحديدا في أغسطس 1990 برزت أزمة أخرى عرفت بـ”الانهيار الروسي”، فقد خسر الروبل 60 في المئة من قيمته خلال 11 يوما، منها 17.13 في المئة في يوم واحد فقط.
وبسبب ذلك دخلت روسيا في أزمة اقتصادية ومالية مرتبطة جزئيا بتبعات الأزمة المالية الآسيوية لعام 1997. وأعلنت موسكو تعليق سداد ديونها الخارجية لفترة 90 يوما، ولم تتمكن من الاقتراض مجددا من الأسواق العالمية طوال عقد من الزمن.
وتفادى صندوق أل.تي.سي.أم الأميركي الذي كان يقوم بعمليات على السندات المستحقة، التعثر بفضل تدخل الاحتياطي الفيدرالي الأميركي (البنك المركزي).
وشهد مطلع القرن الحادي والعشرين انهيار فقاعة شركات الإنترنت وقيمتها في البورصة. وبعدما بلغ مستوى قياسيا في العاشر من مارس العام 2000، انهار مؤشر ناسداك الذي يركز على شركات الإنترنت والتكنولوجيا.
وفقد المؤشر نحو 27 في المئة من قيمته في الأسبوعين الأولين من أبريل، و39.3 في المئة خلال عام. وانعكس هذا التراجع على كل الأسواق المرتبطة بـ”الاقتصاد الجديد” القائم على المعلوماتية والإنترنت.
وتبدو الأزمة الأكثر وقعا تلك التي ظهرت في العام 2008، فقد قامت بشكل أساسي على منح مصارف في الولايات المتحدة أشخاصا مشكوكا بسلامة وضعهم المالي، قروضا عقارية عالية المخاطر ثم بيعها على شكل استثمارات لمؤسسات مالية، ما غذّى طفرة في سوق العقارات.
ومع تعثّر المقترضين وعدم قدرتهم على السداد، انهارت أسواق المال ودخل القطاع المصرفي في أزمة توّجت بإفلاس مصرف ليمان براذرز. وفقد الملايين من الأميركيين منازلهم جراء الأزمة.
وبعد سبع سنوات على ذلك ظهر الانهيار الصيني، فبعد أداء مدفوع بالقروض الميسّرة، فقدت بورصة شنغهاي أكثر من 40 في المئة خلال أسابيع قليلة، على الرغم من محاولة الحكومة التدخل لوقف انهيار ترددت أصداؤه في مختلف الأسواق العالمية.
ومع تفشي وباء كورونا انهارت البورصات العالمية في مارس 2020 بعد إعلان منظمة الصحة العالمية أن كوفيد – 19 بات جائحة ستتطلب وضع جزء كبير من العالم تحت إغلاق وقيود صحية صارمة.
وغداة الإعلان الصادر في الحادي عشر من مارس، سجلت البورصات العالمية خسائر هائلة في ما عرف بـ”الخميس الأسود”، إذ خسرت باريس 12 في المئة من قيمتها، ومدريد 14 في المئة، وميلان 17 في المئة.
أما خسائر بورصة لندن التي بلغت في ذلك اليوم 11 في المئة، ونيويورك بواقع عشرة في المئة، فكانت الأكبر منذ العام 1987. واستمرت هذه المعاناة لأيام، خصوصا في الولايات المتحدة حيث فقدت سوق الأسهم أكثر من 12 في المئة في السادس عشر من مارس.