الكويت تحافظ على امتيازات مسؤوليها رغم المصاعب المالية

الكويت - أعاد سؤال برلماني وجّهه نائب كويتي إلى المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية بشأن ما يعرف بالمعاشات الاستثنائية تسليط الضوء مجدّدا على ظاهرة هدر المال العام التي لا تعني سرقتَه بالضرورة بقدر ما تعني في كثير من الأحيان أنها ظاهرة منظمة ومحمية بقوة القانون.
وتوجّه مهنّد الساير النائب بمجلس الأمة الكويتي إلى حكومة الشيخ أحمد نواف الأحمد الصباح بسؤال بشأن وجاهة مواصلة العمل بالمادة ثمانين من قانون التأمينات الاجتماعية والتي تمنح مجلس الوزراء حق تقرير منح المعاشات الاستثنائية وفقا لسلطته التقديرية، وعما تسببه تلك المعاشات من هدر للمال العام وضغط غير مبرّر على موازنة الدولة.
وجاء السؤال ليمسّ إحدى أكبر المشكلات التي تواجه المالية الكويتية وتمثّل ضغطا مستمرا عليها بينما تقف إرادة نيابية قوية ضدّ تغييرها والتخلّص منها.
وتتمثل تلك المشكلة في المنح والتقديمات الاجتماعية السخية التي تمنح بالمجان لشرائح واسعة من المواطنين الكويتيين بمن فيهم من ليسوا في حاجة إليها على غرار كبار المسؤولين والموظّفين في الدولة وأيضا بعض نواب البرلمان كما هي الحال بشأن المعاشات الاستثنائية.
هدر المال العام في الكويت لا يعني سرقته بالضرورة بقدر ما يعني سوء إنفاقه بطرق منظمة ومحمية بقوة القانون
وبينت إجابة وزير المالية فهد الجارالله على سؤال النائب أن 36 نائبا بالبرلمان الحالي و9 وزراء حاليين يتمتعون بالمعاش الاستثنائي بحسب تصنيف المؤسسة للفئات المستحقة والثابتة على النظام الآلي المعمول به لديها.
كما نقلت وسائل إعلام محلية أنّ إجابة الوزير بينت أيضا أن من بين المتمتعين بالمعاش الاستثنائي 139 وزيرا سابقا و162 نائبا سابقا و45 عضو مجلس بلدي 29 منهم سابقون و16 حاليون، إضافة إلى 78 من قياديي مؤسسة البترول و73 مختارا و225 مصنفين كذوي خبرات و93 من ذوي الحالات الفردية و605 في الدواوين الرسمية.
واعتبر الساير أنّ استمرار العمل بالمادة 80 من قانون التأمينات الاجتماعية هو في حقيقته استمرار لهدر الأموال العامة وتصفية لخزينة الدولة دون مراعاة لقواعد العدالة الاجتماعية.
وقال إن الإجابة التي جاءت ردّا على سؤاله بشأن أعداد من يحصلون على معاش استثنائي كشفت أن الخزانة العامة للدولة تدفع سنويا أكثر من ستة مليارات دولار، جزء كبير منها لـ1825 وزيرا ونائبا وقياديا في الديوان الأميري وديوان ولي العهد ومجلس الوزراء، مؤكّدا أنّ بقاء هذه المادة كفيل بصناعة طبقة اجتماعية جديدة تجعل من الكويتيين غير متساوين في الحقوق.
وبدأت قضية التقديمات الاجتماعية الضخمة من قبل الدولة الكويتية تثار بقوّة في إطار الحديث عن ضرورة ترشيد الإنفاق وإدخال إصلاحات اقتصادية تتلاءم مع الضغوط المالية على موازنة البلاد.
من بين المتمتعين بالمعاش الاستثنائي 139 وزيرا سابقا و162 نائبا سابقا و45 عضو مجلس بلدي 29 منهم سابقون و16 حاليون
لكن الوضع الاستثنائي الذي تعيشه الكويت بفعل وجود برلمان واسع السلطات وضاغط باستمرار على الحكومة لم يسمح بتمرير مثل تلك الإصلاحات التي ستكون الكثير منها غير شعبية مثل تقليص الرواتب والمعاشات وفرض بعض الضرائب.
وقال وزير المالية الكويتي المعيّن حديثا في المنصب إن بلاده تعمل على إيجاد وسائل تعزز من الإيرادات غير النفطية ليس من ضمنها ضريبة القيمة المضافة والانتقائية، ودون التأثير على الحالة المعيشية للمواطنين.
وجاء كلام الوزير بمثابة ردّ على تهديدات للحكومة أطلقها نواب في البرلمان بعد رواج أنباء بشأن توجّهها نحو إقرار ضريبة القيمة المضافة وضريبة انتقائية في إطار ملاءمة الوضع الجبائي للكويت مع أمثاله في باقي بلدان مجلس التعاون الخليجي.
ولا يرى المراقبون كيف يمكن للكويت أن تفتح ملف الإصلاح الاقتصادي دون التقليص ولو بشكل جزئي من التقديمات الاجتماعية السخية والامتيازات المالية الممنوحة للمواطنين والتي تجعلها من آخر دول العالم تطبيقا لنموذج دولة الرفاهية الذي تخلّت عنه معظم الدول نظرا إلى طبيعته غير المنتجة.
وقال الجارالله إن وزارته بصدد دراسة حلول وخيارات للتغلب على أزمة السيولة التي قد تواجه الحكومة من خلال طرح حلول استباقية لتجنب وقوع أي خلل في التدفقات النقدية.