حقوق المؤلف في المغرب: الكتاب بين تحديات القرصنة والرقمنة

سعادة بائعي الكتب المتجولين سبب في تعاسة أصحاب المكتبات والمؤلفين والناشرين.
السبت 2023/09/09
المغرب يحاول حماية صناعة الكتاب

يواجه المغرب على غرار البلدان العربية الأخرى تحديات كبيرة لحماية حقوق المؤلفين والملكية الفكرية، ورغم القوانين التي سنها وطورها مؤخرا، فإن الواقع مازال لا يتواءم مع التشريعات، ومازال المؤلفون يواجهون اعتداءات صارخة، وهو ما يدعو إلى معالجة أكثر عمقا للموضوع.

مريم الرقيوق

الرباط - يصادف المرء وهو يتجول في وسط مدينة الرباط من يسمون بـ”الفراشة” في الهواء الطلق يعرضون الكتب بالعربية والفرنسية والإنجليزية من مختلف الأحجام، ومن بينها عناوين حديثة ومن الأكثر مبيعا بسعر لا يتجاوز 30 درهما مغربيا (قرابة الثلاثة دولارات أميركية)، وأخرى من الأكثر رواجا في مجال التنمية الشخصية وكلاسيكيات الأدب العربي بسعر 20 درهما بل و10 دراهم أيضا.

ولا يصعب على هذه “السويقات” الأدبية، المقامة وسط الشوارع المزدحمة لفت أنظار المهتمين الذين تجذبهم الأسعار المنخفضة للكتب، فيتغافلون عن رداءة النسخ المعروضة التي يكشف تصفحها بعناية عن غياب تام لصفحات بأكملها والبعض الآخر غير قابل للقراءة. على أن ذلك لا يردع “صائدي الفرص” الذين لا يرغبون في صرف مال أكثر لاقتناء قليل من الثقافة بشكل قانوني.

الأعمال الأدبية والصحفية

عبدالحكيم قرمان: حماية حقوق المؤلف أمر معقد يتطلب عدة توازنات
عبدالحكيم قرمان: حماية حقوق المؤلف أمر معقد يتطلب عدة توازنات

في الوقت الذي تنشط فيه تجارة باعة الكتب المتجولين، تكاد المكتبات تكون مهجورة من الزبائن، حيث تتوزع أكوام الروايات والموسوعات والكتب الأكاديمية الجديدة على الرفوف، في انتظار زبون لا يأتي. لتكون سعادة بائعي الكتب المتجولين سببا في تعاسة أصحاب المكتبات، ومعهم المؤلفون المحرومون من عوائد أعمالهم.

من الواضح أن انتهاكات حقوق المؤلف لا تستثني أيّ شكل من أشكال الإبداع (سينما وموسيقى وفنون تشكيلية وبصرية وما إلى ذلك). لكن يبدو أن الكتاب هو الأكثر تضررا، من وجهة نظر الناشرة نادية السالمي، مديرة دار النشر “يوماد”، التي عبرت في تصريح لها عن الأسف لأنه “على سبيل المثال، لا يمكن قرصنة فيلم مّا دون إثارة ضجة، بينما يتم كل يوم تداول نسخ غير قانونية من الأعمال الأدبية والأكاديمية، على مرأى ومسمع من الجميع”.

هذا المعطى يؤكده الصحافي ومدير دار النشر “أوريون” عبدالحق نجيب، الذي أبرز في تصريح مماثل أن “التساهل بخصوص الكتب وكل ما هو مطبوع أصبح قاعدة”، وأن “الانتحال والنسخ غير القانوني أصبحا شائعين للغاية إلى درجة جعلت المؤلف ضحية هذه الممارسات يستسلم للأمر الواقع، ولا يقدم أيّ شكوى في الموضوع”.

ولتفسير هذا “الضرر” الذي يعاني منه الكتاب، يشير رئيس الائتلاف المغربي للملكية الفكرية عبدالحكيم قرمان إلى أن “الكتب سهلة نسبيا في إعادة إنتاجها وتوزيعها، مما قد يجعل القرصنة أكثر انتشارا”.

ويبيّن في حديث معه أنه “بالمقارنة مع ذلك، قد تتطلب الأعمال السينمائية والموسيقية موارد ومهارات محددة ليتم نسخها على نطاق واسع”، لافتا إلى مسألة ظهور التكنولوجيا الرقمية التي صار معها ممكنا رقمنة الكتب بسهولة أكبر، وتوزيعها عبر الإنترنت دون إذن”.

ويعد الصحافيون، إلى جانب المؤلفين وبائعي الكتب والناشرين، من بين الفئات المهنية الأكثر تضررا بالتطور التكنولوجي، وما ينجم عنه من انتهاكات عديدة للملكية الفكرية.

ويدق رئيس الفيدرالية المغربية لناشري الصحف محتات الرقاص ناقوس الخطر في هذا الخصوص، حيث يوضح أن “الاستخدام غير المصرح به لمقالات الصحافة المكتوبة أصبح ممارسة شائعة في محركات البحث الدولية”، مشيرا إلى تطبيقات للهواتف المحمولة ومنصات الإنترنت تقدم خدمة مجانية تتيح لك تصفح مجموعة من الصحف الوطنية والأجنبية صفحة تلو الأخرى، في نسخة رقمية.

ويضيف أن “الأدهى من ذلك هو أن التقارير والتحقيقات والسبق الصحفي، وغيرها من الأعمال التي تنتجها الصحافة المكتوبة على حساب الجهود التحريرية والاستثمارات المالية والتحقيقات الميدانية الدقيقة، يتم نهبها وإعادة إنتاجها بشكل غير قانوني على المواقع الإلكترونية أو شبكات التواصل الاجتماعي، ويتم نشرها، قبل أن تصل إلى أيدي القراء حتى.

ويتابع “لك أن تتخيل الضرر المعنوي والمادي الذي تلحقه هذه الممارسات بالصحف التي تكافح من أجل البقاء في أصعب الظروف الوطنية والدولية”.

القانون والوعي

الصحافيون إلى جانب المؤلفين وبائعي الكتب والناشرين يعدون من بين الفئات المهنية الأكثر تضررا بالتطور التكنولوجي

تشيع إذن ممارسات غير مشروعة عديدة تطال حقوق المؤلف من نسخ ولصق وقرصنة، وإعادة استعمال دون ترخيص، واستغلال رقمي غير القانوني، لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو لماذا لا نتخذ إجراءات صارمة ضد المخالفين، في وقت تؤدي فيه انتهاكات الملكية الفكرية في بلدان أخرى إلى أحكام بالسجن مصحوبة بغرامات باهظة؟

في المغرب، يعود تاريخ صدور أول قانون يتعلق بحماية المصنفات الأدبية والفنية إلى 23 يونيو 1916. وقد تم إدخال تعديلات على هذا القانون بموجب الظهير الشريف رقم 1.05.192 المؤرخ في الـ14 من فبراير 2006، وذلك بهدف مواكبته للتطورات التكنولوجية المتسارعة. وفي عام 2014 تم تعديل هذا النص باعتماد القانون 97.12 لسنة 2014، بهدف المواءمة، من خلال اعتماد متطلبات جديدة مرتبطة بالتعويضات عن “النسخة الخاصة”.

وشهدت سنة 2022 اعتماد القانون رقم 66.19 المعدل والمتمم للقانون رقم 2.00 المتعلق بحق المؤلف والحقوق المجاورة والذي يمنح، لأول مرة، ناشري الصحف حق الحصول على تعويض مقابل الاستغلال الرقمي لمنشوراتهم على شبكة الإنترنت.

وبالفعل، تنص المادة 64 من القانون رقم 2.00 المتعلق بحق المؤلف والحقوق المجاورة (النسخة الموحدة المؤرخة في 9 يونيو 2014) على أنه “يعاقب بالحبس من شهرين إلى ستة أشهر وغرامة من عشرة آلاف إلى مائة ألف درهم، أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط، كل من ارتكب بطريقة غير مشروعة وبأيّ وسيلة كانت، لأغراض الاستغلال التجاري، انتهاكا متعمدا لحقوق المؤلف”.

وينص النص نفسه على ضرورة حصول مزودي خدمات الإنترنت على ترخيص مسبق من المؤلفين أو أصحاب حقوقهم لاستغلال أعمالهم على الإنترنت.

المغرب أحرز تقدما كبيرا في اعتماد قوانين حديثة لحماية حقوق المؤلف والحقوق المجاورة لكن المشكلة في تطبيقها

وفي إطار استكمال الترسانة التنظيمية المخصصة لحماية حق المؤلف، صادق المجلس الحكومي، في يوليو الماضي، على مشروع المرسوم رقم 2.23.76 بتطبيق أحكام القانون رقم 2.00 المتعلق بحق المؤلف والحقوق المجاورة، فيما يخص مستحقات النسخ التصويري.

وتم إنشاء المكتب المغربي لحقوق المؤلف عام 1965، ثم تحول إلى مؤسسة عمومية، وهو مسؤول بشكل جماعي عن تدبير حق المؤلف والحقوق المجاورة نيابة عن المبدعين والفنانين وأصحاب الحقوق. وتقوم المؤسسة بجمع المداخيل من مصادر مختلفة، مثل حقوق البث، وحقوق النسخ، وحقوق الأداء العام، وما إلى ذلك. ثم يتم توزيع هذه المداخيل على أصحاب الحقوق على أساس استخدام أعمالهم.

ومن الواضح أن المشكلة لا تكمن في القانون، بل في تطبيقه، كما يؤكد ذلك قرمان، إذ أشار إلى أن المغرب أحرز تقدما كبيرا في اعتماد قوانين حديثة لحماية حقوق المؤلف والحقوق المجاورة، بما يتماشى مع المعايير الدولية مثل معاهدات المنظمة العالمية للملكية الفكرية، والاتفاق المتعلق بالجوانب التجارية لحقوق الملكية الفكرية لمنظمة التجارة العالمية. وتوفر هذه الترسانة القانونية أساسا متينا لحماية المبدعين وأصحاب الحقوق في بيئة تتطور باستمرار. ومع ذلك، فإن مقاومة التغيير غالبا ما تكون حاضرة على مستوى الإدارات والمنظمات القائمة.

وبصرف النظر عن القوانين والمراسيم والأحكام التنظيمية، فإن رفع مستوى الوعي يشكل بعدا مهما لأيّ إستراتيجية تهدف إلى الحفاظ على حقوق المؤلفين وتعزيزها. والواقع أن العديد من المؤلفين، بسبب الجهل أو السلبية أو اليأس، لا يحاولون تأكيد حقوقهم المشروعة، ولا يقدمون أيّ شكوى عندما تنتهك هذه الحقوق، الأمر الذي يشكل أرضا خصبة للتراخي والإفلات من العقاب.

وفي ما يتعلق بانتهاكات حقوق المؤلف التي أصبحت كثيرة، يشير الكاتب عبدالحق نجيب إلى أن “هؤلاء الأفراد عديمو الضمير والأخلاق الذين يسمحون لأنفسهم بالاستيلاء على أعمال الآخرين ليسوا الوحيدين الذين يتحملون المسؤولية”، مبرزا أن المسؤولية تقع أيضا على عاتق المؤلفين والمبدعين أنفسهم.

Thumbnail

ويوضح في هذا الصدد أنه “من أصل 300 عنوان نشرتها دار أوريون للنشر، تم تسجيل حوالي عشرة عناوين فقط كملكية فكرية من قبل مؤلفيها. وهذا يدل على عدم الاهتمام بهذا الموضوع. لا يزال هناك الكثير من العمل الإعلامي والتوعية الذي يتعين القيام به في المقام الأول للمؤلفين، لتشجيعهم على حماية مؤلفاتهم، وتنويرهم بالإجراءات اللازمة لدى المكتب المغربي لحقوق المؤلفين، فهذه هي الخطوة الأولى والأساسية، وبعدها ستأتي الخطوات الأخرى”.

كما يمكن التركيز على حملات التوعية العامة (في وسائل الإعلام والمدارس والجامعات) حول مفهوم حقوق المؤلف، والعقوبات التي يتعرّض لها المنتهكون والأضرار الناجمة عن الانتهاكات، سواء للمؤلفين أو لقطاعي الثقافة والنشر، من أجل المساعدة في جعل احترام حقوق المؤلف هاجسا يوميا.

وإذا كانت حماية حقوق المؤلف تنطوي على مهمة معقدة وكبيرة تشمل تفعيل التشريعات والعقوبات والتكوين ومواكبة التكنولوجيا والتحسيس والتوعية، لاسيما في ظل بيئة رقمية تيسّر إساءة استخدام الأعمال الإبداعية، فإن الأمر بالتأكيد يستحق الجهد المبذول، لأن مستقبل الإبداع في المملكة وتأثيره الدولي، وإرساء صناعة ثقافية وطنية ذات سيادة ومستدامة رهين بذلك.

حماية حقوق المؤلف

يجب تنظيم قطاع بيع الكتب
يجب تنظيم قطاع بيع الكتب

حول تلاؤم الإطار التنظيمي المتعلق بحماية حقوق المؤلف في قطاع الكتاب مع التطورات التكنولوجية المتعلقة على وجه الخصوص بالتوزيع على الإنترنت وتطوير الذكاء الاصطناعي التوليدي، يقول رئيس الائتلاف المغربي للملكية الفكرية عبدالحكيم قرمان “لا تقتصر قضية حماية حقوق المؤلف والحقوق المجاورة في المغرب على الحماية القانونية البسيطة، ولكنها ترتبط ارتباطا وثيقا بالتمكين الثقافي والفني للبلد”.

ويضيف “إن قضية حماية حقوق المؤلف تطرح العديد من القضايا المهمة. ويتعلق الأمر الأول بتوزيع الأعمال الأدبية على الإنترنت الذي غير بشكل جذري طريقة توزيع الكتب وقراءتها. وقوانين حقوق المؤلف يجب أن تأخذ في الاعتبار إعادة الإنتاج الرقمي والتوزيع عبر الإنترنت والنماذج التجارية المرتبطة بالمنصات الرقمية وتوفير آليات لتدبير الحقوق وحمايتها”.

أما القضية المهمة الثانية، فتتعلق، في رأيه، بتطور الذكاء الاصطناعي التوليدي الذي يثير أسئلة معقدة فيما يتعلق بحقوق المؤلف.

يقول قرمان “عندما يتم استخدام الذكاء الاصطناعي لإعداد أعمال أدبية، قد يكون من الصعب تحديد أصحابها والحقوق المرتبطة بها. يجب أن تتناول قوانين حقوق المؤلف مسألة الإبداعات المنجزة عبر الآلة وما إذا كانت الإبداعات التي تم إبداعها بتوظيف الذكاء الاصطناعي مؤهلة للحماية وكيفية تمتيع أصحابها بحقوقهم”.

ويلفت إلى أن هناك مفهوم الاستخدام المنصف الذي يجب أيضا إعادة النظر فيه في ظل التكنولوجيات الجديدة. كما يتعين مواءمة الاستثناءات التي تسمح باستخدام الإبداعات المحمية دون الحصول على ترخيص لتأخذ في الاعتبار الأنماط الجديدة للإبداع والاستهلاك.

وحول سبل تحقيق التوازن الدقيق بين الحاجة إلى الدفاع عن حقوق المؤلف والحاجة إلى ضمان الولوج إلى الثقافة ومجتمع المعرفة، يشدد قرمان على أنه يجب أن يكون الإطار التنظيمي لحماية حق المؤلف مرن ا ومدروسا ومتلائما مع احتياجات المبدعين والواقع الجديد للعمل الإبداعي وتوزيعه واستهلاكه. كما أن التعاون بين المشرّعين والمبدعين والناشرين والمنصات عبر الإنترنت وباقي الفاعلين أمر ضروري لضمان التوازن بين حماية الحقوق والولوج إلى الثقافة.

Thumbnail

ويضيف “يمكن للائتلاف المغربي للملكية الفكرية أن يسهم في هذا الصدد من خلال التحسيس بالآثار المترتبة عن احترام حقوق المؤلف وأهمية دعم المبدعين. كما يمكنه تدبير قواعد بيانات تحتوي على معلومات حول الأعمال الإبداعية والمبدعين وأصحاب الحقوق. وهذا يجعل من السهل تتبع تحصيل العوائد وتوزيعها بدقة”.

ويؤكد أنه يمكن للائتلاف أيضا توفير التكوين وتقديم الاستشارة للمبدعين وأصحاب الحقوق حول كيفية حماية حقوقهم وإدارتها، وكذلك كيفية التفاوض من أجل عقود عادلة. مشيرا إلى أن الصناعات الإبداعية، مثل النشر والسينما والموسيقى والفنون البصرية، تضطلع بدور أساسي في الاقتصاد المغربي وبروز المغرب على المستوى الثقافي. ولذلك، فإن حماية المؤلف بشكل قوي يعزز نمو هذه الصناعات من خلال جذب الاستثمار وتشجيع الابتكار.

أما في ما يتعلق بحقوق المؤلف، وإن كان يحظى الكتاب بحماية أقل مقارنة مع باقي أشكال الإبداع مثل السينما والموسيقى والفنون البصرية، فيقول قرمان “في الواقع، تعد حماية حقوق المؤلف أمرا معقدا، لأنها تنطوي على توازنات بين حرية التعبير والإبداع والولوج إلى المعرفة وتعويض المبدعين. إن التحديات المحددة التي يواجهها قطاع الكتاب يمكن أن تجعل تفعيل حماية حقوق المؤلف أكثر صعوبة، لاسيما في بيئة تنتشر فيها ممارسات الانتحال والقرصنة. لكن هذا لا يعني بالضرورة أن الكتاب يتمتع بحماية أقل من أشكال الإبداع الأخرى، بل إن التحديات الخاصة التي يواجهها قطاع الكتاب يمكن أن تخلق تصورا بقصور في الحماية.

ويردّ ذلك إلى أسباب عدة تتعلق أساسا بسهولة نسخ الكتب وإعادة إنتاجها وتوزيعها، الأمر الذي يمكن أن يجعل القرصنة أكثر انتشارا، مقارنة مع الأعمال السينمائية والموسيقية التي تتطلب موارد ومهارات أكثر دقة ليتم نسخها على نطاق واسع.

ويرى أنه من الأسباب التي تعطي انطباعا بأن قطاع أقل حماية من غيره هناك سهولة رصد الانتهاكات على مستواه إذ غالبا ما تكون ممارسات الانتحال والقرصنة أكثر وضوحا في هذا القطاع، حيث يسهل الوصول إلى الأعمال ويمكن توزيعها في شكل نسخ مادية أو رقمية دون قيود كبيرة.

وهناك سبب آخر، في رأيه،  يتمثل في البيئة الرقمية حيث أفضى تطور التكنولوجيا إلى تيسير رقمنة الكتب وتوزيعها عبر الإنترنت دون ترخيص.

Thumbnail

ولا يخفي قرمان أن المغرب أحرز المغرب تقدما كبيرا في اعتماد قوانين حديثة لحماية حقوق المؤلف والحقوق المجاورة، بما يتماشى مع المعايير الدولية مثل معاهدات المنظمة العالمية للملكية الفكرية، والاتفاق المتعلق بالجوانب التجارية لحقوق الملكية الفكرية لمنظمة التجارة العالمية. توفر هذه الترسانة القانونية أساسا متينا لحماية المبدعين وأصحاب الحقوق في بيئة تتطور باستمرار. ومع ذلك، فإن مقاومة التغيير غالبا ما تكون حاضرة على مستوى الإدارات والمنظمات القائمة. ويمكن أن تكون الطرق التقليدية للتدبير الإداري والمالي والتنظيمي مترسخة في الثقافة التنظيمية ويمكن النظر إليها باعتبارها أكثر أمانا، حتى وإن لم تكن الأمثل للاستجابة للتحديات الحديثة.

ويضيف “كما يمكن أن تعزى مقاومة التغيير هذه إلى نقص تأهيل الموارد البشرية وتكوينها. ذلك أن العمليات الحديثة لتدبير حقوق المؤلف، وخاصة في السياق الرقمي، تتطلب إلماما شاملا بالجوانب القانونية والتكنولوجية والتجارية. وقد يواجه الموظفون غير المؤهلين صعوبة في مواءمة الممارسات التقليدية مع الواقع الجديد”.

ويرى أنه من الضروري الإقرار بالحاجة إلى تحديث وإصلاح طرق التدبير. ويشمل ذلك تكوين الموظفين الحاليين وتأهيلهم، وتعزيز الخبرات الوطنية وتشجيع التعاون بين الفاعلين على المستوى الوطني والدولي. كما أن تشجيع الابتكار في تدبير حقوق المؤلف أمر ضروري أيضا. ويمكن أن يشمل ذلك توظيف الحلول التكنولوجية لجمع العوائد وتوزيعها، فضلا عن اعتماد نماذج تدبير أكثر مرونة وشفافية.

أما عن الإجراءات الأخرى ذات الأولوية إضافة إلى الجانب التشريعي، والتي يجب اتخاذها لضمان الحماية الفعالة للمؤلف المغربي، فيرى قرمان أنه من المؤكد أن سن قوانين تحكم القطاع الفني والثقافي، بما في ذلك النهوض بصناعة الكتاب، يعد خطوة حاسمة في إنشاء إطار قانوني متين لحماية حقوق المبدعين والفنانين. ومع ذلك، فإن التشريع وحده لا يكفي بشكل عام لضمان التحول الشامل والمستدام للقطاع. وفي هذا الإطار ينبغي اتخاذ العديد من الإجراءات الأخرى ذات الأولوية، والتي تشمل الجوانب المتعلقة بالتعليم والتوعية وتعزيز الممارسات الجيدة وتعزيز البنية التحتية للصناعة الثقافية.

ويتابع “من الخطوات المهمة التي يجب أخذها بعين الاعتبار، يمكن الحديث عن ضرورة تحسيس الجمهور والمبدعين والمستخدمين بقضايا حقوق المؤلف، والعواقب القانونية والأخلاقية والاقتصادية لانتهاكها، وتحسيس المبدعين، سواء كانوا كتابا أو فنانين أو موسيقيين أو منتجي أفلام، بكيفية حماية إبداعاتهم والخطوات التي يجب اتباعها في حال انتهاك حقوقهم، وتعزيز الاستخدام القانوني للأعمال من خلال التراخيص والاتفاقيات والعوائد المناسبة وتشجيع إنشاء منصات قانونية لتوزيع الإبداعات عبر الإنترنت”.

ومن هذه الخطوات أيضا، يذكر تعزيز مراقبة ممارسات القرصنة والانتحال، وتنزيل العقوبات في حال انتهاك حقوق المؤلف لزجر الانتهاكات. كما أن تعزيز التعاون الدولي مع الدول والمنظمات الأخرى يمكن أن يساعد في تنسيق الممارسات وتعزيز زجر الانتهاكات عبر الحدود.

12