حملة مجاملات تملأ فراغات المصالحة بين إيران والسعودية

الرياض - رافقت وصول الدبلوماسي الإيراني علي رضا عنايتي الثلاثاء إلى الرياض ليباشر مهامه كأول سفير لبلاده في السعودية بعد القطيعة التي استمرت بين البلدين منذ سنة 2016، بالتزامن مع وصول السفير السعودي الجديد عبدالله سعود العنزي إلى طهران، حملة ثناء على المملكة وإبراز لفوائد تطوير العلاقات معها.
ووصل السفير عنايتي الثلاثاء إلى الرياض حيث استقبله مسؤولون من الخارجية السعودية ومسؤولو السفارة الإيرانية.
ولدى استقباله عنايتي قبيل توجهه إلى الرياض أشاد الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي بدور السعودية في محيطها معتبرا أنّها تشكّل إلى جانب بلاده قوّتين مؤثرتين في المنطقة وفي العالم الإسلامي.
وصنّف مراقبون الخطاب المرافق لإيفاد السفيرين ضمن المجاملات الدبلوماسية المعهودة في مثل هذه المناسبات كونها لا تستند إلى تغييرات حقيقية في سياسات الطرفين تجاه بعضهما البعض، وخصوصا الجانب الإيراني الذي لم يوقف عمليا تدخلاته في بلدان الجوار واستخدامه للكيانات الطائفية والميليشيات المسلّحة في المنطقة والتي يلحق بعضها أضرارا مباشرة بمصالح السعودية وأمنها كما هو الحال بالنسبة إلى ميليشيا الحوثي في اليمن.
وعلى الطرف المقابل بدت السعودية متجاوبة مع الخطاب الإيراني المجامل كونها ساعية إلى تهدئة مع إيران رغم ما تتحدّث عنه مصادر دبلوماسية من وجود قناعة سياسية في المملكة بانخفاض سقف التوقعات مما ستجنيه الرياض من تطبيع العلاقة مع طهران، في ما عدا العائد الأمني وتجنب تعرّض المصالح السعودية لتهديدات الميليشيات الإيرانية.
مراقبون صنّفوا الخطاب المرافق لإيفاد السفيرين ضمن المجاملات الدبلوماسية المعهودة، كونها لا تستند إلى تغييرات حقيقية في سياسات الطرفين تجاه بعضهما البعض
ويعتبر مراقبون أن ما بين السعودية وإيران من إرث ثقيل من المشاحنات والعداء، وما يفصل بين سياستيهما من تباعد كبير يصل إلى حدّ التضاد في التوجّهات والمصالح، يجعلان من إعادة العلاقات الدبلوماسية وتبادل السفراء بمثابة خطوة في طريق الألف ميل على درب إعادة الثقة المنعدمة بين الطرفين.
وقالت وكالة مهر الإيرانية للأنباء إنّ السفير عنايتي التقى عشية مغادرته البلاد إلى السعودية بوزير الخارجية حسين أمير عبداللهيان وقدم تقريرا عن الخطط المبرمجة للفترة المقبلة في مجال تعزيز العلاقات بين إيران والسعودية.
وخلال هذا اللقاء أكد عبداللهيان على “تطوير وتعميق سياسة الجوار وتعزيز العلاقة بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والمملكة العربية السعودية، مع الأخذ في الاعتبار فرص التعاون في المجالات الثنائية ومتعددة الأطراف”.
ومن جانبه علّق السفير الإيراني على بدء مهامه في السعودية قائلا إن “العلاقات بين البلدين قد تطورت شكليا بنحو إيجابي. ولكن انطلاقا من مبدأ حسن الجوار الذي أكد عليه المرشد علي خامنئي خلال استقباله أعضاء الحكومة مؤخرا، فإن ذلك يعد مقدمة للمزيد من العمل المشترك ومتعدد الأطراف بين البلدين”.
وأضاف “نحن بدأنا نهجا وفق رؤيتنا وإيماننا بأن توسيع وتعميق الأواصر بين إيران والسعودية بمختلف الأوجه الثنائية ومتعددة الأطراف وعلى صعيد العالم الإسلامي وخارج إطار المنطقة، سيتركان آثارا إيجابية بامتياز”، متابعا “إيران والسعودية قادرتان، من خلال التعاون الثنائي وانطلاقا من الآفاق المستقبلية بعيدة المدى والطاقات المتاحة لديهما، على بناء قاعدة للتعاون الجماعي بعيدا عن التدخل الأجنبي في المنطقة”.
ومنذ انطلاق قطار المصالحة بين السعودية وإيران ما انفكت أسئلة المراقبين تثار حول مدى واقعية أن تربط المملكة علاقات سياسية واقتصادية وأمنية فعلية مع إيران دون أن يتناقض ذلك مع مصالح حليفتها التقليدية الولايات المتحدة الأميركية، ودون أن تثير غضب الأخيرة مع ما يمكن أن يترتب عليه من نتائج قد تفوق قدرة الرياض على تحمّلها.