الحكومة الكويتية تواجه جدار صد نيابيا: لا للرقابة على الإنترنت

تحذيرات من تمش يستهدف الحريات.
الأربعاء 2023/09/06
مشاريع غير مدروسة تعجل بصدام بين الحكومة ومجلس الأمة

لم تكد تمر عاصفة مسودة مشروع قانون تنظيم قطاع الإعلام حتى نشب سجال جديد في الكويت وهذه المرة في علاقة بمناقصة لمراقبة الإنترنت، الأمر الذي يثير مخاوف نيابية وإعلامية وشعبية من مسار يستهدف التضييق على الحريات.

الكويت - اضطرت الحكومة الكويتية إلى تعليق مناقصة تتعلق بالرقابة على الإنترنت كانت طرحتها الهيئة العامة للاتصالات، وأثارت ردود فعل غاضبة لاسيما من الأوساط النيابية التي حذرت من تمش يستهدف الحريات وينتهك الخصوصيات.

وهذه المرة الثانية التي تجد فيها حكومة الشيخ أحمد نواف الأحمد الجابر الصباح نفسها خلال أقل من شهر أمام جدار صد نيابي، بسبب مشاريع قوانين تتعلق بالحريات، فقد تعرضت خلال الأيام الماضية إلى انتقادات واسعة بشأن مشروع قانون لتنظيم قطاع الإعلام، على خلفية ما تضمنه من محاذير من شأنها أن تكبل حرية الإعلام والصحافة.

وأعلن وزير الدولة لشؤون البلدية وزير الدولة لشؤون الاتصالات فهد الشعلة في تصريحات لوسائل إعلام محلية عن تراجعه عن المناقصة.

وقال الشعلة “لن نقبل بأي مساس بالحريات، الاتصالات حق مكفول لجميع الأشخاص، ولا يجوز التنصت عليها وفق الدستور، ولا يمكن أن نقبل بذلك”. وكشف أنه خاطب رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للاتصالات لإيقاف أي مناقصة تتعارض مع الدستور أو الحريات.

وكانت جنان بوشهري، عضو مجلس الأمة الكويتي، أول من كشف عن المناقصة، وقادت حملة نيابية للمطالبة بإلغائها، محذرة وزير الاتصالات وهيئة الاتصالات من المضي قدما في ترسية هذه المناقصة.

جنان بوشهري: نعيش اليوم حالة جديدة فيها انتهاك للدستور
جنان بوشهري: نعيش اليوم حالة جديدة فيها انتهاك للدستور

وقالت بوشهري في معرض تعليقاتها المتواترة على المناقصة “إننا نعيش اليوم حالة جديدة فيها انتهاك للدستور وتعدٍ على حريات المواطنين، لأنه يبدو أن هناك من يعتقد أنه لم يعد للدستور من يحميه وحريات المواطنين (ليس هناك) من يحميها تحت ذريعة الاستقرار السياسي وتحت مظلة التعاون النيابي، فهذه معتقدات خاطئة”.

وشددت بوشهري على “أن استمرار التعاون الحكومي – النيابي أساسه الالتزام بالدستور، وأن أي انتهاك للمكتسبات الدستورية يعني انتهاء التعاون بين السلطتين”، في إشارة إلى أن مستقبل بقاء الحكومة سوف يكون موضع شك، لاسيما وأن الضجة التي أثارها وزير الإعلام بطرحه مشروع قانون “إعادة تنظيم الإعلام” لا تزال على أشدها. وهو أمر يثير حيرة المراقبين الذين يقول بعضهم إن وزراء الحكومة إما أنهم يعيشون على كوكب آخر أو يحظون بالدعم إلى درجة تجعلهم يتعمدون تجاهل ما تثيره سياساتهم من ردود فعل لدى مختلف الأوساط النيابية والإعلامية والشعبية.

وكانت هيئة الاتصالات طرحت مناقصة لـ”تطوير بوابة الكويت الدولية” الإلكترونية، ولكنها طلبت من جهة التطوير أن يكون النظام قادرا على مراقبة معلومات كل مستخدم للإنترنت في الكويت ومراقبة التطبيقات التي يستخدمها ونوع الجهاز المستخدم وموقعه الجغرافي، كما تطلب الهيئة أن يكون النظام قادراً على تقييد حجم المرور لتطبيق معين، وأن تكون التقنية قادرة على نسخ حركة المستخدمين للإنترنت وإرسال البيانات إلى “أنظمة طرف ثالث”.

وقد انضم العديد من النواب إلى الحملة التي قادتها بوشهري ضد المناقصة، ووجه النائب ورئيس مجلس الأمة السابق مرزوق الغانم سؤالا إلى رئيس الوزراء قائلا “مناقصة بوابة الكويت الدولية التي تفرض رقابة على الإنترنت وخصوصيات المواطنين والتجسس عليهم بصورة مخالفة للدستور، هل هي من ضمن برنامجكم لتصحيح المسار؟ أم خطوة أخرى في اتجاه الدولة البوليسية؟”.

وكان عدد من النواب قد توعدوا بمساءلة وزير الدولة لشؤون الاتصالات “إن لم يتراجع عن المناقصة فورا”.

وقال النائب حمد العليان في رسالة وجهها إلى الشعلة عبر حسابه على منصة إكس:

HamadAlOlayan@

“مناقصة تطوير بوابة الكويت الدولية بهذا الشكل مرفوضة والنقاش فيها منتهٍ قبل بدايته، لأن الانتقاص من حريات الناس أمر لن يستطيع أحد الاقتراب منه أو محاولة المساس به”.

وشدد النائب مهند طلال الساير ضمن تغريدة عبر حسابه في إكس على أن:

MuhannadAlSayer@

كرامات الناس وخصوصياتهم ليست منحة من أحد والرسائل التي بدأت تصلنا من الحكومة بالتعدي على حريات الناس بحجة الاستقرار أمر يجب أن يراجع.

على الحكومة، وعلى رأسها الأخ أحمد النواف، أن تعلم أن إقرار القوانين بيد والتعدي على حريات الناس باليد الأخرى سيجعلاننا نتصدى لك ولحكومتك.

إلغاء المناقصة فورًا وإلا نحن في موعد مع المنصة.

وتساءل عضو مجلس الأمة بدر زايد الداهوم:

DrBaderALdahoom@

لا أعلم إنْ كانت الحكومة مدركة لبعض ما حدث منها ومَن المستفيد من مثل هذه التصرفات التي من شأنها أن تعجل بخلق صراع وصدام بينها وبين المجلس وهو ما لا نتمناه وقبل ذلك سخط الرأي العام، مثال ذلك:

1- الرواتب الاستثنائية.

2- مقترح قانون الإعلام.

3- ما يسمى ببوابة الكويت في هيئة الاتصالات.

فيجب عليها التركيز على إصلاح الوضع المعيشي فيما يتعلق بزيادة الرواتب للموظفين والمتقاعدين وكذلك إنجاز ملف العفو واستكماله.

على الحكومة أن تراجع تصرفاتها الأخيرة فنحن كشعب نتمنى التعاون الذي يثمر إنجازاً وتحقيقًا لرغباته وطموحه لأننا نريد عدم استمرار ما جرى في الحقبة السابقة التي مازالت آثارها السيئة موجودة على الساحة ولا يزال هناك من يريد عودتها من خلال رجوعه إلى المشهد.

وقد أثارت المناقصة انتقادات أيضا من المؤسسات الإعلامية. وقالت صحيفة “القبس” المحلية في لوحة “مختصر مفيد”: “مشروعا ‘قانون الإعلام’ و’بوابة الكويت’ يؤكدان أن الحكومة غارقة في أحلام الدولة البوليسية، وتسلك كل السبل لتقييد حرية التعبير”.

وأضاف “المختصر المفيد”، الذي وقعته الصحيفة باسمها، “الغضب الشعبي جاء ليثبت أن حرية تعبير أهل الكويت خط أحمر، وتجاوزه انتحار سياسي لأي حكومة”. وسجل رئيس تحرير صحيفة “السياسة” أحمد الجار الله تقييما سلبيا لسجل الحكومة، قائلا إن “برنامج الحكومة تضمن مشروعات عملاقة لكنه ترك انطباعاً بأنه يهتم بالبنيان لا الإنسان”.

ويرى متابعون أن تسريب المناقصة وقبلها مشروع قانون تنظيم الإعلام يندرج على ما يبدو في سياق جس نبض حكومي لردود الفعل التي جاءت سريعة.

وكانت بوشهري قالت في تصريح صحفي بالمركز الإعلامي لمجلس الأمة “قبل أيام تسبب وزير الإعلام عبدالرحمن المطيري بشرخ في العلاقة بين السلطتين بسبب أنفاسه المعادية للحريات والإعلام والصحافة وتبنيه لقانون أسماه قانون تنظيم الإعلام وهو في حقيقته ضد الحريات المسؤولة”.

وأضافت بوشهري أن هيئة الاتصالات طلبت في كراسة المناقصة، كمثال، “ابلكيشن الواتساب” بمنع الاتصالات عبره واستمرار المحادثات النصية، موضحة أن الهيئة متجهة إلى منع اتصالات الواتساب في المستقبل لأن هذا النوع من الاتصالات لا يمكن اختراقه، وتريد أن تجبر المواطنين على استعمال وسائل اتصال تُمْكن مراقبتها والتنصت عليها.

ويقول مراقبون إن مناقصة هيئة الاتصالات تضع حكومة الشيخ أحمد النواف أمام خيارين لا ثالث لهما، فإما أن تسحب وزارة الاتصالات هذه المناقصة، جملة وتفصيلا، باعتبار أن أي شكل من أشكال الرقابة يعد انتهاكا للدستور، أو تواجه الحكومة تهمة أن بقاءها يشكل تعديا على الدستور، مما يُبطل الثقة بها.

5