الإمارات تدعم أفريقيا بمليارات الدولار للتحول إلى الطاقة النظيفة

المبادرة الإماراتية تعطي الأولوية للاستثمار في البلدان الأفريقية بهدف إنتاج 15 غيغاوات من الطاقة النظيفة بحلول العام 2030، بالاستفادة من تجاربها في اعتماد الطاقات البديلة.
الثلاثاء 2023/09/05
جهد إماراتي لمعالجة ظاهرة الاحترار المناخي

نيروبي –  أُعلن سلطان الجابر الرئيس المُعيّن لمؤتمر الأطراف (كوب28) الثلاثاء أن الإمارات تعهدت بمبلغ 4.5 مليار دولار لتطوير طاقة نظيفة بقدرة 15 جيجاوات في أفريقيا وقال الجابر، الذي يرأس أيضا شركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك)، للوفود المشاركة في قمة المناخ الأفريقية بالعاصمة الكينية نيروبي "إننا لا نحقق النتائج التي نحتاجها في الوقت الذي نحتاج إليها فيه". مضيفا أن العالم يخسر في السباق نحو تحقيق أهدافه المتعلقة بتغير المناخ.

وتركز القمة التي افتُتحت الاثنين على حشد تمويل لتعامل أفريقيا مع تغير المناخ. حيث يجتمع الرؤساء الأفارقة لبحث كيفية تمويل الأجندة البيئية للقارة.

وجاء التقييم المتشائم من الجابر، الذي سيرأس قمة الأمم المتحدة للمناخ في الإمارات في أواخر نوفمبر، قبل ثلاثة أيام من نشر المنظمة أول "تقييم عالمي" لجهود الدول المبذولة لمعالجة هذه الظاهرة.

ويقول باحثون إنه في حين تعاني القارة بعضا من أسوأ تداعيات تغير المناخ، فإنها تتلقى نحو 12 بالمئة فقط من التمويل الذي تحتاجه للتصدي لتلك التداعيات.

وتمتلك القارة حاليا قدرة مركبة لإنتاج الطاقة المتجددة تبلغ نحو 60 جيجاوات.

وتسعى الإمارات إلى تقديم أقصى مساعدة ممكنة من خلال خطة إستراتيجية للتوسع في مشروعات الطاقة النظيفة والهيدروجين في إطار مساعيها لدعم جهود الحياد الكربوني والتقليل من الآثار الجانبية لتغير المناخ، ليس فقط على المستوى المحلي بل على المستوى العالمي بإبرام اتفاقيات تعاون عابرة للحدود تعكس اهتمامها بتقديم دعم إنساني وتخفيف المعاناة من تبعات الانبعاث الكربوني خصوصا في الدول الأفريقية.

وحذّر الجابر، الذي يرأس شركة "مصدر" للطاقة المتجددة الحكومية وشركة النفط الوطنية الإماراتية "أدنوك" ومؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (COP28) المقررة في دبي في وقت لاحق من هذا العام، من أنه "إذا خسرت إفريقيا، سنخسر جميعا".

وتركز الإمارات على الطاقة النظيفة مستفيدة من تجارب تعمل عليها في اعتماد الطاقات البديلة، وتخطط لتوسيع مبادراتها العالمية ودعم دول أفريقيا في انتاج هذه الطاقة.

وتعتمد الإمارات خطة إستراتيجية طويلة الأجل لجعل الإمارات من ضمن الدول الرائدة بإنتاج الهيدروجين بحلول عام 2031، وأداة حاسمة ستسهم في الوصول إلى الحياد الكربوني بحلول عام 2050، ومتطلبات اتفاق باريس، وتعزيز مكانة البلاد بصفتها منتجًا ومصدّرًا عالميًا للطاقة النظيفة، وتسهم في تعزيز القدرات المحلية للإنتاج وتسريع الاقتصاد الهيدروجيني العالمي.

وأعلن الجابر أن الاستثمارات تهدف إلى "إنتاج 15 غيغاوات من الطاقة النظيفة بحلول العام 2030".

وقال "ستعطي المبادرة الأولوية للاستثمارات في البلدان في جميع أنحاء أفريقيا مع استراتيجيات انتقالية واضحة وأطر تنظيمية معززة وخطة رئيسية لتطوير البنية التحتية لشبكة الكهرباء".

وأفادت رئاسة المؤتمر في بيان إن شركة "مصدر" للطاقة النظيفة في أبو ظبي، وصندوق أبو ظبي للتنمية، والاتحاد لائتمان الصادرات، وهي وكالة ائتمان الصادرات في البلاد، وشركة "أيميا باور"، وهي شركة للطاقة المتجددة مقرها دبي، ستقدم هذه الأموال.

وتأتي التعهدات الإماراتية استجابة لمبادرة لتعزيز إنتاج أرصدة الكربون في أفريقيا إلى 19 مثلا بحلول عام 2030 مع افتتاح الرئيس الكيني وليام روتو أول قمة للمناخ في القارة.

وقال روتو أمام الوفود "يتعين ألا ننظر إلى النمو الأخضر على أنه مجرد ضرورة مناخية فحسب، بل أيضا منبع لفرص اقتصادية بمليارات الدولارات تستعد أفريقيا والعالم للاستفادة منها".

ويعزز الزعماء الأفارقة أدوات تمويل قائمة على السوق، مثل أرصدة الكربون أو التعويضات التي يمكن الحصول عليها من مشروعات تعمل على تقليص الانبعاثات، عادة في البلدان النامية، مثل زراعة الأشجار أو التحول إلى وقود أنظف.

وتستطيع الشركات شراء أرصدة الكربون لتعويض الانبعاثات التي لا تستطيع خفضها من عملياتها الخاصة للمساعدة في تحقيق الأهداف المناخية. ورصيد واحد يعادل توفير أو تجنب طن واحد من ثاني أكسيد الكربون.

ويقول منظمو القمة التي تستمر ثلاثة أيام في نيروبي إنهم يستهدفون تقديم أفريقيا كوجهة للاستثمار المناخي وليست ضحية للفيضانات والجفاف والمجاعة.

وترى الحكومات الأفريقية أن أرصدة الكربون وغيرها من أدوات التمويل القائمة على السوق لها أهمية شديدة في حشد التمويل الذي تباطأ في الوصول من الجهات المانحة في العالم الغني.

وبلغت قيمة سوق تعويضات الكربون نحو ملياري دولار في عام 2021، وتوقعت شل ومجموعة بوسطن الاستشارية في يناير الماضي، أنها قد تصل إلى ما بين عشرة مليارات و40 مليار دولار بحلول عام 2030.

وقال عدد من المتحدثين في القمة إنهم لم يروا تقدما يذكر نحو تسريع تمويل المناخ لأن المستثمرين ما زالوا يرون أن القارة كثيرة المخاطر.

ولم تتلق أفريقيا سوى نحو 12 بالمئة من الأموال التي تحتاجها للتعامل مع تأثيرات المناخ، وفقا لتقرير صدر العام الماضي عن مبادرة سياسات المناخ التي لا تهدف لتحقيق الربح.

وصرحت بوجولو كينويندو، مستشارة الأمم المتحدة للمناخ ووزيرة التجارة السابقة في بوتسوانا، "لم تنجح دولة أفريقية في جذب تمويل المناخ".

وأفاد كيفن كاريوكي، نائب رئيس بنك التنمية الأفريقي، لرويترز إن الاتفاقات التي أُعلن عنها الاثنين "موضع ترحيب شديد" لكنها ليست كافية.

ويبدو أن الدعم الدولي مازال متواضعا، باستثناء التي باتت دولة رائدة في مجال تمويل المناخ في أفريقيا.

وقال كاريوكي إن الدول الأفريقية ستضغط في قمة الأمم المتحدة للمناخ كوب28 المقرر إقامتها في دبي، في نهاية نوفمبر، من أجل توسيع حقوق السحب الخاصة في صندوق النقد الدولي والتي قد تطلق العنان لتمويل المناخ بقيمة 500 مليار دولار والتي يمكن رفعها إلى خمسة أمثال.

ومن المتوقع أن يحضر القمة في كينيا أكثر من 20 رئيسا وحكومة اعتبارا اليوم الثلاثاء. ويعتزم الزعماء إصدار إعلان يحدد موقف أفريقيا قبل مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ في وقت لاحق من هذا الشهر ومؤتمر كوب28.

 ووجدت ورقة عمل صادرة عن "مشروع تخفيف أعباء الديون من أجل التعافي الأخضر والشامل" أن بلدان أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى تواجه كلفة خدمة الديون السنوية التي تكاد تكون مماثلة لاحتياجاتها من تمويل المناخ.

وقال سلطان الجابر، إن أسواق الكربون أداة مهمة، لكن عدم وجود معايير متفق عليها بشكل عام "يقوض نزاهتها ويقلل من قيمتها".

وخطت أبوظبي خطوات استثنائية على مستوى العالم بهذا الاتجاه، فأطلقت في يونيو الماضي، تحالف الإمارات للكربون، وهو مجموعة من الشركاء الذين يكرسون جهودهم لدعم تطوير ونمو سوق للكربون في البلاد.

ويضم تحالف الإمارات للكربون، مجموعةً من المؤسسات المرموقة التي تدرك أهمية أرصدة الكربون وتأثيرها الفعّال في تحقيق مستهدفات صافي الانبعاثات الصفري.

ويعمل تحالف الإمارات للكربون على إقامة تعاون وطني يجمع بين المشاركين الرئيسين في السوق، بهدف تعزيز جهود إزالة الكربون وتطوير معايير وأطر مبتكرة لتمويل مبادرات الكربون المثمرة، ورفع الوعي والمعرفة حول أسواق الكربون، بجانب دعم المؤسسات في تنفيذ برامجها ومبادراتها المكرّسة للحد من انبعاثات الغازات الدفيئة.