مبيعات السيارات الكهربائية تمر بنقطة تحول حاسمة
لاحظ مجتمع تصنيع السيارات توسعا كبيرا في إنتاج المركبات الكهربائية هذا العام رغم المطبات الكثيرة، حتى أن معظم الآراء ركزت على كون مبيعات هذه الفئة تتجه إلى نقطة حاسمة مع توسع انتشار الشركات وتنافسها القوي في 23 سوقا حول العالم.
دبي - انضمت خمس دول جديدة إلى مجموعة من البلدان التي ظلت على مدار أعوام في منافسة شرسة على قضم حصة في سوق صناعة السيارات الكهربائية التي تعمل بالبطاريات.
وحتى العام الماضي كان هناك 19 دولة قد تجاوزت ما أصبح نقطة تحول حرجة في مجال تصنيع هذا الصنف من المركبات حينما بلغت مستوى 5 في المئة من مبيعات السيارات الجديدة العاملة بالكهرباء فقط.
وتشير هذه العتبة إلى بداية التبني الجماعي، عندما تنقلب التفضيلات التكنولوجية بسرعة. ومنذ ذلك الحين، حققت خمس دول أخرى هذه القفزة وهي كندا وأستراليا وإسبانيا وتايلاند والمجر في مجموعة تضم الولايات المتحدة والصين ومعظم أوروبا الغربية.
ويُظهر المسار الذي وضعه هؤلاء المتبنّون الأوائل كيف يمكن أن ترتفع نسبة مبيعات السيارات الكهربائية من خمسة إلى 25 في المئة من السيارات الجديدة في أربع سنوات فقط.
ووفق شركة موردر أنتليجنس للاستشارات بلغت قيمة سوق السيارات الكهربائية في عام 2021 نحو 370 مليار دولار، ومن المرجح أن تصل إلى 1.3 تريليون دولار بحلول 2027 بمعدل نمو سنوي قدره 23.3 في المئة.
ويعتقد خبراء القطاع أن مجموعة من العوامل مثل التكلفة المتزايدة للوقود والمبادرات الحكومية عبر مناطق جغرافية مختلفة قد تعزز زيادة الوعي بالمركبات النظيفة، بينما تستمر البنية التحتية لمحطات الشحن في التوسع.
ويرجح خبراء موردر أنتليجنس في تقرير نشر قبل أشهر أن تشهد أسواق منطقة آسيا والمحيط الهادئ أسرع نمو، تليها كل من أوروبا وأميركا الشمالية.
وتميل صناعة السيارات في دول مثل الصين والهند واليابان وكوريا الجنوبية وشركات غربية مثل تسلا وفولكسفاغن نحو الابتكار والتكنولوجيا وتطوير المركبات الكهربائية المتقدمة.
ويقول خبراء خدمة بلومبرغ غرين إن الوقت المستغرق للوصول إلى نسبة 5 في المئة من مبيعات السيارات الكهربائية قياسا بسيارات محركات الوقود الأحفوري يختلف بشكل كبير من بلد إلى آخر.
ولكنهم يعتقدون أنه بمجرد إزالة التحديات المتمثلة في التكاليف وتوافر محطات الشحن سرعان ما يتبدل الوضع.
وقالت جوانا تشين محللة السيارات والبطاريات الكهربائية إن المبيعات “تُظهِر أن الطلب على سيارات الطاقة الجديدة لا يزال قويا للغاية” على الرغم من العوائق الفنية والاقتصادية.
وفي الولايات المتحدة، لم تصل نقطة التحول في السيارات الكهربائية حتى أواخر 2021، وهو وقت متأخر نسبيًا بالنسبة إلى دولة تتمتع بقدرتها الشرائية.
وكانت ثمة أسباب لهذا التأخير، رغم أن الأميركيين يقضون وقتًا أطول في سياراتهم أكثر من أيّ شعب آخر، وكان السائقون يطالبون بنطاقات أطول من تلك التي عرضتها الطرز المبكرة.
1.3
تريليون دولار حجم سوق السيارات الكهربائية بحلول 2027 وفق موردر أنتليجنس للاستشارات
وظلت الشاحنات الصغيرة وسيارات الدفع الرباعي الكبيرة، التي تشكل أكثر من نصف السوق الأميركية، بطيئة أيضًا في التحول إلى الكهرباء بسبب احتياجاتها الهائلة من البطاريات.
واليوم، ترتفع مبيعات السيارات الكهربائية في السوق الأميركية بسرعة حيث ارتفعت بنسبة 42 في المئة خلال الربع الثاني بمقارنة سنوية ولكنها لم تتطابق تمامًا مع المسار الانفجاري للبلدان الأخرى التي عبرت الطريق.
ويمكن أن يتغير ذلك مع استعداد شركة تسلا، أكبر صانع للسيارات الكهربائية في العالم، لإطلاق بيك أب سايبرتراك، ومع طرح المنافسين لطرز تحت بعض العلامات التجارية الأكثر شهرة مثل تشيفي بليزر وسيلفرادو وفورد إكسبلورر وإف – 150 وجيب رانغلر.
وسجلت تسلا ومنافستها الصينية بي.واي.دي مبيعات قياسية خلال الربع الثاني من 2023، لتؤكّد الشركتان مركزهما في السوق كأكثر شركتين لصناعة السيارات الكهربائية مبيعاً في العالم.
وبينما حقّقَت تسلا مبيعات بلغت أكثر من 466.1 ألف سيارة في جميع أنحاء العالم ، متجاوزة تقديرات وول ستريت، سجلت بي.واي دي، علامة السيارات الأكثر مبيعاً في الصين، أفضل نتائج مبيعاتها الفصلية على الإطلاق بواقع 700.2 ألف سيارة نظيفة.
وقد تكون هناك نقطة تحول في الأفق بالنسبة إلى الهند، ثالث أكبر سوق للسيارات بعد الصين والولايات المتحدة، فقد شكلت المركبات الكهربائية 3 في المئة من مبيعات السيارات الجديدة في البلاد خلال الربع الأخير، بعد أن تضاعفت في ستة أشهر فقط.
وتستثمر شركات صناعة السيارات المحلية في الهند بكثافة في الكهرباء، وقد التقى إيلون ماسك، الرئيس التنفيذي لتسلا، مع رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي في يونيو. وقال ماسك إنه يخطط لدخول السوق “في أقرب وقت ممكن”.
وشهدت البلدان التي عبرت نقطة التحول معدلات اعتماد سريعة، مع متوسط نمو في المبيعات بنسبة 55 في المئة في الربع الثاني من 2023 على أساس سنوي.
وكما هو الحال مع أيّ تقنية جديدة، يتوقع خبراء بلومبرغ غرين تباطؤ معدلات النمو في نهاية المطاف مع اقتراب السوق من التشبع.
وغالبًا ما يُستخدم مفهوم نقاط التحول لوصف عتبات الأسعار التي تؤدي إلى اعتمادها على نطاق أوسع. وفي بعض الأحيان، يمكن أن يمثل حجم المبيعات بحد ذاته نقطة تحول.
وبعد أن بدأت تسلا في بيع الطراز 3 في عام 2017، كادت الشركة تضع نفسها على حافة الإفلاس عندما لم تكن قادرة على صنع المركبات بالسرعة الكافية لخفض تكاليف الوحدة.
وقرر المسؤولون التنفيذيون في الشركة أن دفع الإنتاج إلى ما يزيد عن خمسة آلاف سيارة أسبوعيًا من شأنه أن يبدأ دورة حميدة من انخفاض التكاليف وزيادة الكميات، وهو ما حدث.
ويعتمد النمو المستمر في السيارات الكهربائية على قدرة شركات صناعة السيارات التقليدية ومورّديها على القيام باستثمارات عمياء مماثلة قبل أن يتحقق الطلب بالكامل.
ووسط ذلك فإنه من الضروري إعادة تجهيز المصانع وإعادة تشكيل سلاسل التوريد. ولتحقيق أكبر قدر من التوفير، يجب إعادة تصميم السيارة بأكملها مع أخذ الكهرباء في الاعتبار. ويمكن أن تكون تكاليف الانتقال خانقة حتى تصبح المبيعات سائدة.
وهذا يعني أن شركات صناعة السيارات الفردية لديها أيضًا نقطة تحول، وهي العتبة التي تصبح بعدها مبيعات السيارات الكهربائية ذاتية التعزيز.
