إقبال المغاربة على السياحة الداخلية يخدم إستراتيجية تطوير القطاع

سرّع المغرب خطواته نحو تحفيز سوقه السياحية بالنسبة إلى المواطنين عبر برامج وآليات جديدة يتوقع أن تحظى بإقبال مكثف، مما سيمنح السلطات دافعا قويا صوب تجسيد الخطط قصيرة المدى والرامية إلى إنعاش القطاع وجني المزيد من العوائد.
الرباط - تراهن الحكومة المغربية بشكل كبير على تطوير السياحة الداخلية لتحقيق أهداف خارطة الطريق الإستراتيجية للقطاع والتي تمتد من 2023 وحتى العام 2026 لزيادة أعداد الزوار والمداخيل.
ويطمح البلد، الذي تشكل فيه السياحة الداخلية 40 في المئة من مجمل النشاط السياحي، للوصول إلى هدف 17.5 مليون سائح بعد ثلاث سنوات من الآن مع تحقيق إيرادات تبلغ 120 مليار درهم (11.74 مليار دور بأسعار الصرف الحالية).
وكشف مسح أجرته مجموعة سنيرجيا المتخصصة في أبحاث السوق مؤخرا أن نصف المغاربة تقريبا (49 في المئة) يُقبلون على السياحة الداخلية مرة واحدة على الأقل في السنة، دون احتساب الزيارات العائلية ودعوات الأصدقاء.
وأكد المسح الذي يحمل عنوان “المغاربة، السفر والسياحة الوطنية”، أيضا أن ثلث المغاربة يعتزمون الإقبال على السياحة المحلية هذا الصيف، في حين تبلغ الميزانية التقريبية المخصصة للسفر 7600 درهم (762.7 دولارا).
وبحسب بيانات الدراسة، فإن أغلب المستجوبين (99 في المئة) حسموا أمر سفرهم مع العائلة أو الأصدقاء، وستضم الرحلة، إلى جانب المسافر المستجوب، ما بين شخص و8 أشخاص.
كما أن 33 في المئة من الأشخاص المستجوبين يعتزمون السفر لمدة أسبوع، ويخطط 19 في المئة منهم للسفر لمدة تقل عن أسبوع، في حين سيسافر 17 في المئة لمدة عشرة أيام.
وأكد محمد بامنصور، رئيس الفيدرالية الوطنية للنقل السياحي بالمغرب، أنه لتشجيع السياحة الداخلية لابد من التعامل مع موجة ارتفاع الأسعار التي تهم، بالأساس، إيجارات المنازل والشقق خلال شهري يوليو وأغسطس.
وفسر هذه الظاهرة كون ملاك العقارات يشتغلون فقط خلال العطلة الصيفية، ما يدفعهم إلى رفع الأسعار بشكل قياسي بخلاف الفنادق، كما أن مؤسسات القطاع الخاص لا تشجع كذلك على السياحة الداخلية.
وأطلق المكتب الوطني للسياحة حملة السياحة الداخلية “نتلاقاو فبلادنا”، يعرض تنوع المعروض المحلي من خلال تسليط الضوء على الجهات والأماكن والأنشطة الجديدة التي يمكن للمغاربة اكتشافها رفقة الأصدقاء أو العائلة.
وقال عبدالله أمزائي، رئيس جمعية آل الوجماريين آيت باعمران للتنمية والثقافة والبيئة، إن “إقليم سيدي إفني يزخر بمواقع سياحية جبلية وشواطئ معروفة عالميا بمنطقتي مير اللفت والكزيرة لكونها تتميز بمياهها ورمالها، بالإضافة إلى مختلف الأنشطة الترفيهية”.
وتعتبر القرية والقصبة المغربية آيت بن حدو بإقليم ورزازات ذات إشعاع عالمي كوجهة سياحية معروفة تاريخيا بين أوساط السياح الزائرين من داخل وخارج البلاد، وتحديدا مناطق الجنوب الشرقي.
كما تعد المنتجعات والمنابع المائية ببعض جهات البلاد بنيات سياحية تغري السياح المغاربة بالذهاب إليها صيفا وشتاء، منها منتجع تغبالوت بجهة بني ملال خنيفرة وسط المغرب.
وهذا المنتج أحد الفضاءات السياحية التي تستقطب المئات من الزوار يوميا، خاصة من الأرياف، لاسيما ذوي الدخل المنخفض، على الرغم من بعض الإكراهات التي يشكون منها.
وأكد الخبير الاقتصادي محمد الشرقي أن تشجيع السياحة الداخلية بمثابة تعويض عما عاناه القطاع من تداعيات أزمة كورونا، ما يفتح أمام المواطنين والمقيمين فرصة التعرف على تراث ومقدرات المغرب.
وقال لـ”العرب” إن “كل الإجراءات الحكومية مرحب بها لدعم القطاع وتطوير المنتوج، إذ رغم تضرره فهناك إمكانية استعادة نشاطه وحيويته في الدورة الاقتصادية”.
1957
دولارا قيمة الشيك وهو شبيه بمنحة خاصة بالسفر في إطار الجهود الوظيفية التي يقدمها الأجير
ومع الجدل المتعلق بأسعار الفنادق والخدمات وارتباطها بالقدرة الشرائية، جددت أوساط القطاع مطلب التعجيل بتفعيل مقترح توفير شيكات للعطلة أو للسفر، تساعد المواطنين على قضاء العطل بشكل حر ومريح ماديا ومعنويا.
ويرى الفاعلون في السياحية أن خطوة كهذه سترفع أعباء كثيرة عن السائح المغربي وتشجعه على اكتشاف بلده والاستمتاع بمدنه وما تتيح للزوار.
وبخصوص نوع السكن، أكد الاستقصاء الذي أجرته سنيرجيا أن 66 في المئة من المستجوبين يختارون الإقامة في منازل مستأجرة.
ووفق المسح تأتي الفنادق في المرتبة الثانية بنسبة 29 في المئة من المغاربة، ولاسيما بالنسبة للأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 35 و44 سنة بنسبة 37 في المئة وأصحاب المهن (السوسيو – مهنية) من الفئتين الأولى والثانية بنسبة 40 في المئة.
وأشار إلى أن 88 في المئة من المغاربة لم يسبق لهم السفر إلى الخارج، في حين ينتمي أغلب الأشخاص الذين يسافرون إلى الخارج بنسبة 12 في المئة إلى الموظفين وأصحاب الأعمال.
وأعلنت وزيرة السياحة فاطمة الزهراء عمور أن شيكات العطل سيتم اعتمادها قريبا، وسيتم التنصيص عليها ضمن مشروع ميزانية 2024 المرتقب المصادقة عليها قريبا من طرف الحكومة ومناقشته في البرلمان، وقالت إن “هذه الآلية ستشكل دفعة قوية للقطاع”.
وحسب عمور، فإن شيكات العطل أو الشيكات السياحية هي عبارة عن قسائم تقدر بمبلغ يمنحه المشغل يكون معفى من الضريبة على الدخل والمساهمات الاجتماعية، وهي آلية تُعتمد لتشجيع السياحة الداخلية من خلال استعمالها في الفنادق والمطاعم والنقل السياحي.

وتشكل شيكات السفر وفق الكونفدرالية الوطنية للسياحة، نوعا من الامتيازات التي تشجع المغاربة على الإقبال على القطاع، وستدعم سبل استيعاب الأعمال التي مازالت تنشط في الظل.
أما العاملون والموظفون في القطاع العام، فهذا الشيك سيحررهم من الخيارات المحدودة وسيخول لهم التحرك بأريحية.
وأوضح محمد باعيو، عضو بالكونفدرالية، أن هذه العملية ستتم من خلال توفير شيكات من طرف مؤسسات الأعمال الاجتماعية لدى المشغلين، وستكون معفية من الضرائب، ومنها الضريبة على الدخل.
وقال إن “الآلية الجديدة ستساعد الكثير من المغاربة على ممارسة حقهم الدستوري المتمثل في العطل بشكل أكثر أريحية وتخلصهم من الكثير من الأعباء، كما ستساهم في النهوض بمشاريع السياحة الداخلية الناشئة”.
وقيمة الشيك لن تتعدى 20 ألف درهم (1957 دولارا) وهو شبيه بمنحة خاصة بالسفر، وليس ريعا بل يدخل في إطار الجهود الوظيفية التي يقدمها الأجير، سواء في القطاع العام أو الخاص.