قيادي في النهضة يدعو إلى وقف التصعيد والمصالحة مع الدولة

النهضة تسعى إلى تجنب الصدام مع الرئيس سعيد لتخفيف خسائرها من حملة تطهير الإدارة.
الأحد 2023/08/27
تصريحات للتهدئة

تونس- أثار موقف المحامي والقيادي في حركة النهضة الإسلامية سامي الطريقي الداعي إلى وقف التصعيد مع الدولة تساؤلات عن خلفية هذا الموقف المفاجئ خاصة أن الطريقي هو أحد محامي رئيس الحركة راشد الغنوشي الموقوف حاليا في السجن.

وفيما قوبل موقف الطريقي بموجة غضب من أنصار النهضة على مواقع التواصل واتهامه بتقديم تنازلات مجانية، فإن نشطاء آخرين اعتبروا أن ما قاله ليس موقفا شخصيا، وأنه “رسالة من الغنوشي على لسان الطريقي”، خاصة أن الطريقي أحد محامي الغنوشي.

وحث الطريقي في تدوينة له على صفحته بموقع فيسبوك عناصر النهضة ألا ينساقوا “وراء خطاب ترذيل الدولة مهما كان الخلاف جديًا فسواء كنّا في السلطة أو في المعارضة فإنه لا يجب علينا أن ننساق وراء خطاب يضعف الدولة”.

◙ من الواضح أن التيار المحسوب على رئيس الحركة قد وجد نفسه في عزلة، لأجل ذلك اختار إطلاق تصريحات للتهدئة مع الرئيس سعيد

وعلى عكس ما ينشره قادة النهضة عادة، فإن الطريقي وصف ما قام به قيس سعيد في 2021 بـ”الحدث السياسي”، ولم يستعمل كلمة انقلاب، في موقف يوحي برغبة في تجنب إثارة غضب الرئيس سعيد بمصطلحات لم يعد لها أيّ معنى. وهو التمشي الذي لجأ إليه قياديون آخرون في المرحلة الماضية.

وذكّر الطريقي بـ”مخرجات المؤتمر العاشر الرئيسية وهي المصالحة مع الدولة ولا مجال في أيّ وضع أن نتقهقر على ذلك”.

وتقول أوساط سياسية تونسية إن تصريحات الطريقي، الذي عرف في السابق بمواقفه الحادة تجاه مسار 25 يوليو 2021، تظهر وجود رغبة في لفت نظر الرئيس سعيد إلى أن النهضة ليست طرفا في اللوبيات التي تتخفى وراء الإدارة التونسية وتعمل على عرقلة خططه.

وتشير هذه الأوساط إلى أن النهضة أدركت أن الرئيس سعيد جاد في مسار تفكيك منظومة ما بعد 2021، وهي تسعى إلى تجنب الصدام معه لتخفيف خسائرها من حملة تطهير الإدارة.

وكان قيس سعيد أكد قبل أيام أن “الدولة لن تبقى مكتوفة الأيدي وأنها ستحارب كل المحتكرين والمضاربين وستعمل على تطهير الإدارة من كل من اندسّ داخلها وصار يمثل عقبة لا يمكن قبول استمرارها بقضاء حاجات المواطنين”.

لكن مقربين من الحركة يرون أن ما قاله الطريقي يأتي صدى لجدل داخلي بشأن الموقف من مسار 25 يوليو، وأن التيار الغالب بات الآن يدعو إلى التهدئة ولو من جانب واحد من أجل تخفيف الخسائر، وأن هذا التيار يمثله رئيس الحركة بالنيابة منذر الونيسي الذي يدفع نحو عقد مؤتمر للحركة بمن حضر، وما قد يحمله من استثناء الغنوشي ومعاونيه الذين يوجدون حاليا بالسجن.

ومن الواضح أن التيار المحسوب على رئيس الحركة قد وجد نفسه في عزلة، لأجل ذلك اختار إطلاق تصريحات للتهدئة مع الرئيس سعيد والإيحاء بأن هذا توجه من الغنوشي، وهذا ما يفسر بدء الطريقي تدوينته بالتأكيد أن الغنوشي لو خيّر بين الدولة وبين حركة النهضة فإنه يختار الدولة.

◙ تصريحات الطريقي تظهر وجود رغبة في لفت نظر الرئيس سعيد إلى أن النهضة ليست طرفا في اللوبيات

ونجح التيار الغالب في تحديد موعد لعقد المؤتمر في أكتوبر القادم بالرغم من مؤاخذات التيار المعارض واعتباره الحديث عن تغيير القيادة في المرحلة الحالية بمثابة خطأ سياسي.

وقاد تأخير عقد المؤتمر خلال السنوات الماضية إلى خلافات داخل حركة النهضة بين شق الغنوشي الذي يمسك بمفاتيح الحزب وبين خصومه الذين يطالبون بمؤتمر يفضي إلى قيادة جديدة، خاصة في ظل تفاهمات سابقة أفضت إلى اتفاق يمنع على رئيس الحركة أن يتولى القيادة لأكثر من دورتين متتاليتين.

وأدّى هذا الخلاف إلى استقالات وانشقاقات داخل الحركة في 2020 و2021. وكان أبرزها قائمة الـ113 التي ضمّت أسماء بارزة بينها عبداللطيف المكي وسمير ديلو. وعزا المستقيلون قرارهم إلى تعطل الديمقراطية داخل الحركة، وانفراد مجموعة من الموالين لرئيس الحركة بالقرار داخلها.

وحمّل المستقيلون “القيادة الحالية لحركة النهضة المسؤولية الكاملة فيما وصلت إليه من عزلة، وقدرا هاما من المسؤولية فيما انتهى إليه الوضع العام في البلاد من تردّ”.

 

• اقرأ أيضا:

             معارك قيس سعيد مع الكارتلات فرصة لاستعادة الدولة

             مواجهة الاحتكار لا تلغي وجود صعوبات لاستيراد القمح في تونس

1