إجراءات فنية لانتخابات الرئاسة في مصر لا ترافقها ضمانات سياسية

الهيئة الوطنية للانتخابات تشرع في إعداد كشوف المقترعين للإعلان عنها قريبا.
الخميس 2023/08/24
استعدادات روتينية لا تمس جوهر العملية الانتخابية

في وقت شرعت فيه هيئة الانتخابات المصرية في الاستعداد للانتخابات الرئاسية المقبلة، لا تزال المعارضة المصرية غير المستعدة للاستحقاق منقسمة على نفسها وتطالب بضمانات سياسية تضمن شفافية ونزاهة العملية الانتخابية.

القاهرة - تمضي الهيئة المشرفة على انتخابات الرئاسة المصرية في خطواتها الفنية لعقدها مع إعلان عن قرب استكمال الإجراءات المرتبطة بالعملية التنظيمية وموعد الاقتراع الرئاسي، في ظل غموض يهيمن على غالبية المرشحين المحتملين مع عزم عدد من قادة الأحزاب والسياسيين على الترشح.

وألمح التيار الليبرالي الحر الأربعاء إلى إمكانية مقاطعة الانتخابات مع استمرار أزمة حبس المتحدث باسمه هشام قاسم، على ذمة قضية اتهامه بسب وقذف وزير القوى العاملة الأسبق كمال أبوعيطة، وسيعقد التيار مؤتمرا صحفيا الاثنين المقبل للإعلان عن موقفه من انتخابات الرئاسة.

وقال رئيس الهيئة الوطنية للانتخابات الرئاسية في مصر وليد حمزة، الثلاثاء، إن الاقتراع سيتم تحت إشراف قضائي كامل، وإن الهيئة تعكف على استكمال الاستعدادات والترتيبات الخاصة بإجرائها، وسيتم تحديد موعدها قريبًا، في ضوء أحكام الدستور والمواقيت التي حددها في هذا الشأن.

ومن المتوقع فتح باب الترشح للانتخابات الرئاسية في غضون ثلاثة أشهر، حسب تصريحات لمنسق الحوار الوطني ضياء رشوان، الذي أشار إلى أن المواعيد الدستورية تشير إلى فتح باب الترشح في شهري أكتوبر أو نوفمبر القادمين، على أن يتم الإعلان عن نتائج الانتخابات في موعد أقصاه الأول من مارس المقبل.

عمرو الشوبكي: الانفراجة تتطلب عدم وجود قيود على حركة المرشحين
عمرو الشوبكي: الانفراجة تتطلب عدم وجود قيود على حركة المرشحين

ويسير التجهيز لإجراءات الانتخابات الرئاسية بصورة جيدة، لكن على المستوى السياسي تواجه التحضيرات قدرا كبيرا من البطء بسبب عدم وضوح الرؤية بشأن الفضاء العام الذي سوف تجرى فيه الانتخابات، والمواقف المتباينة للأحزاب والشخصيات التي من المفترض أن تشارك فيها، مع عدم إعلان الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي ترشحه بشكل رسمي حتى الآن.

وينتظر الرأي العام ما سوف يتمخض عنه الحوار الوطني من مخرجات يمكن تطبيقها على الأرض لتسهم في انفتاح سياسي يشجع على المنافسة، كما أن عدم وضوح الرؤية بالنسبة للموعد النهائي لإجراء الانتخابات أضفى ضبابية على المشهد العام.

ولم تتطرق الهيئة الوطنية للانتخابات إلى الإجراءات الخاصة بشروط الترشح واقتصر بيانها الثاني الذي جاء بعد شهر من أول اجتماعاتها على جوانب تتعلق بالمسائل الفنية.

واستعرضت الهيئة ما يسمى بالمحررات الخاصة بجميع محاضر إجراءات العملية الانتخابية وكشوفها وتوفير “الحبر الفسفوري” المستخدم في العملية الانتخابية، وناقشت القرارات المنظمة الواجب إصدارها وتصورات الجدول الزمني للانتخابات.

وعمدت الهيئة إلى إعادة التأكيد على إجراء الانتخابات وفقًا للإشراف القضائي الكامل، وهو أمر ترى المعارضة من المفترض تجاوزه، وبانتظار تعزيز ثقة المرشحين في انتخابات تجرى في أجواء تسمح بتنافسية حقيقية.

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية عمرو الشوبكي إن الجوانب الفنية التي تتصدر أولويات لجنة الانتخابات مهمة كأحد شروط النجاح، لكن الرأي العام ينتظر الشروط السياسية الواجبة لضمان نزاهة الانتخابات، وتتعلق بتوفير أجواء تنافسية لا تُعطي انطباعًا بأن الانتخابات محسومة مسبقًا.

وأوضح في تصريح لـ”العرب” أن الانفراجة السياسية تتطلب عدم وجود قيود على حركة المرشحين، والشكوك التي تحوم حول مدى تحقق هذا الشرط من عدمه تعد سببا رئيسيا في عدم إقدام البعض على خطوة الترشح.

ويبقى حتى الآن مرشح حزب الوفد عبدالسند يمامة الذي لديه كتلة برلمانية تساعده على تحقيق شرط الترشح، هو الأكثر جدية إلى جانب المرشح المعارض أحمد الطنطاوي، والذي يواجه بعض القيود في أثناء تحركاته الانتخابية.

ولفت الشوبكي إلى أن الأنظار سوف تتجه إلى القرارات السياسية التي تساهم في تحسين الأجواء الراهنة من خلال تغيير قوانين الحبس الاحتياطي والسماح بمنح هامش للحركة للمرشحين واتساع مساحات الحريات أمام الإعلام، كخطوات إصلاحية تمهد لحقبة سياسية جديدة مع الإعلان عن المرشح الفائز في الانتخابات.

ولا تتجاوز اتجاهات المرشحين الإعلان عن نيتهم للترشح، والحركة المدنية التي تمثل عصب المعارضة لم تتوافق فيما بينها على مرشح لتدعمه في الانتخابات، ومواقفها غير معروفة من المشاركة والمقاطعة.

وينوي ستة أشخاص الترشح، هم: حازم عمر رئيس حزب الشعب (مؤيد للحكومة)، وعبدالسند يمامة، رئيس حزب الوفد الليبرالي، وأكمل قرطام رئيس حزب المحافظين (ليبرالي معارض)، وجميلة إسماعيل رئيسة حزب الدستور (ليبرالي معارض)، وأحمد الفضالي رئيس حزب السلام الديمقراطي (موالي للحكومة)، وأحمد الطنطاوي، الرئيس السابق لحزب تيار الكرامة (يساري معارض).

محمود العلايلي: الصورة مازالت مشوشة أمام المرشحين والمواطنين
محمود العلايلي: الصورة مازالت مشوشة أمام المرشحين والمواطنين

وذكر عمرو الشوبكي لـ”العرب” أن بعض الأسماء التي لديها وزن سياسي من خارج الحركة المدنية تراجعت عن فكرة الترشح، لأن الأجواء قد لا تساعدها على المنافسة في الانتخابات، وهؤلاء لم تكن تخوفاتهم من الإجراءات الفنية، لكن من رغبتهم في وجود منافسة تسهم في مساندة الفائز في الانتخابات ليبدأ مرحلة جديدة.

وأشار المحلل السياسي محمود العلايلي إلى أنه لا يمكن التعامل مع من أعلنوا نيتهم الترشح على محمل الجد، فأي منهم لم يمض باتجاه تحقيق الاشتراطات القانونية والإجرائية التي تمهد لإعلان ترشحه رسميًا ، لعدم تحديد المواعيد النهائية ، فمازالت الصورة مشوشة أمام المرشحين والمواطنين.

وأكد في تصريح لـ”العرب” أن الهيئة الوطنية للانتخابات عليها أن تعلن عن مواعيد فتح باب الترشح وإجراء الانتخابات بشكل مبكر ليكون هناك وقت كاف للإعداد الجيد من المرشحين للمنافسة، وأن طبيعة الانتخابات الرئاسية بحاجة إلى وقت كي يضع المرشحون برامجهم ويعلنون عنها وتوصيلها إلى الناخبين.

وتنص المادة 140 من الدستور التي جرى تعديلها عام 2019، على أن “يُنتخب رئيس الجمهورية لمدة ست سنوات ميلادية، تبدأ من اليوم التالي لانتهاء مدة سلفه، ولا يجوز أن يتولى الرئاسة لأكثر من مدتين رئاسيتين متتاليتين”.

ويفسر قانونيون ذلك بأن المدة الثانية للرئيس عبدالفتاح السيسي تنتهي في أبريل المقبل، وبذلك من المفترض أن تجرى الانتخابات في فبراير القادم، وفقا للقواعد القانونية.

ويشترط لقبول الترشح لرئاسة الجمهورية أن يزكي المرشح عشرون عضوا على الأقل من أعضاء مجلس النواب، أو يؤيده ما لا يقل عن خمسة وعشرين ألف مواطن ممن لهم حق الانتخاب في خمس عشرة محافظة على الأقل، وبحد أدنى ألف مؤيد من كل محافظة، ولا يجوز تأييد أكثر من مرشح، على النحو الذي ينظمه القانون.

2