تعثّر إنجاز مستشفى الملك سلمان بن عبدالعزيز يطيح بمحافظ القيروان

الرئيس التونسي أكد في آخر اجتماع حضره المحافظ المقال محمد بورقيبة أن تعطيل المشروع يمسّ بمصداقية الدولة كما حرم الكثير من المواطنين من حقهم المشروع في الصحة والعلاج.
الأربعاء 2023/08/23
الرئيس التونسي يدشن حملة تطهير ضد معرقلي المشاريع التنموية

تونس - أقال الرئيس التونسي قيس سعيد، الثلاثاء، محمد بورقيبة، من مهام والِ محافظة القيروان (وسط)، في أعقاب اجتماع وزراي بحث أسباب تعطل مشروع إنشاء مستشفى في المحافظة منذ ست سنوات، وذلك في إطار جهوده المتواصلة لمحاربة الفساد وتطهير الإدارة ممن يعرقلون إنجاز المشاريع التنموية بالبلاد.

وتأتي هذه الخطوة في وقت تشهد فيه البلاد سلسلة إقالات شملت وزراء ومسؤولين في محاولة لحل بعض الأزمات الاقتصادية، حيث تعد إقالة بورقيبة التاسعة التي يجريها قيس سعيد، منذ مطلع العام الجاري، وشملت عددا من الوزراء وكبار المسؤولين، كان آخرها إقالة المدير العام لديوان الحبوب، بشير الكثيري، في 14 أغسطس الجاري.

جاء في بيان صادر عن الرئاسة التونسية، لم يتطرق إلى أسباب الإقالة أو أي تفاصيل أخرى في هذا الشأن أن "رئيس الجمهورية قيس سعيّد، قرّر الثلاثاء 22 أغسطس 2023، إنهاء تكليف السيد محمد بورقيبة بمهام والٍ بولاية القيروان".

وتأتي إقالة بورقيبة بعد ساعات من حضوره اجتماعا مع الرئيس سعيّد في قصر الرئاسة بقرطاج، مساء الاثنين، لبحث الأسباب التي وقفت حائلا أمام إنجاز مشروع "مستشفى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز" في مدينة القيروان، بحسب بلاغ الرئاسة.

وانتقد الرئيس سعيّد خلال اجتماع، تأخر إنجاز مستشفى الملك سلمان بن عبدالعزيز، مشدداً على أن "هذا التأخير فضلا عن أنه يمس بمصداقية الدولة التونسية، حرم الكثير من المواطنين من حقهم المشروع في الصحة والعلاج".

وأشار سعيّد إلى أن "التعلل بالدراسات وبالجوانب الفنية وغيرها من الأسباب الواهية ليس مبررا على الإطلاق، ولا يمكن القبول تحت أي مبرر كان باستمرار الدراسات منذ سنة 2017 إلى اليوم، فالأموال مرصودة ولكن كلما تم إنجاز دراسة إلا ووقع استبدالها بدراسة ثانية لتليها أخرى ثالثة ولا أثر في الواقع لأي إنجاز''.

وكان الرئيس التونسي قد أكد في تصريح سابق أن "التخفي وراء النصوص ليس حالة طبيعية بل هو حالة مرضية لا بدّ من علاجها وتحميل المسؤولية كاملة لمن يقف وراءها".

وحضر بورقيبة الاجتماع مع كل من رئيس الحكومة أحمد الحشاني، والوزير المستشار لدى رئيس الجمهورية مصطفى الفرجاني، ووزير الصحة علي المرابط، وسارة الزعفراني الزنزري وزيرة التجهيز والإسكان، وعبدالرؤوف عطاءالله المستشار أول لدى رئيس الجمهورية المكلف بالأمن القومي، ورجب عرعود، الرئيس المدير العام للوكالة العقارية للسكنى.

كما تم التعرض الاجتماع لعدد من المشاريع الأخرى التي تمت بالتعاون مع عدد من الدول الشقيقة والصديقة وتم إنجازها بالكامل ولكنها بقيت مغلقة بحجة الربط بشبكات توزيع الماء أو الكهرباء أو التطهير. وفق بيان الرئاسة.

وشدّد سعيّد على "ضرورة الإسراع في تنفيذ عدد من المشاريع ومحاسبة كل من يعمل على تعطيل إنجازها سواء داخل مؤسسات الدولة أو من جماعات الضغط، التي تعتبر المرافق العمومية خطراً يتهددها أو يمسّ بمصالحها".

وفي يوليو 2017، وقعت تونس والسعودية "اتفاق هبة" لتمويل مشروع إنشاء وتجهيز مستشفى "الملك سلمان بن عبدالعزيز" بالقيروان، إلا أن المشروع لم يرَ النور بعد.

وفي فبراير 2021، وعد الرئيس سعيد، على هامش زيارته منطقة "منزل المهيري" بالقيروان، بالمضي قدما في مشروع إنشاء مدينة طبية بالمحافظة، توفر 50 ألف فرصة عمل.

وقبل نحو عام، أثارت صورة متداولة للافتة حديدية كتب عليها "المستشفى الجامعي الملك سلمان بن عبدالعزيز بالقيروان"، موجة سخرية واسعة من قبل مرتادي منصات التواصل الاجتماعي الذين وجهوا انتقادات حادة للمسؤولين.

وظهر في الصور المتداولة التي أكدت السلطات صحتها، المشروع الذي لم ينجز سوى مدخله وقد علقت أعلاه لافتة حديدية تحمل اسم العاهل السعودي.

وعلى منصات التواصل الاجتماعي تجدد الجدل بقوة حول مصير هذا المشروع وسط تساؤلات بشأن وجود إرادة حقيقية لتجسيده على أرض الواقع.

واعتبر رئيس تنسيقية "وينو السبيطار (أين المستشفى)" سمير فيالة في تصريح لإذاعة "ديوان" المحلية أنه "من العار على الدولة التونسية ألا تقوم ببناء المستشفى منذ سنة 2017"، قائلا إن "الأموال مرصودة والأرض موجودة ولكن الإرادة مفقودة".

وأضاف أن "المستشفى ليس للعلاج فقط وإنما سيمثل منوال تنمية لكامل الولاية التي تحتل المرتبة الأخيرة في التنمية والأولى في حالات الانتحار والثانية في نسبة الفقر".

وتشهد البنية التحتية لقطاع الصحة في تونس تدهورا إلى جانب تدن في الخدمات وسط أزمة عاصفة تضرب المالية العامة.

وهذا أحدث قرار ضمن سلسلة من الإقالات التي شملت موظفين في الدولة. ويقول الرئيس سعيد إنه يريد "تطهير" الإدارة من الفساد.

وسبق للرئيس التونسي أن أمر بإقالة عدد من الوزراء في حكومة نجلاء بودن السابقة، ومن بينهم وزيرة التجارة وتنمية الصادرات فضيلة الرابحي.

وفي يناير الماضي، أجرى سعيد، تعديلاً آخر على الحكومة بإقالة وزيري التعليم فتحي السلاوتي، والزراعة محمود إلياس حمزة.

وفي 7 فبراير الماضي، أقال وزير الخارجية عثمان الجرندي، الذي كان يحتفظ بمنصبه، منذ تعيينه في حكومة هشام المشيشي عام 2020.

وفي 23 من الشهر نفسه، أقال وزير التشغيل والتكوين المهني نصرالدين النصيبي، الذي كان يشغل أيضاً منصب الناطق باسم حكومة بودن.

وانتهى مسلسل الإقالات في الحكومة السابقة، بإنهاء مهام رئيستها نجلاء بودين في 1 أغسطس، وتعيين أحمد الحشاني خلفاً لها.