العراق يفكك شبكة تزوير في 5 وزارات بينها مكتب السوداني

الشبكة المتكونة من مسؤولين ومنتسبين في وزارات العدل والتجارة والكهرباء والداخلية والدفاع والإعمار والإسكان عمدت إلى تزوير عقود صادرة عن جهات عليا في الدولة.
الاثنين 2023/08/21
لا محاكمات لمسؤولين كبار في قضايا الفساد

بغداد – تمكنت السلطات العراقية، مساء الأحد، من تفكيك شبكة مكونة من مسؤولين ومنتسبين في خمس وزارات، تمتهن تزوير العقود وانتحال الصفات، يقودها معاون قضائي بوزارة العدل، وذلك في عملية نوعية أسفرت أيضا عن ضبط كتب وأختام مزورة منسوب صدورها إلى مكتب رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني ووزارة التجارة.

وتواجه الحكومات العراقية المتعاقبة منذ عام 2003، مشاكل حقيقية في مواجهة آفة الفساد المستشري بمفاصل الدولة بعد الغزو الأميركي للبلاد، والذي تشير التقديرات إلى تكبيد البلاد، أكثر من 450 مليار دولار خلال السنوات الخمس عشرة الماضية، وانعكس ذلك سلبا على مجمل الخدمات والبنى التحتية للمواطنين.

وقالت الهيئة العليا لمكافحة الفساد، في بيان، إنها تمكنت من تفكيك شبكة مكونة من مسؤولين ومنتسبين في وزارات العدل والتجارة والكهرباء والداخلية والدفاع والإعمار والإسكان تقوم بتزوير عقود صادرة عن جهات عليا في الدولة.

وأوضحت الهيئة في معرض حديثها عن العملية النوعية المنفذة وفق مذكرات قضائية صادرة عن محكمة تحقيق جنايات مكافحة الفساد المركزية، وبناء على الإخبار المقدم من وزير التجارة الحالي، بأنها تمكنت من تفكيك شبكة لتزوير عقود وموافقات منسوبة للوزراء خاصة ببيع وإيجار قطع أراض تابعة لوزارة التجارة.

ولفتت إلى أنها بالتعاون والتنسيق مع الفريق الساند، تمكنت من تنفيذ أوامر القبض والضبط الصادرة بحق أحد المعاونين القضائيين في وزارة العدل الذي يترأس الشبكة، ومدير حسابات في وزارة الإعمار والإسكان الذي انتحل صفة مدير قسم العقود في الوزارة، ومنتسب سابق في الاستخبارات والأمن التابعة لوزارة الدفاع ومنتسب في شؤون الداخلية وموظف في وزارة الكهرباء، فضلا عن استقدام مدير مكتب وزير التجارة (سابقا)، الذي يشغل منصب مدير عام في الوزارة حاليا، لقيامهم بتزوير وتوقيع العقود في مقر إحدى الوزارات.

وأوضحت أن العملية أسفرت أيضا عن ضبط مجموعة من الأوليات والموافقات (المزورة) المنسوب صدورها عن وزارتي النفط والتجارة، وكتب (مزورة) منسوب صدورها عن مكتب رئيس مجلس الوزراء، فضلا عن ضبط أختام (مزورة) منسوبة لوزارة التجارة، لافتة إلى أن الشبكة قامت بإيهام أحد أصحاب الشركات بحصول موافقات بخمس قطع أراض تابعة لوزارة التجارة مقابل أكثر من (3) ملايين دولار أميركي والتي تم تسليمها إلى رئيس الشبكة بموجب وصولات تسليم ضبطت مع الأوليات. 

ونوهت بتنظيم محاضر أصولية، وعرضها بصحبة المتهمين والمبرزات الجرمية المضبوطة على محكمة تحقيق جنايات مكافحة الفساد المركزية، التي قررت توقيف المتهمين وفق أحكام القرار (160 لسنة 1983) المعدل.

وأكدت أن التحريات مستمرة للوصول إلى بقية أعضاء الشبكة وتنفيذ أوامر القبض والتفتيش الصادرة بحق المتهمين الآخرين.

ونهاية العام الماضي، أعلنت هيئة النزاهة العراقية (حكومية)، عن تشكيل هيئة عليا للتحقيق بقضايا الفساد "الكبرى" في البلاد، عقب تأكيد رئيس الحكومة العراقية محمد السوداني أن أولوية ولايته هي "مكافحة الفساد".

وخلال مؤتمر صحافي، وصف السوداني الفساد بأنه "تهديد خطير للدولة العراقية، أخطر من كل التهديدات التي مرت على العراق طيلة الفترة الماضية".

وتكرّر منذ تولي السوداني رئاسة الحكومة الإعلان عن إقالة أو اعتقال مسؤولين بتهم فساد.

كما باشرت السلطات بعد أيام من تعيينه في أكتوبر الماضي التحقيق في سرقة 2.5 مليار دولار من أموال الهيئة العامة للضرائب في مصرف الرافدين الحكومي ما تُعرف إعلاميا بسرقة "القرن"، وصدرت مذكرات اعتقال بحق المتورطين فيها.

وتمكن العراق خلال الفترة الأخيرة من تسلم ثلاثة مسؤولين حكوميين مدانين في قضية سرقة الأمانات الضريبية من الأردن وسلطنة عمان، كما طالب الولايات المتحدة وبريطانيا بالتعاون في تسليم ثلاثة مسؤولين سابقين متورطين في نفس القضية.

والعراق غني بثرواته النفطية، لكنه بين أكثر دول العالم معاناة جراء الفساد، حيث احتل المرتبة 157 (من 180) في مؤشر منظمة الشفافية الدولية عن "مدركات الفساد" لعام 2021.

وعلى الرغم من أن الفساد متفش في كل مؤسسات الدولة في العراق، إلا أن المحاكمات التي تحصل في هذه القضايا قليلة، وإن حصلت فهي تستهدف مسؤولين صغارا.

وفي 2021 (أحدث بيانات متوفرة)، قالت هيئة النزاهة، إن هناك 11 ألفاً و605 مسؤولين، بينهم 54 وزيرا "متورطين بالفساد".

وقبل عامين أعلن العراق عن مبلغ 150 مليار دولار هُرب من صفقات الفساد إلى الخارج من عام 2003 وحتى 2020.

وكانت محاربة الفساد على رأس مطالب احتجاجات عارمة شهدها العراق على مدى عام كامل، بدءا من أكتوبر 2019، عندما تورطت حكومة رئيس الوزراء السابق عادل عبدالمهدي بالشراكة مع ميليشيات عراقية تابعة لإيران في قتل نحو 700 متظاهر، وإصابة نحو 20 ألفا آخرين، في سبيل حماية نظام الأحزاب الدينية الفاسدة في البلاد.

وكشفت وزارة التخطيط العراقية في ديسمبر الماضي عن وجود أكثر من 9 ملايين عراقي يعيشون تحت خط الفقر من أصل 41 مليون مواطن، مؤكدة أن نحو 3 ملايين عراقي فقط يستفيدون من المعونات المادية التي تقدّمها وزارة العمل والشؤون الاجتماعية.