قطع الكهرباء في مصر مؤشر على أزمة

القاهرة - فاجأ القطع الدوري للكهرباء هذا الصيف المصريين الذين اعتادوا سماع الحكومة تتحدث عن زيادتها لإنتاج الكهرباء على مدى العقد الماضي. وانقطاعات الكهرباء الدورية ومستويات التضخم القياسية والضعف الحاد في العملة المحلية..، كلها أعراض لأسوأ أزمة اقتصادية تشهدها البلاد منذ تولي الرئيس عبدالفتاح السيسي الحكم في 2014 وسط وعود بتحقيق الاستقرار والتنمية.
ومن المتوقع على نطاق واسع فوز الرئيس الحالي عبدالفتاح السيسي بفترة رئاسة ثالثة في الانتخابات المتوقعة أوائل عام 2024. لكن المتاعب الاقتصادية في البلاد تثير تذمر الكثير من المصريين، الذين يعانون من تراجع مستوياتهم المعيشية بينما تنفق الدولة ببذخ على مشروعات ضخمة.
ولم يكن انقطاع الكهرباء مشكلة كبيرة بعد الاضطرابات التي أعقبت تنحي الرئيس الأسبق حسني مبارك في انتفاضة 2011. لكن الانقطاع المستمر للتيار الكهربائي تسبب في غضب الرأي العام على الرئيس السابق محمد مرسي، المنتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين، قبل أن يقود السيسي عزله في يوليو 2013.
ويرى معارضو السيسي أصداء ذلك الماضي في انقطاع التيار الكهربائي الذي بدأ في يوليو الماضي وتم تنفيذه بحسب جدول زمني منشور منذ بداية أغسطس الجاري. ويقول سكان إنه يحدث في بعض المناطق أكثر من غيرها، مما يغذي الشعور بعدم المساواة.
وقالت جميلة إسماعيل، رئيسة حزب الدستور المعارض، "انقطاع التيار الكهربائي هو في الحقيقة مظهر من مظاهر فشل السياسات الاقتصادية وفشل الإدارة، ولم يحصل منذ 2013، وهذا يرجعنا إلى لحظة سياسية ما". وأضافت "لدينا إحساس كبير بالخطر لأن هناك ما يهدد الآن السلم الاجتماعي والأمن وكل هذا الخوف والترقب والترصد والاستنفار والغضب واليأس بين كل الطبقات".
وبعد 2014 تحرك السيسي بخطوات سريعة لتعزيز إنتاج الكهرباء في مصر وتشييد ثلاث محطات كبيرة تعمل بالغاز، بينما اعتمدت حكومته كثيرا على الدعم المالي الضخم من دول الخليج والمقرضين الدوليين في الغرب.
وتقول الحكومة إن التخفيف من حِمل الكهرباء ضروري بسبب زيادة استهلاكها مع استخدام مكيفات الهواء في الطقس الحار غير المعتاد. ويقول مسؤولون إنه إلى جانب المستشفيات والمباني ذات الأهمية، هناك مناطق تشمل الساحل الشمالي والبحر الأحمر مستثناة من قطع الكهرباء لحماية قطاع السياحة الذي يعد مصدرا مهما للعملة الأجنبية التي تحتاجها مصر بشدة بعد النقص الحاد في الدولار الذي تكشّف أوائل العام الماضي.
ويرى محللون أن انقطاع التيار الكهربائي ناتج أيضا عن تراجع إنتاج مصر من الغاز الطبيعي الذي يستخدم في تشغيل معظم شبكة الكهرباء ويعد أحد مصادر الدخل المهمة الأخرى للعملة الصعبة.
وبدأت الحكومة في حث السكان على خفض استهلاك الكهرباء في الصيف الماضي مع سعيها لتوفير الغاز للتصدير عندما كانت أسعار الطاقة العالمية مرتفعة. وتكافح الحكومة لجمع دولارات عبر خطط متعددة منها السماح للمصريين في الخارج ممن سافروا دون أداء الخدمة العسكرية الإلزامية بتسوية أوضاعهم بشكل نهائي مقابل سداد مبلغ خمسة آلاف دولار أو خمسة آلاف يورو. ويلقي السيسي باللوم في المشكلات الاقتصادية التي تعاني منها مصر إلى حد كبير على الصدمات الخارجية، ومنها جائحة كورونا والتداعيات غير المباشرة للحرب في أوكرانيا.
وقال مصطفى بكري عضو البرلمان المصري خلال مقابلة “الدول لا تخلو من المشاكل الطارئة، ولكن الحقيقة المؤكدة أن هناك سعيا دؤوبا لإنهاء هذه المشاكل وتطوير محطات الكهرباء التي عانت في فترة سابقة من مشاكل كثيرة. عندما جاء الرئيس السيسي إلى الحكم في عام 2014 وضع هذه القضية موضع اهتمام، كانت هناك ثلاثة أمور مهمة، الأمر الأول هو إنشاء محطات جديدة، الأمر الثاني هو تطوير المحطات القديمة، الأمر الثالث هو إجراء الصيانة الدورية على كل المحطات".
وأضاف "الاقتصاد المصري نعم يعاني أزمات ومشاكل انعكست على المواطنين وعلى حياتهم المعيشية". وتابع "(نحن) قادرون على إنهاء هذه الأزمات تدريجيا والشعب المصري مستعد للتحمّل، لكنه لا يفرط في بلده وقد أخذ درسا وعبرة وعظة مما حدث في الخامس والعشرين من يناير".