العاهل الأردني يحسم الجدل: هذا قانوني وليس قانون البرلمان فقط

الملك عبدالله الثاني سعى إلى طمأنة المعترضين على القانون وحسم الجدل حوله لما يحمله من أهمية بالنسبة إلى الملك والأسرة.
الأربعاء 2023/08/16
العاهل الأردني تعهد بتعديل القانون إذا تطلبت الظروف

عمان- دافع العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني الثلاثاء عن قانون الجرائم الإلكترونية الذي تمت المصادقة عليه مؤخرا، معتبرا أنه لا يتعارض مع حرية التعبير والتعددية السياسية في المملكة، في موقف يظهر تبني العاهل الأردني كليا للقانون كما لو أنه يقول إن القانون قانوني وليس قانون البرلمان فقط.

وقال الملك عبدالله الثاني لدى لقائه رئيس وأعضاء مجلس أمناء مركز حقوق الإنسان، ونقيب الصحافيين إن “مكافحة هذه الجرائم يجب ألا تكون على حساب حق الأردنيين في التعبير عن آرائهم أو انتقاد السياسات العامة”.

وتابع “كلنا متفقون على ضرورة مواجهة الإساءات التي تخالف الأخلاق والقانون عبر وسائل التواصل الاجتماعي”.

أحمد الهناندة: الغرامات المالية والعقوبات تتناسب مع الضرر الواقع جراء الجرائم الإلكترونية
أحمد الهناندة: الغرامات المالية والعقوبات تتناسب مع الضرر الواقع جراء الجرائم الإلكترونية

ويرى مراقبون أن العاهل الأردني أرسل إشارة واضحة إلى النشطاء والسياسيين والإعلاميين الذين يستمرون في انتقاد القانون والتحذير من مخاطره على حرية التعبير، ومفاد هذه الإشارة أن القانون صادر من عنده، وأن الأمر قد حسم، وأن لا سبيل للاستمرار في انتقاده وإثارة اللغط من حوله.

وخروج الملك عبدالله الثاني في هذا التوقيت هدفه حسم الجدل حول القانون لما يحمله من أهمية بالنسبة إلى الملك والأسرة، خاصة أن هذا القانون سيكون أداة فعالة لإسكات أيّ جهة أو شخص يتحدث مستقبلا في أمور الأسرة.

ومع ذلك، فقد سعى العاهل الأردني إلى طمأنة المعترضين والتعهد بتعديل القانون في المستقبل إذا تطلبت الظروف ذلك، وهو ما يعني اقبلوه الآن، وسندرس أمره لاحقا.

وقال الملك عبدالله الثاني إن تطبيق قانون الجرائم الإلكترونية سيكون العامل الحاسم في الحكم عليه ومراجعة بعض بنوده، بالتعاون مع الجميع، كما هو الحال في باقي التشريعات.

ووجه تطميناته بصفة خاصة إلى السياسيين مؤكدا على الجدية في تنفيذ مسارات التحديث السياسي والاقتصادي والإداري، وقال “ملتزمون بذلك ونسير بقوة” بالتعاون بين جميع مؤسسات الدولة والمواطنين، ولا مجال للتراجع.

وأشار إلى أن المملكة ستشهد العام القادم انتخابات برلمانية بمشاركة حزبية واسعة، “تؤكد التزامنا بالتحديث السياسي كضرورة بالرغم من التشكيك بذلك من قبل بعض الفئات”.

وكان العاهل الأردني أصدر السبت مرسوما بالموافقة على مشروع قانون الجرائم الإلكترونية في وقت كان النشطاء يراهنون فيه على أن الملك لن يوقع على المرسوم لما فيه من مسّ بحرية التعبير.

وأظهرت المصادقة الملكية على القانون أن الهدف منه غلق ملف فوضى قضية الأمير حمزة التي جعلت الحديث عن أخبار الأسرة الحاكمة ومشاكلها أمرا مشاعا، وحوّلتها إلى قضية رأي عام، بينما هي خليط بين الخاص والسري والمواقف داخل الأسرة.

◙ الملك عبدالله أشار إلى النشطاء الذين يستمرون في انتقاد القانون بأنه صادر من عنده وأن الأمر قد حُسم

والجدل حول قضية “الفتنة” فسح أمام آخرين مجال تبني مواقف الدفاع عن “مشاركين” في المؤامرة، مما شكل ضغطا على العرش لكي يغلق الملفات الجانبية ويركز على متهم واحد أو متهمين.

لكن الأمر الآن سيكون مختلفا، فوجود قانون الجرائم الإلكترونية يعني أن الخوض في القضايا التي تتعلق بالأسرة المالكة سيترك من أول لحظة بيد سلطة إنفاذ القوانين، وهو ما يزيل عنها البعد السياسي ويدخلها في باب الجنح، ويجعل من الصعب على أيّ كان انتقاد الأسرة المالكة.

ويعاقب القانون بعض المنشورات على الإنترنت بالسجن لمدة أشهر وغرامات مالية. ويشمل ذلك التعليقات التي تروّج أو تحضّ أو تساعد على الفجور أو تظهر “ازدراء الدين” أو “تقوض الوحدة الوطنية”.

ويعاقب القانون النشطاء الذين ينشرون أسماء أو صور ضباط الشرطة على الإنترنت، ويحظر طرقًا معينة للحفاظ على إخفاء الهوية عبر الإنترنت.

أحمد الصفدي: مسألة العقوبة والغرامات باتت ضرورية بحق المسيئين والممارسين للابتزاز
أحمد الصفدي: مسألة العقوبة والغرامات باتت ضرورية بحق المسيئين والممارسين للابتزاز

وتنص عقوبة المادة 15 بالحبس مدة لا تقل عن 3 أشهر، وبغرامة تتراوح بين 5 آلاف (نحو 7 آلاف دولار أميركي) إلى 20 ألف دينار (نحو 28 ألف دولار) عقب تخفيضها من 40 ألف دينار (نحو 56 ألف دولار).

وسعت حكومة بشر الخصاونة إلى التهوين من استهداف القانون لحرية التعبير. وقالت إنه “لا يهدف إلى الحد من الحريات”، وإنما إلى مكافحة “المعلومات المضللة” و”خطاب الكراهية” و”التشهير عبر الإنترنت”.

وقال الخصاونة إن القانون لا يتعارض مع الدستور الأردني “الواضح والمتوازن”.

واعتبر وزير الاقتصاد الرقمي والريادة أحمد الهناندة أنّ الغرامات المالية والعقوبات في مشروع قانون الجرائم الإلكترونية “تتناسب مع الضرر الواقع جراء الجرائم الإلكترونية”.

ودعا رئيس مجلس النواب أحمد الصفدي إلى التفريق بين الحرية المسؤولة وبين الإساءة والتشهير وتبني الإشاعة الهدامة، معتبرا أن “مسألة العقوبة والغرامات باتت ضرورية بحق المسيئين والممارسين للابتزاز واستهداف المجتمع وسلامته”.

وأثار القانون انزعاج الصحافيين ونشطاء حقوق الإنسان والجماعات المؤيدة للديمقراطية الذين أبدوا قلقهم من أن صياغته الغامضة ستحدّ من حرية التعبير، وأن تجريم المحادثات عبر الإنترنت سيسمح بالمزيد من قمع المعارضين.

وقال صالح العرموطي عضو البرلمان ونائب زعيم المعارضة إن الأردن سيتحول إلى “سجن كبير”.

ورأى العرموطي أن القانون “توسّع” في تجريم الأفعال في النشر الإلكتروني دون تمييز النشر في وسائل الإعلام عن منصات التواصل الاجتماعي، حتى وإن “اشتمل النشر على أخطاء بسيطة وضئيلة”، عدا عن تحميل المواقع الإلكترونية والناشر المسؤولية القانونية عن التعليقات.

وانتقدت واشنطن، المانح الرئيسي للأردن، الإجراء قائلة إنه قد يؤثر على حرية التعبير. وتعتبر واشنطن الأردن حليفا رئيسيا في منطقة الشرق الأوسط.

1