انتعاش الموسم السياحي يحرك شلل الأسواق في لبنان

عودة متفائلة لأنشطة المطاعم والمقاهي والفنادق وبيوت الضيافة مع زيادة تدفق المغتربين والأجانب.
الأربعاء 2023/08/16
هيا ماذا تنتظر.. احجز طاولة واستمتع

تتلمس الأنشطة المرتبطة بالسياحة في لبنان طريقها نحو التعافي في ذروة الموسم الصيفي في تحد واضح للأزمة الراهنة، خاصة وأن أوضاع القطاع هي المقياس الأول لحالة اقتصاد البلاد، وأن حجم النشاط في مجالات كثيرة يعتمد على مدى ازدهاره.

بيروت - أعطى الموسم السياحي خلال الصيف الحالي في لبنان جرعة إنعاش للتنمية في الأرياف، ووفر الآلاف من فرص العمل مع عودة الآلاف من المطاعم إلى العمل من خلال مبادرات فردية، رغم الأزمة المالية والاقتصادية الخانقة.

ويجمع الخبراء على أن أوضاع القطاع هي المقياس الأول لحالة اقتصاد البلاد، وأن حجم النشاط في قطاعات كثيرة يعتمد على مدى ازدهار الحركة السياحية بفضل تنوع المنتجات والعروض.

وشهد القطاع، الذي كان يوما ما أحد ركائز الاقتصاد اللبناني، ركودا منذ العام 2011 حين اندلع الصراع في سوريا المجاورة، وما فتئ يتقهقر منذ تفجر الأزمة المالية أواخر 2019 ليبلغ انكماش الناتج المحلي الإجمالي 40 في المئة.

ووجدت السياحة نفسها طيلة تلك الفترة في معركة من أجل البقاء بسبب الأزمة المالية التي تعاني منها البلاد، وأدت إلى عجز الدولة عن توفير المحروقات، ومدفوعة أيضا باختفاء الزوار بشكل ملحوظ بفعل تقلص مداخيل المواطنين وغياب السياح الأجانب.

خالد نزهة: 60 في المئة من المطاعم المتضررة من الأزمة عادت إلى العمل
خالد نزهة: 60 في المئة من المطاعم المتضررة من الأزمة عادت إلى العمل

وتسبب ذلك الوضع في فقدان العملة المحلية 98 في المئة من قيمتها، وتسارعت وتيرة التضخم لتصل إلى 270 في المئة على أساس سنوي في أبريل 2023، بحسب صندوق النقد الدولي.

وزادت المتاعب التي تواجهها السياحة جراء النزاعات السياسية الداخلية وتحذيرات من دول خليجية إلى مواطنيها بين الفينة والأخرى من السفر إلى لبنان.

ويعد الزوار الخليجيون من أهم السياح الذين يدأبون على زيارة البلد وكانوا من أبرز الداعمين للقطاع على مدار سنوات، ولكن بسبب قيود الإغلاق والأزمات الدبلوماسية فقدت الوجهة اللبنانية بريقها بشكل غير مسبوق.

ويعتمد القطاع في فصل الصيف على المنتجعات البحرية الخاصة، والمهرجانات الموسيقية التي ترعاها الدولة، فضلا عن المطاعم والمعارض الفنية، والأنشطة الرياضية. كما يتميز البلد بتنوع مطبخه مع وجود عشرات الشبكات من المطاعم العالمية.

وأكد نائب رئيس نقابة أصحاب المطاعم والمقاهي والملاهي والباتيسري خالد نزهة أن 60 في المئة من المطاعم التي كانت قد أقفلت أبوابها بسبب الأزمة عادت إلى العمل من جديد.

وفتحت 4500 مؤسسة أبوابها من أصل 8500 كانت قد أقفلت منذ العام 2021، بينها أكثر من 300 مؤسسة جديدة. كما أن عدداً كبير من المؤسسات يستعد لفتح أبوابه أيضا.

وقال نزهة لوكالة الأنباء الألمانية إن “المطاعم الجديدة وفرت 30 ألف وظيفة جديدة”، مشيراً إلى أن “هذا التعافي بدأ منذ الانتهاء من إجراءات الوقاية من كورونا خلال العام الماضي، وتنامى خلال هذا العام”.

بيار الأشقر: إشغال الفنادق يتراوح في المتوسط الآن بين 50 و70 في المئة
بيار الأشقر: إشغال الفنادق يتراوح في المتوسط الآن بين 50 و70 في المئة

ولعبت نقابة أصحاب المطاعم دورا كبيرا في مساندة القطاع، من التدريب إلى ورش العمل، وساهمت بالتعاون مع محافظ بيروت وبعض الجمعيات بإضاءة الشوارع في العاصمة بيروت بعد أن كانت مدمّرة.

وأشار نزهة إلى أنه بالرغم من الأزمة الاقتصادية والمالية واحتجاز أموال الناس في البنوك وانهيار الليرة، استعاد هذا القطاع عافيته.

وأكد أن نقابة أصحاب المطاعم ووزارة السياحة بالتعاون مع الإعلام سوقوا للبنان بإيجابية بهدف تركيز سياحة مستدامة، وليس سياحة موسمية فقط.

وتتوقع وزارة السياحة استقبال حوالي مليوني مغترب لبناني وسائح خلال هذا العام مع جني إيرادات قد تصل إلى ستة مليارات دولار قياسا بنحو أربعة مليارات دولار في 2022 من تسجيل زيارة 1.5 مليون سائح.

وحتى عام 2019، كانت السياحة تستحوذ على قرابة 25 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، قبل أن تتراجع إلى دون العشرة في المئة.

ويستهلك قطاع المطاعم والمقاهي والملاهي الإنتاج المحلي من الصناعات الغذائية على أنواعها من الأجبان والألبان والنبيذ والبيرة وغيرها. وخلال الفترة بين 2009 و2010 تمكنت هذه الأنشطة من جني إيرادات بواقع 10 مليارات دولار.

ويتوقع نزهة أن تحقق هذه الأعمال عوائد تتراوح بين 6 و7 مليارات دولار، بما يسهم في تحريك الدورة الاقتصادية بين المنتجين المحليين وأصحاب المطاعم والمقاهي.

وتسمح بيوت الضيافة، التي شهدت ارتفاعاً كبيراً في عددها، للسائح بالتعرف على تراث البلدات اللبنانية والترويج للنشاطات الشعبية وتصريف المنتجات المحلية وتشجيع المجتمع المحلي على القيام بنشاطات سياحية، والمساعدة في التنمية الريفية.

6

مليارات دولار عوائد متوقعة من القطاع خلال عام 2023 مع قدوم مليوني زائر

ولم يكن يتعدى عدد بيوت الضيافة الخمسين، ولكن تضاعف عددها ليصل إلى أكثر من 200 بيت خلال السنوات الثلاث الأخيرة رغم الأزمة الاقتصادية.

وقال رئيس اتحاد النقابات السياحية في لبنان بيار الأشقر إن “الموسم السياحي خلال هذا الصيف يماثل الموسم الماضي، لا بل أفضل منه قليلا، وقد بدأ بالتحسن بفضل مساهمات القطاع الخاص”.

وأوضح الأشقر وهو نقيب أصحاب الفنادق أيضا أن “نسبة الإشغال في الفنادق خلال هذا الصيف بلغت 70 في المئة خلال عطلة نهاية الأسبوع، و50 في المئة خلال الأيام المتبقية من الأسبوع”.

ومع أنه لا توجد إحصائيات دقيقة لقدوم السياح عبر مطار بيروت، لكن الأشقر قدرهم بنحو 18 ألفا يوميا، 80 في المئة منهم من المغتربين في دول الخليج وأفريقيا، بالإضافة إلى قسم انتقل مؤخرا إلى قبرص وتركيا واليونان، بينما أسرهم لا تزال تقيم بالبلاد.

وقال إن “غالبية اللبنانيين القادمين إلى لبنان يقيمون في بيوتهم عند عودتهم وليس في الفنادق”.

وسجلت حركة المسافرين عبر مطار رفيق الحريري الدولي (مطار بيروت) ارتفاعا بنسبة 24 في المئة، خلال النصف الأول من العام الحالي، عما كانت عليه قبل عام.

ورأى الأشقر أن النشاط الحاصل سببه التسويق للمناطق عبر استخدام الصور، بالإضافة إلى انتشار بيوت الضيافة وكل ذلك بمبادرات فردية ومساهمة الجمعيات الأهلية.

ولفت إلى أن هذا النوع من الأنشطة أدى إلى تطور القطاع، وأوجد الرغبة لدى السياح والمغتربين في اكتشاف مناطق جديدة بالبلاد، وممارسة رياضات التسلق وركوب الدراجات الهوائية وغيرها من النشاطات.

كما أكد أن ذلك النشاط حرّك الأسواق من منتجات ومؤونة في تلك المناطق، وأدخل مناطق جديدة في لبنان إلى الخارطة السياحية.

10