داعش يُكبد الجيش السوري خسائر فادحة في كمين وهجوم مباغت

التنظيم المتطرف يستغل الصراع الدولي بين روسيا والولايات المتحدة على الساحة السورية لشن هجمات دموية تستهدف الجيش السوري كان آخرها هجوم في بادية الميادين اوقع 26 قتيلا.
الجمعة 2023/08/11
الجيش السوري يشن حملات امنية واسعة لتعقب عناصر داعش

دمشق - قتل ما لا يقل عن 26 جندي سوري في هجوم شنه تنظيم الدولة الاسلامية واستهدف حافلة كانت تقل عسكريين شرق سوريا بينما لا يزال مصير العشرات منهم مجهول، فيما تسلط هذه العملية الضوء على عودة قوية للتنظيم المتطرف الذي انحسر نفوذه في السنوات الأخيرة وبات يعتمد على خلايا نائمة ومجوعات تشن هجمات مباغتة على طريقة حرب العصابات. 
ويأتي الهجوم الاخير في سياق سلسلة اعتداءات دموية تعرضت لها القوات السورية في الفترة الأخيرة، ما يطرح نقاط استفهام حول هذا التصعيد المفاجئ في عمليات داعش وتوقيته في الوقت الذي يبدو واضحا أن انشغال روسيا في حرب استنزاف بأوكرانيا أثر بشكل كبير على جهود القوات السورية في مواجهة التنظيم المتطرف.
وتشهد الساحة السورية عودة لنشاط خلايا تنظيم داعش الإرهابي فبعد نحو 6 سنوات من هزيمة التنظيم وخسارة اخر معاقله في مدينة الباغوز بريف دير الزور على يد قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الغرب تقوم عناصر تنظيم الدولة الاسلامية بشن حرب عصابات تستهدف القوات الحكومية السورية ما اوقع عددا من القتلى والجرحى في صفوفها.
وتقوم العناصر التابعة لداعش بالتنقل على الحدود بين العراق وسوريا للتخطيط لهجمات دموية ضد القوات السورية كان آخرها هجوم اسفر عن مقتل وجرح العشرات من الجنود في بادية الميادين في ريف دير الزور الشرقي وهي منطقة مفتوحة يستطيع فيها الجهاديون التنقل والمناورة بكل حرية.
وأفاد المرصد السوري لحقوق اانسان عن "استهداف عناصر التنظيم ليل الخميس حافلة عسكرية"، في بادية الميادين في ريف دير الزور الشرقي، ما أدى إلى مقتل "26 جندياً على الأقل وإصابة أكثر من عشرة آخرين بجروح متفاوتة".
ولا يزال "مصير العشرات من الجنود مجهولاً"، وفق المرصد.
وغالباً ما يتبنى التنظيم استهداف حافلات عسكرية أو أخرى تقل موظفين في مرافق عامة عبر زرع عبوات ناسفة أو مهاجمتها خصوصاً في منطقة البادية السورية المترامية الأطراف والتي انكفأ إليها مقاتلو التنظيم بعد دحرهم من آخر مناطق سيطرتهم في شرق سوريا.
ويكثّف التنظيم من وتيرة عملياته في الآونة الأخيرة، إذ قُتل عشرة عناصر من قوات النظام والمسلحين الموالين لها الإثنين جراء استهدافه حواجز عسكرية في محافظة الرقة (شمال)، التي كانت تعد أبرز معاقله في سوريا.
وتسبب هجوم آخر شنّه التنظيم مطلع الشهر الحالي على قافلة تضم صهاريج نفط في ريف حماة الشرقي (وسط) الذي يشكل امتداداً للبادية المترامية الأطراف، بمقتل سبعة أشخاص غالبيتهم من قوات النظام.
ويهمين النظام السوري على مناطق في ريف الرقة الشرقي والجنوبي، بينما يفرض مقاتلو "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) المدعومة من الغرب سيطرتهم على الجزء الأكبر من هذه المحافظة في حين تسيطر الميليشيات الإيرانية على المنطقة الجنوبية للرقة.
وتقول تقارير للامم المتحدة في سنة 2022 ان عدد مقاتلي تنظيم داعش يبلغ 10 الاف مقاتل موزعين على العراق وسوريا وان التنظيم لا يزال يهدد الامن والسلم العالميين رغم نجاح الجهود في دحره من مناطق واسعة في البلدين.

Thumbnail

ويعتقد مراقبون ان عودة نشاط التنظيم مفهوم لعدة أسباب ابرزها تراجع الزخم الدولي ضد الجهاديين في سوريا والاهتمام بملفات اخرى مثل تداعيات الحرب الأوكرانية والصراع في منطقة الساحل والصحراء وكذلك الحرب في السودان.
كما ان تراجع النشاط العسكري للقوات الروسية التي استهدفت بكثافة مواقع تنظيم داعش وكبدته خسائر كبيرة ساهم بشكل كبير في عودة نشاط التنظيم قرب تواجد القوات الحكومية في بادية الشام.
واتهم قادة عسكريون أميركيون الجيش الروسي بعرقلة جهود القوات الاميركية في استهداف عناصر التنظيم المتطرف بسبب تهديد القوة الجوية الروسية للطيران الاميركي في سماء سوريا وهو ما نفته روسيا مؤكدة جهودها في مكافحة الجهاديين ومتهمة الجانب الغربي بترك المجال لعودة التنظيم المتطرف.
ويبدو ان تنظيم داعش استطاع استغلال الصراع الدولي في سوريا لترميم صفوفه وشن حرب عصابات اتقن في السابق كل تفاصيلها ما جعله في سنة 2014 يهيمن على مساحات واسعة في العراق وسوريا رغم انه خسر الكثير من قواته واغتيل عدد لا باس به من قياداته المؤثرة.
ويسعى التنظيم المتشدد لإطلاق سراح سجنائه في السجون الكردية وفي المخيمات حيث شن في السنوات الأخيرة هجمات دموية لاقتحام عدد من السجون باءت اغلبها بالفشل فيما دعا الأكراد الى تسوية دولة للملف ولقيام العواصم الغربية بنقل رعاياها المنتمين للتنظيم المتشدد.
ورغم ان تنظيم داعش ينشط بشكل مكثف في البادية السورية وتنتشر خلاياه في تدمر والمنطقة المحيطة بها حتى الحدود السورية-العراقية لكنه استطاع تنفيذ هجمات دموية في معاقل قوات قسد وكذلك في العمق السوري من خلال تبني هجوم استهدف منطقة السيدة زينب وسط العاصمة دمشق التي باتت محصنة في وجه الجماعات المسلحة المعارضة للنظام.
ويرى مراقبون ان داعش عاد الى إستراتيجية 2004 وهي ما عرفت بإستراتيجية " الكر والفر" وعدم السيطرة على الأراضي في تحول للنهج الذي كان يعتمده التنظيم في قضم المناطق بعد إعلان دولته المزعومة في 2014.
وحرب العصابات او إستراتيجية الكر والفر غير مكلفة بشريا او ماديا بالنسبة للتنظيم الذي عاني في السنوات الأخيرة من تراجع الاستقطاب بسبب تشديد الحصار عليه داخليا ودوليا من خلال خسارة التمويل ومناطق إنتاج وتهريب النفط وكذلك قيام تركيا بشن حرب استخباراتية على شبكات تهريب المقاتلين على الحدود مع سوريا بعد ضغوط دولية.
ويثبت عودة نشاط تنظيم داعش وهجماته الدموية ان سياسة قطع الرأس واغتيال القيادات البارزة لم تؤتي أكلها ولم تضعف التنظيم بشكل كبير وان المشكلة الحقيقية في الافكار المتشددة التي يحملها عناصر التنظيم.
ومنذ خسارة كل مناطق سيطرته، قتل أربعة من زعماء التنظيم آخرهم أبي الحسين الحسيني القرشي، الذي قضى في اشتباكات في شمال غرب سوريا. وقد أعلن التنظيم في الثالث من أغسطس تعيين خلف له.