واشنطن تبحث في أبوظبي عن مقاربة مختلفة لحل الأزمات

أميركا تساير جهود السعودية في أكثر من ملف بعد حسم موقفها بعدم التصادم.
الخميس 2023/08/10
الأيقونة

أبوظبي- يحظى اللقاء الذي جمع الرئيس الإماراتي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بمستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان بأهمية لدى إدارة الرئيس جو بايدن، التي تدرك أنها ستجد لدى أبوظبي مقاربة مختلفة لحل الأزمات سواء قضية أوكرانيا أو النفط أو إيران وملفات المنطقة.

ولدى واشنطن قناعة بأهمية التحرك السعودي في التعامل مع مختلف هذه الملفات، لكنه وحده لا يكفي، ومن هنا يأتي الرهان على تعاطي الإمارات مع تلك الملفات لامتلاك القيادة الإماراتية علاقات وأدوات ومقاربات مختلفة يعتقد الأميركيون في جدواها.

وتدرك إدارة بايدن أن أبوظبي كانت مفتاح الحلول لعدة ملفات حتى وإن تركت إدارة بعضها للسعودية وخاصة ما تعلق منها بأوبك+ وأوكرانيا الآن، وهو أمر لم يخفه الرئيس الأميركي الذي سبق أن وجه دعوة إلى الشيخ محمد بن زايد لزيارة الولايات المتحدة، وذلك على هامش قمة جدة للأمن والتنمية (يوليو 2022)، وهي القمة التي جمعته بقادة الخليج ورؤساء عرب آخرين.

◙ واشنطن تدرك أن أبوظبي كانت مفتاح الحلول لعدة ملفات حتى وإن تركت إدارة بعضها للسعودية مثل أوبك+
واشنطن تدرك أن أبوظبي كانت مفتاح الحلول لعدة ملفات حتى وإن تركت إدارة بعضها للسعودية مثل أوبك+ 

وحملت تلك الدعوة وقتها إشارة واضحة إلى أن إدارة بايدن تريد مساعدة إماراتية في فهم ملفات المنطقة، وفيها تأكيد واضح على أهمية دور الشيخ محمد بن زايد وعلاقاته في قضايا المنطقة بالنسبة إلى الأميركيين سواء في عهد بايدن أو في عهد من سبقه.

وفي وقت تجد فيه الولايات المتحدة صعوبة في إقناع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالحاجة إلى إعطاء فرصة جدية للتفاوض بشأن أوكرانيا، فإن زيارة سوليفان إلى أبوظبي يمكن أن توفر هذه الفرصة في ظل العلاقات المتينة بين الشيخ محمد بن زايد وبوتين من جهة والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي من جهة أخرى.

وشمل اللقاء مع سوليفان ولي العهد الشيخ خالد بن محمد بن زايد ونائب الحاكم مستشار الأمن الوطني الشيخ طحنون بن زايد ووزير الخارجية الشيخ عبدالله بن زايد وحلقة الأمن القومي والاقتصادي وأمين عام مجلس الأمن الوطني علي بن حماد الشامسي وسفير الإمارات في واشنطن يوسف العتيبة.

وكان الرئيس الإماراتي قد عبّر عن استعداده للعب دور “للتوصل إلى حل سياسي عبر الحوار والدبلوماسية” في أوكرانيا، وذلك خلال زيارته الأخيرة إلى موسكو على هامش منتدى سان بطرسبرغ في يونيو الماضي.

ويفهم الأميركيون والأوكرانيون، أيضا، أهمية الثقة بين الشيخ محمد بن زايد وبوتين، باعتبارها عنصرا مهما يُيَسّر للإماراتيين نقل الرسائل، ما يعطي فرصة أكبر لنجاح الوساطة وتحقيق أهدافها.

وفي مسار آخر، تحتاج الولايات المتحدة إلى الإمارات في الحد من الفجوة مع السعودية بالنسبة إلى أوبك+ وقرار الخفض من الإنتاج وتأثيراته على الأسواق.

ويعرف الأميركيون أن أبوظبي تحدد موقفها داخل التحالف النفطي وفق مصلحتها المباشرة، وأنها تلتزم بحياد أوبك+ عن التوظيف السياسي، وينظرون إليها كرمانة ميزان داخل المنظمة.

وينطبق هذا التوصيف على تأثير الإمارات في قضايا الشرق الأوسط سواء في ملف السلام أو في العلاقة مع إيران. وهي الدولة الوحيدة التي تمتلك علاقات متوازنة مع إسرائيل وإيران معا وفق مقاربة ترى أن المنطقة لم تعد تحتمل الحروب، وهي في حاجة إلى سلام يقوم على معادلة الأمن وتبادل المصالح.

هشام الغنّام: التنسيق بين واشنطن والرياض حاليا أفضل من أيّ وقت مضى في العامين الماضيين
هشام الغنّام: التنسيق بين واشنطن والرياض حاليا أفضل من أيّ وقت مضى في العامين الماضيين

وترى أبوظبي أن مسار الحرب لن يجلب سوى الدمار والفوضى ويمنح التيارات المتشددة فرصة سانحة للصعود، ولا أحد يمكن أن يتحكم في هذا المسار أو يزعم القدرة على مواجهته، بما في ذلك إسرائيل.

ويمكن أن تلهم مقاربة الإمارات للسلام دولا أخرى في بناء علاقات متوازنة مع إسرائيل، وهو ما تحاول واشنطن أن تقنع به السعودية. لكن لا تزال هناك عقبات كبيرة أمام هذا المسار.

وما تزال العلاقات الأميركية – السعودية واقعة تحت تأثير التوتر الذي ساد خلال السنوات الماضية سواء ما ارتبط بالحملة على ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، أو تمسك الرياض بخيار تخفيض الإنتاج النفطي في تحد لواشنطن.

وباتت الولايات المتحدة تساير جهود السعودية في أكثر من ملف بعد حسم موقفها بعدم التصادم.

ويقول مدير برامج الأمن القومي في جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية في الرياض هشام الغنّام إن التنسيق بين واشنطن والرياض حاليًا “أفضل من أيّ وقت مضى في العامين الماضيين”.

ويؤكد أن العلاقات في الوقت الراهن “أكثر دفئًا وقربًا. هي ليست في وضع مثالي، لكنها في أفضل حال منذ أن تولى الرئيس بايدن منصبه”.

ويقول المسؤول السابق في السياسة الخارجية جون هانا الذي يزور المملكة منذ ثلاثة عقود، إن واشنطن والرياض شعرتا خلال فترة الخلاف حول إنتاج النفط في أكتوبر الماضي بالانزعاج من التراشق الكلامي شديد اللهجة الذي نجم عن الخلاف.

ويضيف أن التراشق “امتدّ إلى حدّ قول مسؤولين سعوديين كبار: حسنًا ربما تعيدون تقييم العلاقة وقد تكون لديكم أسئلة حول مستقبل هذه الشراكة، لكن دعونا نقُلْ لكم إننا نفعل ذلك أيضًا”.

ورغم ذلك لم يتمّ التفكير يومًا بشكل جدّي في قطيعة فعلية.

1