مبادرات السلام المتنافسة تقوض الحل في السودان

مطالب بتوحيد مبادرات السلام في السودان لتعزيز الضغوط على طرفي النزاع وإجبارهما على الجلوس إلى طاولة المفاوضات.
الاثنين 2023/08/07
سلام هش يحتاج أرضية صلبة للحوار

القاهرة - عقد الأحد في تشاد أول اجتماع وزاري لقمة دول جوار السودان لبحث تداعيات الأزمة السودانية المندلعة اشتباكاتها المسلحة منذ أبريل الماضي، ووضع خطة تنفيذية تتضمن وضع حلول عملية وقابلة للتنفيذ لوقف الاقتتال في السودان، فيما يطالب محللون بتوحيد المبادرات لتعزيز الضغوط على طرفي النزاع.

ويشير المحللون إلى أن تعدد مبادرات الحل في السودان (مبادرة مصرية/ مبادرة سعودية – أميركية/ مبادرة أفريقية/ مبادرة الحرية والتغيير) يشتت الجهود المبذولة لإلزام طرفي النزاع بوقف الاقتتال وإجبارهما على الجلوس إلى طاولة المفاوضات.

ويؤكد هؤلاء أن عمليات السلام الأفريقية والعربية والداخلية المتنافسة لإنهاء الأزمة في السودان ستقوض بعضها البعض، خاصة في ظل عدم التوافق في الآراء بصددها، كما أن لكل منها نهجها وأهدافها الخاصة. واحتضنت القاهرة قمة دول جوار السودان في الثالث عشر من يوليو الماضي، لبحث تداعيات الأزمة السودانية المندلعة اشتباكاتها المسلحة منذ أبريل الماضي.

◙ لا تزال هناك عقبات عديدة على طريق السلام، لاسيما عدم استعداد الفصائل المتحاربة لقبول فكرة عدم وجود حل عسكري للصراع

وشارك في قمة دول جوار السودان، التي انعقدت في القاهرة، رؤساء دول وحكومات ست دول هي جمهورية أفريقيا الوسطى وتشاد وإريتريا وإثيوبيا وليبيا وجنوب السودان، بحضور رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي وأمين عام جامعة الدول العربية.

وقال الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي في البيان الختامي للقمة إنه تم "الاتفاق على إنشاء آلية وزارية تعقد اجتماعها الأول في تشاد لوضع خطة تنفيذية تتضمن وضع حلول عملية وقابلة للتنفيذ لوقف الاقتتال”، بحسب بيان للقاهرة وقتها.

وأوضحت الخارجية المصرية، في بيانها، أن “وزراء خارجية دول الجوار سيبحثون في اجتماعهم مختلف جوانب الأزمة السودانية، بكافة أبعادها الأمنية والسياسية والإنسانية، وتأثيراتها على الشعب السوداني وتداعياتها الإقليمية والدولية".

وأشارت إلى أن الاجتماع "يبحث وضع مقترحات عملية تمكن رؤساء الدول والحكومات المجاورة للسودان من التحرك الفعال للتوصل إلى حلول تضع نهاية للأزمة الحالية". ويلفت مراقبون إلى أنه لا تزال هناك عقبات عديدة على طريق السلام، لاسيما عدم استعداد الفصائل المتحاربة لقبول فكرة عدم وجود حل عسكري للصراع.

وتوسطت الولايات المتحدة والسعودية في عدة اتفاقات لوقف إطلاق النار في السودان، لكنهما علقتا المحادثات في جدة بسبب انتهاكات من طرفي الصراع لتستأنف عملها بعد ذلك إلا أن انسحاب الجيش مجددا بسبب خلافات (مسودة وقف العدائيات) عرقل المبادرة.

ووفق مراقبين، تخطط الولايات المتحدة والسعودية لاقتراح مبادرة جديدة قريبا. كما استضافت إثيوبيا في وقت سابق، قمة إقليمية لدول شرق أفريقيا، لكن الجيش السوداني قاطعها متهما كينيا، الراعي الرئيسي، بـ”التحيز”.

ويأتي ذلك في وقت تم تهميش دور الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة، على الرغم من الترويج لشعار "حلول أفريقية لمشكلات أفريقية". ونجحت المبادرة المصرية في عقد قمة جمعت كافة دول جوار السودان في القاهرة، من أجل تحقيق تسوية سلمية في السودان، لكن العقبات أمامها لا تزال كثيرة.

◙ مصر تمتلك قنوات اتصال بمعظم الأطراف الفاعلة في المشهد السوداني فضلا عن إمكانية توفير كافة المساعدات للتوصل إلى حل سلمي

وتتلخص المبادرة المصرية في اتفاق وقف إطلاق النار طويل الأمد، وإنشاء ممرات إنسانية آمنة تسهل التسليم الآمن للمساعدات الإنسانية للمدنيين المتضررين من الأزمة، مما يضمن وصول المساعدات الأساسية إلى المحتاجين.

وحول المفاوضات، شددت المبادرة على أهمية وضع إطار للمفاوضات تشارك فيه جميع القوى السياسية في السودان، ويهدف هذا النهج الشامل إلى توفير منصة للحوار الهادف والمشاركة السياسية بين مختلف أصحاب المصلحة داخل السودان لمعالجة الأسباب الكامنة وراء الأزمة والعمل من أجل حل مستدام.

وتمتلك مصر قنوات اتصال بمعظم الأطراف الفاعلة في المشهد الأمني والسياسي في السودان، فضلا عن إمكانية توفير كافة المساعدات اللوجستية للتوصل إلى حل سلمي ومستدام للصراع في السودان.

ومنذ منتصف أبريل الماضي، يخوض الجيش والدعم السريع اشتباكات لم تفلح سلسلة هدنات في إيقافها، ما خلّف أكثر من 3 آلاف قتيل، أغلبهم مدنيون، ونحو 3 ملايين نازح ولاجئ داخل البلاد وخارجها، بحسب الأمم المتحدة.

ويتبادل الجيش بقيادة رئيس مجلس السيادة عبدالفتاح البرهان، والدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو "حميدتي"، اتهامات بالمسؤولية عن بدء القتال وارتكاب انتهاكات خلال الهدنات المتتالية.

2