تقوية مصادر "القوة الناعمة" للسعودية للتحرر من قطاع النفط

الإيرادات غير النفطية للسعودية، أو ما يسمى بالقوة الناعمة للمملكة، تلعب اليوم دورا مهما في الاقتصاد السعودي، بدعم من مبادرات وبرامج حكومية ضمن رؤية تهدف إلى تنويع مصادر الدخل حتى لا يبقى الاقتصاد رهينة لتذبذب أسعار النفط.
دبي - نشر صندوق الاستثمارات العامة السعودي الأحد تقريره السنوي لعام 2022 أظهر أن الأصول المدارة للصندوق تجاوزت 2.23 تريليون ريال (594.43 مليار دولار) في 2022. وكانت الأصول المدارة للصندوق السيادي للمملكة 1.98 تريليون ريال لعام 2021.
وقال الصندوق إنه حقق عائدا إجماليا للمساهمين بلغت نسبته ثمانية في المئة وأسس 25 شركة في 2022 مما أتاح 181 ألف وظيفة وضخ 120 مليار ريال في ذلك العام في قطاعات إستراتيجية. وأشار الصندوق إلى أن 23 في المئة من أصوله المدارة عبارة عن استثمارات دولية و68 في المئة استثمارات محلية والباقي في محفظة الخزينة. وأضاف أن 17 في المئة من أصوله تدار خارجيا بينما تتم إدارة 83 في المئة داخليا.
وصندوق الاستثمارات هو الأداة التي اختارها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان للدفع بأجندة اقتصادية تهدف إلى خفض الاعتماد على النفط. وأشار الصندوق إلى أن التوسع الجاري في مكاتبه الفرعية الثلاثة في لندن ونيويورك وهونغ كونغ سيدعم استمرار نمو الصندوق ويجعله الخيار المفضل للشراكة مع المستثمرين العالميين.
وتأتي مصادر تمويل الصندوق من الأرباح المحتجزة من الاستثمارات، ورأس المال الذي تضخه الحكومة، والأصول التي تحولها الحكومة إلى الصندوق، إلى جانب قروض وأدوات دين. وجمع الصندوق 5.5 مليار دولار في فبراير من بيع سندات خضراء، بعد طرحٍ أول لسندات خضراء في أكتوبر جمع خلاله ثلاثة مليارات دولار.
وإلى جانب ذلك، حصل الصندوق على قرض بقيمة 17 مليار دولار في نوفمبر من مجموعة مؤلفة من 25 بنكا ليتم توجيه جزء منها لإعادة تمويل قرض كان حصل عليه في 2018. وأعلن ولي العهد السعودي في فبراير من العام الماضي نقل أربعة في المئة من أسهم أرامكو العملاقة للنفط، تقدر قيمتها بنحو 80 مليار دولار، إلى صندوق الاستثمارات العامة.
◙ 25 شركة أسسها صندوق الاستثمارات العامة في المملكة عام 2022 أتاحت 181 ألف وظيفة
وفي أبريل جرى تحويل أربعة في المئة أخرى من أسهم أرامكو، تقدر قيمتها أيضا بنحو 80 مليار دولار، إلى شركة سنابل للاستثمار المملوكة لصندوق الاستثمارات العامة. وفي السياق نفسه أعلن صندوق الاستثمارات العامة السعودي عن تأسيس شركة استثمارية بهدف دعم قطاع الرياضة في السعودية والشرق الأوسط وشمال أفريقيا، في وقت تنفق المملكة مئات الملايين من الدولارات لاستقطاب لاعبي كرة قدم عالميين إليها.
وستستثمر شركة "سرج" للاستثمارات الرياضية في "الحصول على حقوق الملكية لإنشاء الفعاليات الرياضية الجديدة، إلى جانب الاستثمار في الحقوق التجارية للبطولات الرياضية واستضافة الفعاليات الرياضية العالمية"، بحسب بيان للصندوق. كما تهدف الشركة إلى الاستثمار في “الفعاليات المرتبطة بالمشجعين، وستقوم بتوظيف التقنيات الرياضية المتقدمة لتطوير القطاع، بما يُسهم في تعزيز مكانة المملكة كوجهة رياضية وترفيهية".
وتسعى السعودية منذ سنوات لتعزيز قطاع الرياضة لديها ضمن خطة تحول اقتصادي، وفي إطار سياسة تقوم على تقوية مصادر القوة الناعمة للمملكة الطامحة للتحرر من قطاع النفط. وكان صندوق الاستثمارات العامة، أحد أكبر الصناديق السيادية في العالم بأصول تتجاوز 620 مليار دولار، استحوذ على أندية كرة قدم مؤخرا ما أتاح لهذه الأندية عقد صفقات كبيرة بمبالغ ضخمة مع لاعبين كثر تم انتدابهم مباشرة من الدوري الإنجليزي والإسباني والإيطالي.
وكانت المملكة قد كشفت مؤخرا أن الإيرادات غير النفطية شكلت نحو 43 في المئة من إجمالي إيرادات الميزانية السعودية للربع الثاني من عام 2023، مقابل 32 في المئة من إيرادات الفترة نفسها من عام 2022. ويرى المحللون في ذلك مؤشرا على نجاح “رؤية 2030". وارتفعت الإيرادات غير النفطية في الميزانية 12.6 في المئة في الربع الثاني، لتبلغ 135.1 مليار ريال، مقابل 120 مليار ريال في الفترة نفسها من العام الماضي.
ووفقا لبيانات وزارة المالية للميزانية الربعية، تغطي الإيرادات غير النفطية نحو 42 في المئة من الإنفاق الحكومي خلال الربع الثاني البالغ 320.1 مليار ريال، وهو أعلى مستوى تغطية منذ الربع الأول 2022. وتعد الإيرادات غير النفطية للربع الثاني من العام الجاري أعلى إيرادات فصلية منذ الربع الرابع من 2020 عندما سجلت 144.3 مليار ريال (الدولار يساوي 3.75 ريال سعودي).