تركيا تعود إلى دوامة التضخم بنسبة تقارب 50 في المئة

إسطنبول - عادت أرقام التضخم للارتفاع في تركيا بعد تباطؤ استمر لمدة 8 أشعر متتالية، وذلك على خلفية سلسلة من الزيادات الضريبية جرى فرضها لتقليص عجز الميزانية.
وكانت الحكومة التركية قد رفعت الضرائب على مجموعة من السلع الأساسية والوقود لضبط الموازنة العامة للدولة التي عانت من عجز شديد بسبب التعهدات المكلفة التي قُدمت خلال فترة الحملة الانتخابية السابقة لانتخابات مايو، بالإضافة إلى احتياجات التمويل الناتجة عن الزلازل التي ضربت الدولة في فبراير الماضي.
وبالإضافة إلى زيادات الضرائب الجديدة من المتوقع أن يؤثر انخفاض قيمة الليرة وزيادة الحد الأدنى للأجور إلى المزيد من الارتفاع في أرقام التضخم، وفق سيلفا بحر بازيكي، المحلل في “بلومبرغ إيكونوميكس”، متوقعاً اتخاذ التضخم لمسار صعودي من الآن حتى نهاية العام.
122.8
في المئة النسبة الحقيقية للتضخم حتى شهر يوليو وفق مجموعة {إي أن إيه جي} البحثية
وفقدت الليرة نحو 30 في المئة من قيمتها حتى الآن هذا العام – مع الانخفاض أكثر من 20 في المئة في يونيو وحده – بعد أن أشار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى التحول نحو سياسات اقتصادية أكثر تقليدية بما في ذلك رفع أسعار الفائدة.
ومنذ ذلك الحين رفع البنك المركزي سعر الفائدة 900 نقطة أساس إلى 17.5 في المئة في اجتماعيه بقيادة الرئيسة الجديدة للبنك حفيظة غاية أركان، لكن مع بقاء وتيرة التشديد النقدي أقل من توقعات السوق.
وفي عرضه لتقرير التضخم الفصلي الأسبوع الماضي، أقرّ البنك المركزي التركي التأثير المحتمل لزيادات الضرائب على صعود أسعار المستهلكين. كما رفعت محافظة البنك المركزي حفيظة غاية أركان توقعاتها للتضخم في نهاية 2023 بأكثر من الضعف، وذلك في أول عرض تقديمي لها منذ توليها المنصب في يونيو الماضي. وأضافت أن البنك يتوقع بلوغ التضخم ذروته عند حوالي 60 في المئة في الربع الثاني من العام المقبل.
ويأتي الرقم الجديد متماشياً مع التوقعات، في الوقت الذي تغير فيه تركيا سياساتها النقدية جذرياً منذ انتخابات مايو، والتي تتضمن إنهاء أكثر من عامين من أسعار الفائدة المنخفضة للغاية.
وفي الأسبوع الماضي، راجع البنك المركزي توقعاته للتضخم لنهاية العام إلى 58 في المئة، صعوداً من 22.3 في المئة، بعد سنوات من شكوك اقتصاديين مستقلين بشأن السعر الرسمي الذي كان معدله ينخفض تدريجياً منذ أن وصل إلى أعلى مستوى في أكثر من عقدين عند 85 في المئة في أكتوبر 2022، بعدما توقع البنك المركزي واقتصاديون اتجاهاً تصاعدياً منذ يوليو الماضي.
على الجانب الآخر؛ ما يزال المراقبون للمناخ الاقتصادي في تركيا غير مقتنعين بأن السياسة النقدية الحالية – التي وصفها المسؤولون بأنها تعتمد على الرفع التدريجي لأسعار الفائدة – ستكون قادرة على كبح التضخم.
76
في المئة تقريبا نسبة ارتفاع الأسعار في قطاع الصحة بالبلاد
وأظهرت بيانات مكتب الإحصاء أن التضخم الشهري بلغ 9.49 في المئة في خلال شهر يوليو. وعلى مستوى القطاعات، جاء التضخم السنوي مدفوعا بقطاع الفنادق والمقاهي والمطاعم الذي سجل قفزة في الأسعار بلغت 82.6 في المئة.
وارتفعت الأسعار في قطاع الصحة أيضا 76 في المئة تقريبا، وفي قطاع الأغذية والمشروبات غير الكحولية 60.7 في المئة. ويعاني اقتصاد تركيا العضو بمجموعة العشرين من واحدة من أسوأ الأزمات بالنسبة إلى تكاليف المعيشة في تاريخه حتى اليوم.
وقال مراقبون مستقلون إن التضخم أعلى من ذلك. وأعلنت مجموعة “إي أن إيه جي” البحثية ومقرها إسطنبول، عن تقديرها للتضخم السنوي لشهر يوليو قائلة إنه يبلغ في الواقع 122.8 في المئة.
وعلى النقيض جاءت تصريحات وزير المالية التركي محمد شيمشك الخميس قائلا إن “التضخم السنوي سيبدأ في الانخفاض اعتبارا من منتصف عام 2024 في ظل التأثير الإيجابي لموقف السياسة النقدية للبلاد”.
وأضاف شيمشك في بيان نُشر على منصة إكس (تويتر سابقا) “سندعم عملية خفض التضخم بالانضباط المالي. الهدف الأساسي لسياساتنا هو خفض التضخم بشكل دائم ليصبح في خانة الآحاد على المدى المتوسط”.