الحرب وتغير المناخ يهددان الإنتاج الزراعي في سوريا

50 في المئة من مرافق المياه والبنية التحتية في سوريا تعمل جزئيا أو لا تعمل على الإطلاق.
الخميس 2023/08/03
أخطر أزمة جفاف منذ عام منذ 1953

إدلب (سوريا) - ما بدأته الحرب في سوريا، أكمله الجفاف. ويقول مزارعون وخبراء إن التغيرات المناخية وموجات الحر التي ضربت البلاد أثرت بشدة على الإنتاج الزراعي وأن البلد الذي كان الوحيد في المنطقة يحقق الاكتفاء الذاتي من الغذاء، أصبح سكانه مهددين بالجوع والعطش. ولا يعاني المزارعون من موجة حر لم يسبق لها مثيل فقط، وإنما أيضا من انقطاع المياه وإمدادات الكهرباء، وكلاهما ضروري للحفاظ على مزارعهم.

وأدى ذلك إلى أن يذهب المزارع ماجد سلوم بعيدا بقراره ويتوقف عن زراعة الخضراوات، والتركيز على زراعة أشجار الزيتون التي لا تحتاج إلى ماء كثير. وقال سلوم “السنة الماضية عانينا كثيرا من موضوع الحرارة وكنا بحاجة إلى كميات مياه مضاعفة. وهو ما دفع المزارعين إلى التفكير جديا بإلغاء زراعة الخضار والاعتماد على الأشجار فقط”.

وذكرت سهير زقوت، المتحدثة باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في سوريا، “تأثرت البنية التحتية للمياه في سوريا بالصراع. 50 في المئة من مرافق المياه تعمل جزئيا أو لا تعمل على الإطلاق”.

سهير زقوت: البنية التحتية للمياه في سوريا تأثرت كثيرا بالصراع
سهير زقوت: البنية التحتية للمياه في سوريا تأثرت كثيرا بالصراع

والمزارعون في العديد من المناطق إما يروون من المياه الجوفية أو يستخدمون آليات ضارة للتعامل مع نقص المياه، بالإضافة إلى نقص الكهرباء، فنحن نشهد خاصة في الصيف أو أوقات الذروة، سواء في الشتاء أو في الصيف، ارتفاعا في استهلاك الكهرباء، كما أن عدد الساعات التي يحصل فيها الناس على الكهرباء محدودة.

ويؤثر انقطاع التيار الكهربائي على عملية الري التي أصبحت مقصورة على منتصف النهار. ووفقا للجنة الدولية للصليب الأحمر، انخفض معدل هطول الأمطار في سوريا بمقدار 18 مليمترا في الشهر خلال القرن الماضي من عام 1991 إلى عام 2000، مما تسبب في موجات جفاف شديدة تعاني منها البلاد الآن.

وذكر تقرير لوكالة ناسا الأميركية أن الجفاف الذي بدأ عام 1998 ويستمر حتى الآن في منطقة شرق البحر المتوسط، التي تضم سوريا، من المحتمل أن يكون الأسوأ خلال القرون التسعة الماضية.

وهو ما أكدته وزارة البيئة والإدارة المحلية، وقالت إن سوريا تتعرض لأسوأ موجة جفاف منذ 70 عامًا، وأوضحت الوزارة أن “الحد من توافر المياه بسبب التغيرات المناخية سوف يؤدي إلى تقليص الإنتاجية الزراعية الحاليّة، وبالتالي يهدد الأمن الغذائي”.

وكانت الحكومة السورية قد أعلنت أن البلاد تواجه “أخطر عام من ناحية انخفاض معدلات الهطل المطري والجفاف والتغيرات المناخية منذ العام 1953″، وكان الجفاف الذي تشهده البلاد قد أدى إلى نزوح عائلات تعتمد في معيشتها على الزراعة. وتوقعت تقارير دولية أن يؤدي الجفاف وخاصة في شمال شرق البلاد إلى موجات نزوح داخلي، وهو ما يبدو غير ممكن في الوضع الحالي بسبب توزع قوى السيطرة والقصف بين الفينة والأخرى.

وطال تأثير الجفاف السدود التي تخدم عدة مناطق في البلاد، ولعل أبرزها سد الدويسات الواقع في منطقة دركوش بريف إدلب، وباتت البحيرة التي يقام عليها السد أشبه بمستنقع. وقال المهندس المسؤول عن السد “إنها المرة الأولى التي تجف فيها مياه السد منذ بنائه عام 1994”.

بدوره ذكر مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية “أوتشا” أن “سوريا حاليًّا تحتل المرتبة السابعة على مؤشر المخاطر العالمي ضمن 191 دولة الأكثر عرضة لخطر الكوارث الإنسانية أو الطبيعية التي يمكن أن تطغى على القدرة على الاستجابة”.

◙ المزارعون لا يعانون فقط من موجة حر وإنما أيضا من انقطاع المياه وإمدادات الكهرباء وكلاهما ضروري للحفاظ على مزارعهم

وكان للحرب تأثيرها أيضا، حيث تسببت في تدمير الكثير من مرافق المياه الصالحة للشرب، كما تعذرت عمليات الصيانة الخاصة بمحطات ضخ المياه، إضافة إلى نقص الأيدي العاملة والخبيرة بسبب الهجرة والتهجير القسري.

وبسبب هذه الخسائر، تراجع الناتج المحلي لهذا الاقتصاد الذي كان من بين أكثر اقتصاديات الدول النامية تنوعا إلى أقل من 20 مليار دولار بحلول عام 2019، بعد أن وصل إلى 60 مليار دولار عام 2010.

وكان الاقتصاد السوري قبل الأزمة من أكثر اقتصاديات الدول النامية تنوعا، وكانت سوريا تنتج بين 75 و85 في المئة من أغذيتها وأدويتها وألبستها وأحذيتها ويصدر الفائض منها إلى أكثر من 60 دولة، حسب معطيات الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي والمكتب المركزي السوري للإحصاء.

وكان الإنتاج السوري من النفط بحدود 450 ألف برميل يوميا يزيد عن حاجة السوق المحلية ويصدر الفائض منه بنحو 150 ألف برميل يوميا. وكانت سوريا بين البلدان الخمسة الأول في العالم بإنتاج القطن وتربية الأغنام والأبقار. أما إنتاجها من الحبوب فتراوح بين 3.5  و6 ملايين طن سنويا، وهو ما يزيد عن حاجة السوق المحلية في معظم السنوات. وكانت سوريا بسبب رخص منتجاتها وجودة خدماتها وعراقة تاريخها مقصدا للملايين من السياح سنويا والذين زاد عددهم عن 8 ملايين في عام 2010.

11