رهان أردني على أموال المغتربين لتحفيز سوق العقارات

تعول سوق العقارات الأردنية كثيرا على أموال المغتربين لتعويض التراجع في صفقات البيع والشراء خلال العام الجاري، بسبب ارتفاع الأسعار والتكاليف الباهظة على عمليات الإقراض وسط توقعات بأن يستمر القطاع في التعرض للضغط قبل أن يتعافى.
عمّان – قدرت أوساط صناعة العقارات في الأردن أن تشهد فترة الصيف وتزامنا مع قدوم المغتربين لقضاء عطلاتهم في البلاد تحسنا في حالة السوق، ما قد يمنح القطاع جرعة تحفيز قد تخرجه من حالة الركود التي يمر بها.
ووفقا لأرقام دائرة الأراضي والمساحة الحكومية، فقد تراجع حجم التداول العقاري (المبيعات) بنسبة 12 في المئة بالنسبة إلى الشقق السكنية للمواطنين وانخفضت لغير الأردنيين بنسبة 17 في المئة.
وتكمن أهمية السوق العقارية في ارتباطها بأكثر من 150 نشاطا حيويا بشكل مباشر وغير مباشر، لاسيما مواد البناء والصناعات الكهربائية والإنشائية والأثاث والمطابخ والتمديدات الصحية وغيرها.
ويؤكد رئيس مجلس جمعية المستثمرين في قطاع الإسكان كمال العواملة أن حركة السوق للشراء المحلي تباطأت خلال الفترة الماضية خصوصا على المساحات الصغيرة والمتوسطة الأكثر مبيعا.
وأرجع العواملة خلال حديثه مع وكالة الأناضول ذلك إلى تراجع قدرة المواطنين الشرائية لمجموعة من العوامل أهمها ارتفاع الفوائد البنكية على القروض.
وأوضح أن الفائدة العالية رفعت قيم الأقساط المستحقة إلى ما يفوق قدرة المواطنين من ذوي الدخل المتوسط والمحدود على سدادها، وسط مطالبات بمراعاة ظروف هذه الطبقة واعتبارها الفئة الأكثر أحقية في شراء مساكن لها.
ويبلغ سعر الفائدة حاليا 7.5 في المئة، حيث اقتفى البنك المركزي أثر الاحتياطي الفيدرالي الأميركي (البنك المركزي) في رفع أسعار الفائدة، أسوة ببنوك دول الخليج، على جميع أدوات السياسة النقدية بمقدار 25 نقطة أساس، اعتبارا من الأحد الماضي.
وبالمقابل، قال العواملة إن “إقبال المغتربين أو الجنسيات العربية لا يزال اعتياديا على شراء العقارات في الأردن لاستخدامها خلال فترات عطلاتهم أو لغايات أخرى، مثل تعليم أبنائهم في البلاد على سبيل المثال”.
وشهد القطاع تعافيا من تبعات أزمة كورونا التي عطلت حركة السوق في عام 2020، حيث تم بيع 43 ألف شقة في عام 2021، وهو رقم كبير، كما شهد العام الماضي بيع 38.5 ألف شقة.
وتشير التقديرات إلى أن المبيعات خلال 2023 ستكون أقل من 2020 وستصل إلى قرابة 35 ألف شقة، حيث أكد العواملة أن زيادات أسعار الفائدة والتباطؤ الاقتصادي والتضخم ستؤثر سلبا على أرقام العام الجاري.
وتعتبر حوالات المغتربين من المصادر الرئيسية المغذية للاحتياطي الأجنبي، والذي بلغ حسب آخر إحصائيات البنك المركزي التي أوردتها وكالة الأنباء الأردنية الرسمية نحو 17.5 مليار دولار.
وتأثرت تحويلات العاملين الأردنيين في الخارج سلبا منذ هبوط أسعار النفط الخام مما تسبب في تداعيات على اقتصادات دول الخليج، وأيضا بدء فرض ضريبة القيمة المضافة والرسوم على المغتربين، كما أثرت الجائحة على نمو تلك الحوالات.
80
في المئة من المغتربين الأردنيين يتواجدون في دول الخليج العربي و11 في المئة في الولايات المتحدة وكندا
وتشير الدراسات إلى أن نسبة الأردنيين المغتربين تقدر بنحو 10.5 في المئة من مجمل المواطنين الأردنيين وبمجموع يقدر بنحو 786 ألف مواطن مغترب، يقطن حوالي ثلثهم في السعودية، تليها دولة الإمارات ثم الولايات المتحدة ثم الكويت وقطر وبقية دول العالم.
وتؤكد بعض المعطيات أن 80 في المئة من المغتربين الأردنيين يتواجدون في دول الخليج العربي و11 في المئة في الولايات المتحدة وكندا و4.3 في المئة في أوروبا ونحو 3 في المئة في باقي الدول العربية.
ويعتبر الأردن من أكثر الدول العربية تصديرا للعمالة المدربة إلى دول الخليج، وهو يحتلّ موقعا راسخا حتى في ظل الأزمات في سلم الوظائف الحكومية والقطاع الخاص في تلك الدول.
وتحويلات العاملين في الخارج من أهم روافد الاقتصاد الأردني من العملات الأجنبية، إلى جانب قيمة الصادرات السلعية والخدمية، والمنح والقروض والمساعدات الخارجية.
وتؤثر تلك الأموال إيجابا على الائتمان الممنوح للقطاع الخاص وعلى الودائع في البنوك سواء كانت بالعملات المحلية أو الأجنبية.
وقال المستثمر والمدير التنفيذي لشركة “عقاري جو” محمد عبدالخالق إنه “منذ مايو الماضي، تشهد السوق العقارية المحلية تحسنا وطلبا من قبل المغتربين، على وجه التحديد وما يشكل 70 إلى 80 في المئة من إجمالي حركة البيع”.
وقدر عبدالخالق أن تتواصل هذه الحركة خلال موسم الصيف، مشيرا إلى أن ذلك يظهره حجم المكالمات والاستفسارات اليومية الذي تتلقاه الشركة وبما يقارب مئتين إلى 300 مكالمة يوميا، وهي الحركة الأعلى في أربع سنوات. أما محليا، فإن الوضع مغاير بالنسبة إلى المواطنين المقيمين بسبب ارتفاع أسعار فوائد القروض بشكل كبير في العامين الأخيرين.
والأمر لم يقف عند حد تراجع حركة الشراء من جانب المواطنين، وفقا لعبدالخالق، بل دفع الكثيرين ممن اقترضوا لشراء شقق وخصوصا خلال فترة ما قبل كورونا، إلى بيع شققهم بأقل من سعر العقار للتخلص من عبء القرض.
وبحسب البنك المركزي الأردني، فإن حوالات العاملين في الخارج شهدت تحسنا في أدائها خلال أبريل الماضي، بنمو 5.5 في المئة على أساس شهري، إلى 274.8 مليون دولار. وتنبع أهمية قطاع العقارات في كونه يأتي ثانيا بعد الصناعات التحويلية في نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة سنوية تقدر بحوالي 13 في المئة.
وقال الخبير الاقتصادي قاسم الحموري إن “أسعار العقار مبالغ جدا فيها بسبب ارتفاع كلف مدخلات الإنتاج وكذلك هوامش الربح”. وأضاف الحموري للأناضول أن “الفوائد البنكية لها دور كبير في الحد من القدرة الشرائية للمواطنين، وهو السبب الرئيس في تراجع أداء القطاع مؤخرا”.
وزاد “كما أن ظهور عدد كبير من شركات الإسكان، ساعد على وجود أعداد كبيرة من الشقق المعروضة للبيع في مختلف محافظات البلاد”. وقبل أزمة كوفيد، دخلت الحكومة في معركة لتحريك القطاع المتعثر عبر حزمة من الحوافز لتشجيع الشركات والمستثمرين، يرى كثير من المختصين أنها غير كافية.