توافق كردي تحت الضغط على إجراء الانتخابات وتوحيد البيشمركة

الترحيب الأميركي بالاتفاق لا يحجب عقبات تنزيله على أرض الواقع.
الثلاثاء 2023/08/01
شكوك بشأن إجراء الانتخابات

تنشط الولايات المتحدة بكثافة على الساحة الكردية في العراق بالنظر إلى تعاظم التحديات التي تحيط بهذه المنطقة ذات الأهمية الجيوستراتيجية بالنسبة إلى واشنطن، حيث تقود ضغوطا من أجل تذليل الخلافات بين الحزبين الرئيسيين في الإقليم حول الملفات العالقة.

أربيل – رحبت القنصلية الأميركية العامة في أربيل، الاثنين، بالاتفاق الذي تم التوصل إليه بين الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني بشأن إجراء انتخابات برلمانية ودعم توحيد وإصلاح قوات البيشمركة، لكن ترحيب واشنطن بالخطوة لا يخفي عقبات تنزيلها على أرض الواقع في ظل الانقسامات العميقة بين شريكي الحكم في إقليم كردستان العراق.

ويقول مراقبون إن الاتفاق الكردي – الكردي النادر يستوجب تجاوز كم كبير من الخلافات السياسية والانقسامات لا تبدو الظروف مهيأة الآن لتجاوزها في ظل الاتهامات المتبادلة ومناخ سياسي شديد السخونة.

ويشير هؤلاء إلى أن توافق الحزبين الرئيسيين بشأن إجراء الانتخابات وتوحيد قوات البيشمركة ربما جاء استجابة للضغوط الأميركية ولرفع العتب أكثر مما هو ناجم عن قناعة سياسية بضرورة تجاوز المطبات التي أضعفت الإقليم.

وأصدر الحزب الديمقراطي والاتحاد الوطني، الأحد، بياناً مشتركاً في أعقاب اجتماع المكتبين السياسيين للحزبين. وذكر البيان “ناقش الجانبان الأوضاع في الإقليم بشكل عام والعراق وكردستان بشكل خاص”. وأضاف الحزبان وفق البيان “سنبذل قصارى جهدنا لمواجهة التحديات من أجل معيشة المواطنين وحل المشاكل”.

رغم الجهود المبذولة، يبدو توحيد قوات البيشمركة بعيد المنال حيث لا تزال هذه القوات خاضعة للنفوذ السياسي

وبحسب البيان، فقد تم الاتفاق على عدة نقاط أهمها إجراء الانتخابات البرلمانية في كردستان في الوقت الذي يحدده رئيس إقليم كردستان بعد التشاور مع الأحزاب السياسية في الإقليم ومواصلة عملية إعادة تنظيم قوات البيشمركة إلى جانب تنحية المشاكل والاختلافات الصغيرة جانباً والتحول إلى حل المشكلات معًا.

وعقد المكتبان السياسيان للحزبين اجتماعاً في منطقة دباشان في السليمانية بمشاركة رئيس الاتحاد الوطني بافل طالباني ونائب رئيس حكومة إقليم كردستان قوباد طالباني، وفاضل ميراني، والقيادي في الحزب الديمقراطي هوشيار زيباري.

وهذه ليست المرة الأولى التي يتفق فيها شريكا الحكم في كردستان على تذليل العقبات أمام وحدة الإقليم وتجنب سيناريو انقسامه. وفي كل مرة تبقى الاتفاقيات حبرا على ورق وسرعان ما تطفو الخلافات مجددا إلى السطح لتعود معها مساع أميركية وداخلية لتطويقها.

ومدد برلمان الإقليم المكون من 111 مقعدا في أكتوبر الماضي مدة دورته عاما إضافيا، مرجئا بذلك الانتخابات التي كان يفترض أن تجرى في الشهر ذاته على خلفية نزاعات سياسية بين الحزبين الكبيرين، الحزب الديمقراطي والاتحاد الوطني.

ووافقت الأحزاب الكردية الحاكمة، بما في ذلك الحزب الديمقراطي والاتحاد الوطني على قرار التمديد عام 2022، بعد الإخفاق في التوصل إلى توافق حول قانون انتخابي جديد. وتعهدت الأحزاب بإجراء انتخابات في نوفمبر من عام 2023، لكنها لم تتوصل بعد إلى توافق في الآراء بشأن اللوائح الجديدة.

ويهيمن الحزبان الكبيران المتخاصمان على الحياة السياسية في الإقليم. ففي البرلمان الحالي، يملك الحزب الديمقراطي الأغلبية بـ45 مقعدا، يليه الاتحاد الوطني بـ21 مقعدا، وباقي المقاعد موزعة على أحزاب المعارضة وأخرى صغيرة.

ولا تزال جهود توحيد قوات البيشمركة في إقليم كردستان العراق تواجه عقبات إدارية وسياسية رغم مساعي حل المعضلة التي تمثل أبرز العقبات أمام استقرار الإقليم الذي تتنازعه أجندات سياسية متضادة لشريكي الحكم.

الأحزاب تعهدت بإجراء انتخابات في نوفمبر من عام 2023، لكنها لم تتوصل بعد إلى توافق في الآراء بشأن اللوائح الجديدة

وتدعم الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة توحيد البيشمركة كجزء من إصلاح قطاع الأمن الأوسع، لكن على الرغم من الجهود المبذولة، يبدو توحيد قوات البيشمركة بعيد المنال حيث لا تزال هذه القوات خاضعة للنفوذ السياسي.

ويسيطر الحزبان الكرديان الرئيسيان على أقسام مختلفة من البيشمركة. ولطالما كان عدم اندماج هذه القوى المتفرقة موضع نقاش وجدل حادين، حتى أن وزير شؤون البيشمركة شورش إسماعيل العضو في الاتحاد الوطني الكردستاني كان قد هدد بالاستقالة بسبب تدخل الأحزاب الحاكمة في الوزارة.

ويقدر العدد الإجمالي لجنود البيشمركة بحوالي 150 ألفًا يتلقون جميعهم رواتبهم من حكومة إقليم كردستان، لكن 18 وحدة فقط تتألف من حوالي 42 ألف جندي تعمل تحت إشراف وزارة البيشمركة. ومع ذلك، فإن الضباط في الوحدات التابعة للوزارة يمتثلون في النهاية لأوامر قادة الأحزاب التي ينتمون إليها. ولا يزال عدد أفراد البيشمركة التابعين للحزب الديمقراطي والاتحاد الوطني يتجاوز 100 ألف، حيث يُعتقد أن لكل حزب حوالي 60 ألف جندي.

وهذا الانقسام الداخلي، لاسيما على المستوى الأمني والعسكري، جعل الإقليم في مرمى الانتقادات باستمرار ومن الحلفاء الدوليين الإستراتيجيين تحديدا، بسبب عدم تمكنه من توحيد قواته الأمنية تحت سقف مظلّة نظامية واحدة وبعقيدة وطنية مؤسساتية لا حزبية.

وأسفرت الضغوط الدولية، ومنها للتحالف الدولي لمحاربة داعش والولايات المتحدة، حتى الآن عن دمج 22 لواءً في البيشمركة وجعلها تحت إمرة وزارة البيشمركة، لكن ذلك يبقى دون المأمول ودون تحقيق التطلعات.

وتصاعدت قضية توحيد البيشمركة في أعقاب الاستفتاء على استقلال إقليم كردستان عن العراق في عام 2017، عندما ساهمت الخلافات السياسية بين الحزب الديمقراطي والاتحاد الوطني في انسحاب قوات البيشمركة الموالية للاتحاد الوطني من أراض متنازع عليها بين الأكراد وبغداد. وسلط الانسحاب الضوء على مخاطر انتماء البيشمركة إلى حزب معين بدلًا من الإقليم بأكمله، مما أدى إلى خسارة مكاسب حققها الأكراد في السابق.

3