يوم للأصدقاء

في هذا اليوم، يحتفل الملايين من أبناء هذا الكوكب بقيمة الصداقة، التي خاطبها فولتير “أيتها الصداقة، لولاك لكان المرء وحيدا، وبفضلك يستطيع أن يضاعف نفسه، وأن يحيا في نفوس الآخرين”، واعتبرها بلزاك “أجمل وأنقى وجوه الحياة”، والتي تمثّل أحد أهم الروابط الإنسانية، وأكثرها عمقا وسموّا ورقيا، باعتبارها تنبع من اختيار شخصي ولا تفرضها قربى الدم والرحم، ويمكن أن تكون شرطا أساسيا للمساعدة على الاستقرار النفسي والاجتماعي للأفراد، وهو ما عبر عنه الإمام الشافعي قبل 1250 عاما بالقول “سلام على الدنيا إن لم يكن بها صديق صدوق صادق الوعد”.
بداية فكرة الاحتفاء بالصداقة وتكريم الأصدقاء كانت في الولايات المتحدة في عام 1930 على يد جويس هول مؤسس “بطاقات هولمارك”، حيث يتم في الثاني من أغسطس تبادل الهدايا الرائجة آنذاك وبالأخص الزهور والبطاقات وربطات المعصم، لكن التظاهرة اصطدمت بنوع من السخرية بسبب فكرة سادت تتهم جويس بالعمل على استغلالها لبيع البطاقات التي ينتجها.
في 20 يوليو 1958، وأثناء تناول العشاء في بلدة صغيرة في باراغواي اقترح الدكتور رامون أرتيميو براشو إطلاق حركة الصداقة العالمية لتكون الأساس لتعزيز الصداقة بين جميع البشر وبعضهم البعض، بغض النظر عن العرق أو اللون أو الدين. ومنذ ذلك الحين، تحتفل باراغواي بيوم الصداقة في 30 يوليو من كل عام.
تواترت محاولات الاحتفال بقيمة الصداقة، ومع انتشار وسائل الإعلام الاجتماعية في جميع أنحاء العالم، واتساع ظاهرة الصداقة الافتراضية، وتقريب المسافات بين الأصدقاء الطبيعيين، راجت الدعوات إلى تخصيص يوم عالمي للصداقة.
في 27 أبريل عام 2011 أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة عن اعتمادها اليوم العالمي للصداقة من منطلق أن الصداقة بين الشعوب والدول والثقافات والأفراد يمكن أن تلهم جهود السلام وتبني الجسور بين المجتمعات، مع التركيز على إشراك الشباب، كقادة للمستقبل، في الأنشطة المجتمعية التي تشمل ثقافات مختلفة وتعزز التفاهم الدولي واحترام التنوع.
تم تقديم المبادرة بصورة مشتركة من قبل 43 دولة هي إسبانيا وأغلب دول أميركا اللاتينية، وقالت الأمم المتحدة إنها تؤكد من خلال اليوم العالمي للصداقة على تشجيعها الحكومات والمنظمات الدولية وجماعات المجتمع المدني على إقامة فعاليات وأنشطة ومبادرات تساهم في جهود المجتمع الدولي نحو تعزيز الحوار بين الحضارات والتضامن والتفاهم المتبادل والمصالحة.
لا أعرف مدى اهتمامنا، نحن العرب، بهذه المناسبة، ولكن الثابت أنه لا غنى لأي كان عن الصداقة الحقيقية التي تساعدنا على تجاوز العزلة والوحدة والضيق والحاجة والعجز والارتباك، حتى أن أعظم ثروة قد يكسبها الإنسان هي الأصدقاء الرائعون، وأجمل بيت يدخله هو بيت الصداقة العميقة التي يدعمها نبل المواقف في لحظة الاختبارات التلقائية للحياة.