خلاف بشأن مسودة وقف العدائيات يعرقل مساعي السلام في السودان

الخرطوم - أعلن الجيش السوداني الخميس، عودة وفده التفاوضي من مدينة جدة السعودية، أين تدور مفاوضات لوقف الاقتتال في السودان، إلى البلاد للتشاور بسبب عدم التوصل إلى اتفاق "وقف العدائيات".
ويرى متابعون أن عرقلة الجيش السوداني للمبادرة السعودية مجددا لم يكن مستغربا، لاسيما وأن وضعه لشروط مسبقة لجميع مبادرات التسوية ومنها المبادرة الأفريقية وحتى المبادرة المصرية يقوّض حظوظها في النجاح.
ويشير هؤلاء إلى أن الجيش السوداني يريد التفاوض من موقع المنتصر بينما الأمور على أرض الواقع مختلفة تماما، إذ إن قوات الدعم السريع، التي تبدي مرونة أكثر للوصول إلى حل سلمي يوقف الاقتتال ويستأنف العملية السياسية في الخرطوم، هي الأكثر انتشارا وسيطرة في الخرطوم ومدن سودانية أخرى.
◙ عرقلة الجيش للمبادرة السعودية لم يكن مستغربا لاسيما وأن وضعه لشروط مسبقة لجميع مبادرات التسوية يقوّض حظوظها في النجاح
وقال الجيش السوداني في بيان الخميس إن وفده في محادثات مدينة جدة السعودية الرامية إلى إعادة السلام للبلاد عاد إلى السودان "للتشاور"، وسيكون مستعدا لمواصلة المباحثات "متى ما تم استئنافها بعد تذليل المعوقات".
وأضاف أن "الخلاف على قضايا من بينها إخلاء المتمردين لمنازل المواطنين بكافة مناطق العاصمة وإخلاء مرافق الخدمات والمستشفيات والطرقات (..) أدى إلى عدم التوصل إلى اتفاق وقف العدائيات".
ورغم إبداء الطرفين المتحاربين انفتاحا على جهود الوساطة التي تقودها جهات إقليمية ودولية، لم يؤد أي منها إلى وقف إطلاق نار مستدام. واستأنف الجانبان المحادثات التي تشرف عليها السعودية والولايات المتحدة في جدة هذا الشهر.
وتواصلت المعارك في العاصمة السودانية الخميس، إذ يتبادل الجيش وقوات الدعم السريع الهجمات على المواقع التابعة لكل جانب، بحسب شهادات السكان. وأفاد سكان من ضاحية غرب الخرطوم الكبرى أم درمان بأنهم شهدوا "قصفا بالمدفعية الثقيلة والصاروخية من شمال مدينة أم درمان باتجاه الخرطوم".
كما أشار آخرون إلى هجوم من قبل قوات الدعم السريع على قاعدة وادي سيدنا الجوية شمال أم درمان "باستخدام مسيرات". وأكدت قوات الدعم السريع في بيان أن “قواتها الخاصة نفذت فجر الخميس مهمة عسكرية جديدة داخل قاعدة وادي سيدنا العسكرية بكرري في أم درمان".
وتابعت أن هذا الهجوم أسفر عن "تدمير 3 طائرات حربية ومخازن للأسلحة والمعدات الحربية والمؤن ومقتل وجرح العشرات من قوات الانقلابيين". وإلى ذلك أعلنت رئاسة قوات الشرطة في بيان مقتل مساعد المدير العام للإمداد الفريق عمر محمد إبراهيم حمودة “إبّان أحداث قيادة قوات الاحتياطي المركزي بالخرطوم".
◙ رغم إبداء الطرفين المتحاربين انفتاحا على جهود الوساطة التي تقودها جهات إقليمية ودولية، لم يؤد أي منها إلى وقف إطلاق نار مستدام
وكانت قوات الدعم أعلنت الأسبوع الأخير من الشهر الماضي "السيطرة التامة على رئاسة قوات الاحتياطي المركزي" في العاصمة. وأفاد بيان الشرطة أنه “تأكد استشهاد الفريق شرطة عمر محمد إبراهيم حمودة وبمعيته عدد من الضباط وضباط الصف والجنود (..) بعد أن لقنوا العدو درساً في معاني الوطنية والثبات".
واندلعت الحرب بين الجيش بقيادة عبدالفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي) في 15 أبريل، وتركزت في العاصمة وضواحيها وإقليم دارفور غرب البلاد. وقد أسفرت عن مقتل 3900 شخص على الأقل حتى الآن بحسب منظمة أكليد غير الحكومية، علما بأن مصادر طبية تؤكد أن الحصيلة الفعلية أعلى بكثير.
وكان السودان الذي يقدّر عدد سكانه بنحو 48 مليون نسمة يعدّ من أكثر دول العالم فقرا حتى قبل اندلاع النزاع الحالي الذي دفع نحو 3.5 ملايين شخص إلى النزوح، غادر أكثر من 700 ألف منهم إلى خارج البلاد وخصوصا إلى دول الجوار. وأبرم طرفا النزاع أكثر من هدنة، غالبا بوساطة الولايات المتحدة والسعودية، سرعان ما كان يتمّ خرقها.