رياض سلامة في مقابلة وداع: أنا كبش المحرقة

الحكومة اللبنانية تخفق في عقد جلسة لتسمية حاكم جديد للمصرف المركزي بسبب عدم اكتمال النصاب، في ظل غياب وزراء حزب الله والتيار الوطني الحر والمردة والحزب الديمقراطي.
الخميس 2023/07/27
رياض سلامة يدافع عن سياساته طوال ثلاثين عاما

بيروت – دافع رياض سلامة حاكم مصرف لبنان الذي حسم عدم بقائه في منصبه بعد نهاية الشهر الحالي في مقابلة تلفزيونية مساء الأربعاء عن سجله ونفى تورطه في اختلاس أموال عامة قائلا إنه أصبح "كبش المحرقة"، وأكد أن سياساته كانت تصب في صالح الاقتصاد.

وأكد سلامة، الذي شغل المنصب لثلاثين عاما شهدت أزمة مالية متفاقمة واتهامات من الداخل والخارج بسرقة أموال عامة، أنه سيترك المنصب بانتهاء ولايته الحالية في نهاية الشهر الجاري.

وقال سلامة (72 عاما) لمحطة إل.بي.سي.آي "رح (سوف) أطوي صفحة من حياتي وفي 31 ستنتهي ولايتي وهذا الأمر محسوم".

وأضاف "اليوم نحن أمام مفترق طرق إذا لم يتم تعيين حاكم جديد للمصرف". وأعرب أن أمله في "عدم حصول اضطرابات في السوق بعد مغادرتي.. مهمة نواب حاكم المصرف المركزي استلام المؤسسة وأتمنى أن تبقى صامدة كما هي".

وتأتي تصريحات سلامة فيما أخفق مجلس الوزراء اللبناني، الخميس، في عقد جلسة لمناقشة الأوضاع المالية والنقدية والتشاور حيال اقتراحات للاتفاق على حاكم جديد للمصرف المركزي مع قرب انتهاء ولاية الحاكم الحالي.

ووفقا للوكالة الوطنية للإعلام (رسمية) فإن مجلس الوزراء لم ينعقد لعدم اكتمال النصاب، إذ حضر إلى مقر الحكومة وسط بيروت 7 وزراء من أصل 24، وغاب وزراء جماعة حزب الله والتيار الوطني الحر والمردة والحزب الديمقراطي.

ويعارض كل من حزب الله والتيار الوطني الحر تعيين حاكم جديد لمصرف لبنان، بينما يقود رئيس البرلمان نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي جهود تعيين خلف لسلامة.

ويتم اختيار مَن يشغلون المناصب الكبرى في المصرف المركزي وفقا لنظام المحاصصة الطائفية الذي يحدد أيضا المناصب العليا في البلاد، فحاكم المصرف يجب أن يكون كاثوليكيا مارونيا، بينما يجب أن يحصل نوابه الأربعة (شيعي وسني ودرزي وأرمني كاثوليكي) على موافقة الزعماء السياسيين الذين يمثلون طوائفهم.

وتعقيبا على عدم انعقاد الجلسة، قال ميقاتي في بيان "مع قرب انتهاء ولاية حاكم مصرف لبنان نهاية الشهر الحالي، وجهت الدعوة لانعقاد مجلس الوزراء اليوم لمناقشة الأوضاع المالية والنقدية".

وتابع "كان مقررا أن نتشاور مع الوزراء في الاقتراحات الممكنة لتفادي الشغور في منصب "الحاكمية" (حاكم مصرف لبنان)، إلا أن تغيب عدد من الوزراء، وعدم توافر النصاب المطلوب، حتّم إلغاء الجلسة وعقد لقاء تشاوري مع الوزراء الذين حضروا".
ولا يوجد حتى الآن اتفاق على خلف له، ما زاد مخاوف من وقوع البلاد في اضطرابات مالية إضافية تفاقم أزمتها الاقتصادية الحادة المتواصلة منذ 2019، وتضاف إلى شغور رئاسي مستمر، جراء خلافات بين القوى البرلمانية، منذ انتهاء ولاية ميشال عون الرئاسة نهاية أكتوبر 2022.

وقال ميقاتي إن "الظروف الدقيقة التي يمر بها لبنان ودقة الوضعين المالي والنقدي تتطلب من الوزراء ومختلف القيادات السياسية المعنية أداء استثنائيا والأهم الترفع عن المزايدات والتباهي بالتعطيل الذي لا يخدم أحدا من اللبنانيين".
وشدد على أن "الحكومة غير مسؤولة عن الفراغ في سدة رئاسة الجمهورية، والمطلوب أن يبادر النواب إلى تحمل مسؤوليتهم في انتخاب رئيس جديد للبلاد في أسرع وقت، لكي ينتظم مجددا عمل المؤسسات الدستورية واستكمال الخطوات الاصلاحية التي بدأتها حكومتنا".

وفي سياق دفاعه عن سياسية المصرف قال سلامة في المقابلة التلفزيونية "أعتقد إنه خلال هذه الثلاثين سنة في منهم 27 سنة ساهم البنك المركزي بسياساته النقدية بإرساء الاستقرار والنمو الاقتصادي وتخفيف الفوائد والناتج المحلي ارتفع إلى 55 مليار دولار وودائع القطاع المصرفي ارتفعت إلى ما يفوق الـ170 مليار دولار خلال ولايتي" في إشارة على ما يبدو إلى السنوات التي سبقت الانهيار.

وفقدت الليرة اللبنانية 98 بالمئة من قيمتها في السوق الموازية منذ بدأ الاقتصاد رحلة انهياره في 2019 كما لم يعد باستطاعة معظم السكان الوصول لمدخراتهم في المصارف.

وجاء الانهيار بعد عقود من الفساد والإنفاق غير المحسوب من جانب النخب الحاكمة، وهو أمر يقول كثير من اللبنانيين إن سلامة ساعد في تسهيل حدوثه. واعتبر بعض المحللين سياسته لإقراض الحكومة بمثابة "مخطط بونزي".

وقال سلامة الأربعاء "من زمان المنظومة غسلت إيديها مني وأنا أصبحت كبش محرقة"، وأكد في الوقت نفسه أن تدخلاته الأخيرة في سوق المال حالت دون حدوث المزيد من التدهور في سعر صرف الليرة.

وذكر أن كثيرين انزعجوا لبقاء المصرف صامدا، وأن البنك تمكن بمفرده من إدارة الاقتصاد في وقت لم تكن فيه حكومة.

وتابع "لو صحيح بونزي سكيم ما كنا عدينا ثلاث أو أربع سنوات، ما قدرنا نمول القطاع الخاص والقطاع العام، ما قدرنا ندافع عن سمعة لبنان بما يتعلق بالديون الخارجية، كيف هيدي (هذه) بونزي سكيم".

وكشف سلامة أن "هناك رصيداً إيجابيا في الاحتياطي الإلزامي الذي يبلغ 14 مليارا و305 ملايين دولار"، دون احتساب الذهب البالغ حجمه 286 طنا، بحسب بيانات مجلس الذهب العالمي.

وتابع "كذلك، يوجد 9 مليارات و400 مليون دولار مستثمرة في الخارج".

وزاد "أنجزنا كل ما طلب منا من صندوق النقد الدولي، بدءا من التدقيق في موجودات مصرف لبنان، ومرورا بتنفيذ الإصلاح المصرفي، لكن هناك (من الطبقة السياسية) من لا يريد الاتفاق مع الصندوق".

وسلامة متهم رسميا في لبنان وفرنسا وألمانيا باختلاس مئات الملايين من الأموال العامة من المصرف المركزي من خلال تحصيل عمولات كرسوم من مشتري السندات ثم تحويل الأموال إلى شركة فوري أسوسييتس المملوكة لشقيقه.

وجدد سلامة الأربعاء نفي هذه الاتهامات وأكد عدم تحويل أي أموال تخص المصرف المركزي بشكل مباشر أو غير مباشر إلى فوري.

وتحدث عن حملة التسريبات ضده و"ديكتاتورية إعلامية غير طبيعية وهناك خطة واضحة منطلقها محام يزعم أن رياض سلامة أخذ ما بين مليار وملياري دولار فكيف هذا؟ ورفض الإجابة على الأسئلة المتصلة بالتحقيقات وتحديدا بشركة "فوري" .

كما يواجه سلامة نشرات حمراء من الإنتربول على خلفية مذكرات توقيف صادرة في ألمانيا وفرنسا. وتجري تحقيقات بشأنه في ثلاث دول أخرى على الأقل بتهم فساد.