حرب هاشتاغات حول قانون الجرائم الإلكترونية في الأردن

تحول مشروع قانون الجرائم الإلكترونية في الأردن إلى مادة للسجال والتراشق بالاتهامات والانتقادات بين الناشطين عبر الهاشتاغات المتضادة على مواقع التواصل الاجتماعي.
عمان - أشعل مشروع قانون الجرائم الإلكترونية الجديد في الأردن، الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي، وتفاعل الناشطون معه تأييدا ورفضا في حرب هاشتاغات تزداد حدتها تباعا. وأقر مجلس الوزراء الأردني مشروع القانون وأحاله إلى مجلس النواب (البرلمان) قبل أيام، ليثير سجالا وجدلا واسعين في الأوساط الحقوقية والصحافية وحتى السياسية، بسبب ما اعتبره معارضوه أنه ينطوي على تقييد للحريات العامة.
ويتركز الجدل بشأن مشروع قانون الجرائم الإلكترونية حول المواد المتعلقة بالعقوبات على كل من استخدم مواقع التواصل الاجتماعي بقصد إثارة النعرات أو الفتنة أو النيل من الوحدة الوطنية، أو التحريض على الكراهية والعنف والتحقير، والتي تصل عقوبة بعضها إلى الحبس لمدة ثلاث سنوات وغرامات تصل إلى 50 ألف دينار أردني (حوالي 70.5 ألف دولار أميركي).
وذكرت مصادر مطلعة أن مشروع القانون الجديد وضع بشكل عاجل دون فتح حوار وطني قبل عرضه على مجلس النواب. وسبب الجدل حول مشروع القانون هو أن الحكومة لم تعط فرصة لبحثه ودراسته، خصوصا المادة 15 من مشروع القانون، التي وردت فيها عقوبات مغلظة لا تتناسب مع حجم الجرم. وأعطت تلك المادة النيابة العامة الحق في تحريك شكوى دون الحاجة إلى الادعاء بالحق الشخصي.
ودعا العديد من الناشطين إلى ما أسموه عاصفة إلكترونية الأحد، للضغط على الحكومة لسحب القانون، لتنتشر مجموعة من الهاشتاغات المعارضة والمؤيدة للقانون مثل: #اسحبوا_قانون_الجرائم_الإلكترونية. #قانون_الجرائم_الإلكترونية_جريمة. #قانون_الجرائم_الإلكترونية_نعي_للحريات. #قانون_الجرائم_حماية_مجتمعية، #حماية_مجتمعية:
وسخرت مغردة من مشروع القانون قائلة:
كما رفض البعض الغرامة الباهظة التي يفرضها القانون على المخالفين، وقالت مغردة:
وتحول الأمر إلى سجال ونشر معلومات غير دقيقة بثتها بعض الحسابات الاجتماعية، فجاء في إحدى الصفحات:
لترد النائبة تقى المجالي بنفي هذا الخبر جملة وتفصيلا وقالت في تغريدة:
ويخشى أصحاب مواقع إلكترونية أن يُستخدم القانون في حالة إقراره من مجلس النواب “كسيف للحد من حرية الصحافيين في ممارسة عملهم”، بحسب ما قاله نشأت الحلبي، وهو صاحب موقع إخباري محلي. وأكد الحلبي في تصريحات لوكالة أنباء العالم العربي أهمية الحفاظ على السلم المجتمعي من “الشطط الحاصل على مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية”، ووصف ذلك بالضرورة الملحّة، لكنه قال إن تخوفا يسود الأوساط الصحافية من أن ظاهر القانون لا يعكس باطنه.
وأضاف أن “العديد من الصحافيين طالتهم الإساءات على مواقع التواصل الاجتماعي، ولا يختلفون على ضرورة تغليظ العقوبات على المواد الإباحية والمسيئة واستغلال القُصّر والاحتيال الإلكتروني”. لكن العقوبات في مشروع القانون الجديد شملت المواقع الإلكترونية، حيث جرّمت الكثير من الأفعال التي تنطوي على عبارات فضفاضة، مثل الذم والقدح واغتيال الشخصية.
◙ أصحاب مواقع إلكترونية يخشون من أن يُستخدم القانون في حالة إقراره من مجلس النواب “كسيف للحد من حرية الصحافيين في ممارسة عملهم
وقال “ليس من المنطقي كصاحب موقع إخباري أن أراقب تعليقات القرّاء خوفا من العقوبة التي قد تطال الموقع بناء على تعليقات المتصفحين. والصحافيون مع تجويد المادة الإعلامية المنشورة إلكترونيا، لكن دون أن نتحول إلى مراقِبين ومراقَبين بدافع الخوف لا المهنية”.
ويرى المنتقدون أن إقحام مواد متعلقة بحرية الرأي والتعبير وحرية تداول المعلومات والاستثمار الرقمي أخطر ما جاء في مشروع القانون الجديد، لأن هذه الجرائم لا يوجد لها تعريف واضح في القانون.
واعتبرت رولا الحروب، أمين عام حزب العمال الأردني، أن مشروع القانون قد “تجاوز كونه قانونا تقنيا بحتا يتعلق بالقرصنة وإتلاف المعلومات والمواقع الإباحية واستغلال القُصّر، (وتحول) إلى قانون يقيّد الحريات العامة ويشكل خطرا على الحياة السياسية والإعلامية”. وتساءلت “ما معنى اغتيال الشخصية والأخبار الكاذبة ونشر الفتنة؟ كلها عبارات ليست لها تعريفات واضحة في القانون”.
ورأت أن الحكومة تريد أن تحصن نفسها من نقد الناس عبر فرض هذا القانون “وأن تمارس السلطة دون أن يحاسبها أحد”، مؤكدة عزم مؤسسات وأحزاب ومنظمات مجتمع مدني تنظيم وقفات احتجاجية وحملات إلكترونية “لتوعية الرأي العام تجاه خطورة هذا القانون” والمطالبة بسحبه والجلوس على طاولة الحوار للتفاوض بشأن مواده. ويرى المؤيدون للقانون أنه ضرورة لحماية المجتمع من الابتزاز والتشهير والكثير من الممارسات غير القانونية على الشبكات الاجتماعية بسبب عدم وجود قانون رادع.
وعلقت ناشطة:
وكتب ناشط مهاجما المعارضين لمشروع القانون معتبرا أنهم يسعون للفوضى:
وكتب مغرد:
وأكد آخر:
ويرى عضو مجلس النواب الأردني خالد أبوحسان أن الهدف من وضع القانون هو ضرورة وجود مرجعية لحفظ حقوق الناس من الجرائم والمخالفات التي تحدث عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مع تنامي العالم الافتراضي الذي تستخدمه كافة شرائح المجتمع الأردني.
وقال أبوحسان "كان لا بد من وجود قانون للجرائم الإلكترونية، لتغطية الثغرات التي لا تشملها نصوص القوانين الموجودة، ومنها وسائل الدفع الإلكتروني وجمع التبرعات والاستثمار الإلكتروني والشائعات ونقل المعلومات". ونفى أن تكون مواد مشروع القانون تشمل الصحافيين، مؤكدا أن الصحافيين "محصنون" بموجب قانون المطبوعات والنشر.
في المقابل، يرى النائب غازي ذنيبات، رئيس اللجنة القانونية بمجلس النواب، أن هذا القانون “ضرورة ملحة في ظل الفوضى الإلكترونية الموجودة”، ويقول إنه لابد من معالجة الوضع تشريعيا، بحيث تكون العقوبة رادعة وعادلة في نفس الوقت. ويأمل أن يشكل القانون رادعا لمن يتعدى على خصوصيات المواطنين أو يمارس الابتزاز الإلكتروني.
ولا يزال قانون الجرائم الإلكترونية رقم 27 لسنة 2015 معمولا به في الأردن، وينص في المادة 11 منه على أنه "يعاقب كل من قام قصدا بإرسال أو إعادة إرسال أو نشر بيانات أو معلومات عن طريق الشبكة المعلوماتية أو الموقع الإلكتروني تنطوي على ذم أو قدح أو تحقير أي شخص بالحبس مدة لا تقل عن ثلاث سنوات.