قضية "أنستالينغو" تعود إلى الواجهة في تونس

تونس - ألقي القبض على صحافية تونسية بجهة قليبية (شمال شرق) وإيداعها السجن المدني في علاقة بقضية أنستالينغو. ويأتي إيقاف الصحافية شذى بالحاج مبارك إثر إصدار دائرة الاتهام بمحكمة الاستئناف بسوسة لثلاث بطاقات إيداع جوالة (المقصود بها تنفيذها فورا في أي مكان في حق المتهم حال العثور عليه) في حق ثلاثة متهمين ومن بينهم صحافية.
وأورد الأحد المحامي مالك بن عمر، لسان الدفاع عن الصحافية شذى بالحاج مبارك، خبر إيقافها، وهذا ما دوّنه بشأنها "بعد حفظ التهم في حقها من قبل قاضي التحقيق، إيقاف الصحافية شذى بلحاج مبارك تنفيذا لبطاقة إيداع أصدرتها دائرة الاتهام بمحكمة الاستئناف بسوسة في قضية أنستالينغو".
ولا تزال قضية “أنستالينغو” تحظى باهتمام الرأي العام وما زالت تسيل الكثير من الحبر، كيف لا وهي القضية التي أطاحت بقيادات عليا في وزارة الداخلية وشخصيات أمنية معزولة ومدونين، وشمل بحثها التحقيقي رجال أعمال ونائبا في البرلمان المنحل وملحقا سابقا برئاسة الحكومة وقيادات في حزب النهضة.
وأعادت قضية شركة “أنستالينغو” موضوع شركات صناعة المحتوى إلى الواجهة، خاصة تلك التي تحوم حولها شبهات في الإشراف على صفحات فيسبوك، والتي تحترف تشويه أطراف سياسية وإغراق الشبكة بالأخبار الكاذبة وتواجه تهما تصل إلى حد التخابر لفائدة قوى إقليمية وأجنبية.
وكان المساعد الأول لوكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية سوسة 2، أوضح أن “المشتبه بهم تتعلق بهم شبهات ارتكاب ج
رائم تتعلّق بغسيل الأموال، وكان ذلك في إطار وفاق، واستغلال التسهيلات التي خوّلتها خصائص التوظيف والنشاط المهني والاجتماعي، والاعتداء المقصود به تبديل هيئة الدولة، وحمل السكان على مهاجمة بعضهم بعضا، وإثارة الهرج والقتل والسلب بالتراب التونسي، وارتكاب أمر موحش ضد رئيس الدولة، والاعتداء على أمن الدولة الخارجي، وذلك بمحاولة المس من سلامة التراب التونسي طبق أحكام الفصول 61 و67 و72 من المجلة الجزائية، والفصل 94 من القانون عدد 26 لسنة 2015 المتعلق بمكافحة الإرهاب ومنع غسيل الأموال”.
وقال رئيس هيئة الدفاع في قضيّة “أنستالينغو” المحامي مختار الجماعي إنّ هذه القضية “بنيت على ضعف وسائل الإثبات"، وعلى "توجيه غير بريء للأبحاث"، وعلى "إصرار غير مفهوم" على التمسك بالملف، واصفا إياها بقضية "الترويج الإعلامي وتصفية الحسابات".
وأفاد الجماعي، خلال ندوة صحفية انعقدت، بأنّ "أنستالينغو" شركة إعلامية تنتج محتوى متطورا في الحياة التجارية، لها إشعاع دولي يتجاوز ماهو تونسي، موضّحا أنّ القانون التونسي على دراية بالشركات المنتجة والشركات التجارية.
وبخصوص شراكتها مع الكثير من الجهات الأجنبية، أكّد الجماعي أن لـ"أنستالينغو" شراكات أهمّها مع شركة “فينيال ميديا” التي تغطي أنشطة في الكثير من دول العالم، وهي شراكة غير مخفية نظرا لوجود عقد تعاون بين الشركتين منشور وواضح للسلطة الإدارية والقانونية والقضائيّة التونسية، وفق تعبيره، مضيفا أن “أنستالينغو” لا تتعامل مع أنظمة سياسية وإنما مع جهات تجارية وإعلامية وإدارية.
وبالعودة إلى مستجدّات القضيّة، أوضح الجماعي أنّ عملية اقتحام الشركة في شهر سبتمبر 2021، وحجز مختلف التجهيزات وإيقاف العشرات من الصحافيين والإدرايين والتحقيق معهم، "عرفت خروقات إجرائية كبيرة"، حسب تقديره، أهمها عدم إطلاع الموقوفين والمشتبه بهم على المحجوز، وعدم تمكينهم من الاستعانة بمحام بعد إيهامهم بالصبغة الإرهابية للقضية.
كما انتقد ما وصفه بإصرار محكمة سوسة 2 على التمسّك بالملف، بعد أن تم في مرحلة أولى حفظه مؤقتا، وإبقاء جميع المشتبه بهم في حالة سراح، مبيّنا أنّ فريق الدفاع قدّم الكثير من المطالب الوجيهة لسحب الملف جراء الخروقات، لكن كان هناك إصرار بنية “غير واضحة” للتمسك بالملف.
كما أشار إلى أنّ وجود أمنيين في مثل هذه القضايا، يجعلها من حيث التوصيف "قضية مؤامرة"، ويحوّلها من قضيّة حق عام إلى قضية تخصّ أمن الدولة، ليتحول الاختصاص بذلك من القضاء العدلي إلى العسكري، لكن النيابة العمومية لم تتخل عن هذه القضيّة.